شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

تونس .. بين الإجابة والسؤال

تونس .. بين الإجابة والسؤال
"الإجابة تونس" تلك الجملة التى اشتهرت منذ زمن، وزادت شهرتها، فى فترة بعد الثورة، حيث كانت تونس هى...

"الإجابة تونس" تلك الجملة التى اشتهرت منذ زمن، وزادت شهرتها، فى فترة بعد الثورة، حيث كانت تونس هى الشعلة الأولى للربيع العربي بأكمله، فبدأت تونس أولى خطوات حريتها، ومرت أيام الثورة وتلتها البلاد العربية الأخرى: مصر وليبيا وسوريا واليمن، مرت كل دولة من تلك الدول بكبوات بل بانتكاسات قلبت الأمور رأسًا على عقب، وعلى رأسهم مصر، ولكن ظلت تونس متمسكة بأن لا تقع فيما وقعت فيه البلاد العربية، وكانت متمسكة دائمًا بأن تكون هي الإجابة "الإجابة تونس".

ولكن اعتبر البعض أن نتائج الانتخابات التشريعية بتونس بمثابة مؤامرة جديدة تحاك للربيع العربي؛ حيث حلّ الحزب الذي وصفه تونسيون بحزب "الفلول" وهو حزب نداء تونس، بالمرتبة الأولى من حيث عدد المقاعد التي حازها، بينما جاء حزب "النهضة" المحسوب على التيار الإسلامي بتونس فى المرتبة الثانية بفارق أصوات بسيط، بينما اعتبر آخرون أنه صراع طبيعي بين الدولة العميقة والدولة الحالية بعد الثورة.

 

وقال الكاتب والمحلل السياسي التونسي نور الدين المباركي، في قراءة لنتائج الانتخابات: إن «نتائج الانتخابات في تونس – في ملامحها العامة – لم تكن مفاجئة؛ فأحزاب الترويكا التي حكمت بعد انتخابات 23 أكتوبر 2011 تأثرت شعبيتها سلبًا بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وتداعيات العمليات الإرهابية».

وأضاف المباركي أنه يمكن القول إن عملية التصويت في هذه الانتخابات كانت بمثابة العقاب لهذه الأحزاب»، إلا أنه اعتبر أن «حركة النهضة تمكنت من الصمود، مقارنة بحليفيها التكتل وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، بسبب تأثيرها الذي ما زال قائمًا في محافظات الجنوب التونسي، وأيضًا بسبب تنظيمها وانضباط قواعدها.

وحول صعود «نداء تونس»، أشار المباركي إلى ثلاثة أسباب أساسية، وقال: «أولًا – قدرة هذا الحزب على أن يكون إطارًا لجزء من المنتمين سابقًا للتجمع الدستوري الديموقراطي، وليساريين غير منتظمين حزبيًا ونقابيين سابقين. وثانيًا – بوجود شخصية كاريزماتية لمؤسسه "السبسي"، الذي استعاد حضور وخطاب الزعيم والرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة. وثالثًا – تركز خطابه على المحافظة على النمط المجتمعي التونسي".

ومن خلال هذين التحليلين، يشرح المباركي هذين المعطيين بمنطق السبب والنتيجة، ليصل إلى استنتاج أشار فيه إلى أن نتائج الانتخابات أفرزت مشهدًا جيدًا في المجلس النيابي المقبل، يختلف نوعيًا عن خريطة انتخابات المجلس الوطني التأسيسي والمتمثلة أساسًا في حضور «الجبهة الشعبية»، و«التيار الوطني الحر»، و«آفاق تونس».

ويضيف المحلل التونسي، أن النتائج لفتت إلى معطىً آخر مهم على الساحة السياسية، وهو انتقال الأحزاب الحاكمة السابقة إلى المعارضة، إلى جانب شبه اندثار أحزاب أخرى.

 

فيما كتب المفكر والناشط والكاتب السياسي الفلسطيني عزمي بشارة مقالًا علّق  فيه على نتائج الانتخابات التشريعية في تونس قائلاً:"بغض النظر عن النتائج الانتخابية، يمكننا منذ الآن القول، إن تونس عبرت امتحاناتها الأولى في خوض التجربة الديمقراطية بنجاح منقطع النظير".

وتابع: "في العالم الثالث يكفي النظام فخرًا إذا احترم سيادة القانون، وحفظ حقوق الإنسان والمواطن وحرياته المدنية والسياسية. ثمة أساس للقول، إن تونس نجحت في إرساء الأسس لذلك. ولكن ليس هذا فحسب، فقد حققت تعددية سياسية منضبطة، وحافظت عليها كثقافة سياسية. وضمنت ذلك دستوريًّا بتصعيب الأغلبية المطلقة على أي حزب في المجلس التشريعي إلى حد الاستحالة، وذلك للدفع نحو التحالفات بين القوى السياسية في تشكيل الحكومات في المرحلة الانتقالية.

وأضاف "بشارة" وفي هذه الظروف الإقليمية لا يلومنّ أحدٌ التونسيين، أنهم اختاروا الاستقرار بعد أن حازوا الحرية، مؤكدًا أن تحديات مصيرية واجهت هذه الديمقراطية الوليدة، ومهمات تنوء بها الجبال حملها عودها الغض، ولكنها اجتازت الصعاب من دون أن يخفف الإقليم ونماذجه الأخرى من وطئة حملها".

وأكمل: "ثمة مهمات تنموية وسياسية وأمنية كثيرة جدًا في انتظارها؛ ويبقى الحفاظ على الخيار الديمقراطي السياسي والاجتماعي التنموي أهمها، وكذلك إحباط كل من تسول له نفسه التفكير في العودة بها إلى ماضي الاستبداد".

 

وعلق  الكاتب الصحفي توفيق الرباحي  قائلاً: "إن  تونس كانت منذ البداية في 2011 نموذجًا منفردًا تُعلق عليه الآمال، وتُستلهَم منه التجارب الإيجابية، وحافظت على هذا الاستثناء حتى تحوّلت – على الرغم من الكثير من العثرات والمخاوف – إلى النقطة المضيئة الوحيدة وسط ظلام دامس مخيف يلف ما حولها".

وأضاف: "صحيح أن الأنظار اتجهت منذ البداية إلى الانتخابات الرئاسية من منطلق الثقافة السياسية العربية التي لا تنظر إلا لرأس السلطة حتى لو كان غير ذي جدوى، إلا أن الرهان الحقيقي والأهم في تونس هو على ما أفرزته الانتخابات النيابية؛ لأنها معيار لكثير من الفهم، دون إهمال الانتخابات الرئاسية من حيث الرمزية والواقع".

وأكد "رباحي" أن الانتخابات النيابية، وما بعدها، هي التي تحدد الوزن السياسي لكل الحاضرين في الحقل السياسي في البلاد باعتبارها "انتخابات العقل"، إذا افترضنا أن انتخابات المجلس التأسيسي الماضية كانت "انتخابات العاطفة"، بحكم قربها الزمني من الثورة على نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.

لقد عاشت تونس الكثير من المزايدات السياسية والأيديولوجية طيلة السنوات الثلاث الماضية، فكان لا بد من انتخابات تعيد كلًا إلى حجمه الحقيقي.

وأوضح، أن نتائج انتخابات الأحد الماضي هي الأقرب إلى التعبير عن الخارطة السياسية في تونس، وعن أهم توازناتها، من أجل مصلحة تونس واستقرارها وديمومة استثنائها، يجب أن يقر الجميع – إسلاميين كانوا أم علمانيين، يمينيين أو يساريين – بما أفرزته الصناديق من أصوات جرى التعبير عنها في هدوء، وبعيدًا عن أي تزوير أو تلاعب مكشوف.

وعن تَراجعُ حزب النهضة قال "رباحي": "إن تراجع النهضة خطوة مفيدة للنهضة قبل غيرها؛ من جهة سيمنح الإسلاميين فرصة إعادة ترتيب بيتهم، وتجنب ضغوط أخرى داخلية وإقليمية وحتى دولية تحصي خطواتهم الصغيرة والكبيرة، ومن جهة أخرى سيسمح ذلك للآخرين – حتى لو كانوا من بقايا نظام بن علي – بتذوق مسئولية الحكم في ظروف تختلف في صعوبتها عن التي خبروها قبل الثورة".

 



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023