شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

عبدالباري عطوان: مسودة الدستور الروسي لسوريا أكبر من خطر الإرهاب

عبدالباري عطوان: مسودة الدستور الروسي لسوريا أكبر من خطر الإرهاب
نشر الكاتب الصحفي الفلسطيني عبدالباري عطوان مقالا تطرق خلاله لمسودة الدستور الروسي لسوريا معتبرا لقاءات ومفاوضات فيينا وجنيف مجرد كسب للوقت، ونوعا من التضليل على حد قوله.

نشر الكاتب الصحفي الفلسطيني عبدالباري عطوان مقالا تطرق خلاله لمسودة الدستور الروسي لسوريا معتبرا لقاءات ومفاوضات فيينا وجنيف  مجرد كسب للوقت، ونوعا من التضليل على حد قوله.

وأضاف عطوان في مقاله إن ما يقرره وزيرا خارجية روسيا وأميركا في الغرف المغلقة هو بمثابة “خريطة طريق” تحدد مستقبل سورية، وقد يتم فرضها بالقوة في نهاية المطاف.

وتطرق عطوان إلى ما قاله جون كيري وزير الخارجية الاميركي بأن شهر اغسطس المقبل سيكون بداية تطبيق لمرحلة الحكم الانتقالي، قائلا” ليس صدفة أن يتم اختيار صحيفة لبنانية، مقربة من سورية وحزب الله، لتكون أحد المنابر لتسريب مسودة دستور جديد تضعه موسكو بالتنسيق مع واشنطن”.

وتابع “هذه المسودة تكرس تسريبات أميركية روسية سابقة حول نزع معظم صلاحيات الرئيس السوري التشريعية والتنفيذية، وتغيير هوية سورية العربية، وتحويلها إلى دولة فيدرالية يتم رسم حدودها وفق الاعتبارات العرقية والطائفية، وعزلها كليا عن المحيط العربي، والنص حرفيا على عدم انخراط جيشها في أي حروب مستقبلية خارج الأراضي السورية، في إشارة إلى إسرائيل”.

وحول  مسودة الدستور الروسي لسوريا وضع عطوان عدة نقاط أساسية لدراسة بنودها والهدف من تسريبها في هذا الوقت وهي:

أولا: تغيير المادة الأولى من دستور عام 2012 بالإشارة إلى سورية بالقول إنها الجمهورية السورية، بدلا من الجمهورية العربية السورية، أي إسقاط صفة العروبة وهويتها عنها.

ثانيا: إسقاط المادة الثالثة التي تقول إن دين الدولة هو الإسلام، وإن الفقه الإسلامي هو مصدر رئيسي للتشريع، أي اأ تكون سورية الجديدة بدون أي هوية دينية محددة.

ثالثا: المساواة بالكامل بين اللغتين العربية والكردية كلغتين رسميتين للدولة، بغض النظر عن نسبة الاكراد في هذه الدولة بالمقارنة للعدد الاجمالي للسكان، وهذا لا يعني المساواة في اللغة وانما في الشراكة الترابية والسياسية أيضا، ربما كمقدمة للانفصال التدريجي لاحقا، فلعب القوات الكردية الدور الأبرز في “تحرير” الرقة والموصل لن يكون دون ثمن.

رابعا: اعتماد اللامركزية كأساس لنظام الحكم، وإعطاء صلاحيات واسعة لبرلمانات المناطق، التي جرى إطلاق صفة “إدارات المناطق” عليها.

خامسا: إلغاء صيغة مجلس الشعب، واستبدالها بصيغة “جمعية الشعب” وهي تسمية غريبة وغير مسبوقة، تذكر بتسميات مماثلة مثل الجمعيات الخيرية، والجمعيات التعاونية (بقالات) والجمعيات والروابط الطلابية، أي أنه لن يكون هناك شعب، وانما شعوب سورية.

سادسا: أن تكون مسؤولية الرئيس “مهمة الوساطة” بين الدولة والمجتمع، وبدون أي سلطات تشريعية، وحصر سلطاته التنفيذية بشرط التشاور مع البرلمانات أو الجمعيات المناطقية.

سابعا: “جمعية الشعب”، مجلس الشعب سابقا، هي التي تعين أعضاء المحكمة الدستورية، ورئيس المصرف الوطني (المركزي سابقا) وتتولى “جمعية الشعب” إلى جانب “جمعية المناطق” السلطة التشريعية في البلاد، اصالة عن الشعب السوري، واسقاط كل صلاحيات الرئيس في هذا المضمار.

ثامنا: تخضع القوات المسلحة للرئيس الذي سيتولى منصب القائد الاعلى، ويحق له في حال العدوان إعلان حالة الطوارئ وإعلان التعبئة العامة، ولكن بعد الموافقة المسبقة لـ”جمعية المناطق” أي الادارات المحلية ذات الطابعين الطائفي والعرقي.

تاسعا: تعيين مناصب نواب رئيس الوزراء والوزراء، يجب ان يكون تمسكا بالتمثيل النسبي لجميع الأطياف الطائفية والقومية لسكان سورية، وتُحجز بعض المناصب للأقليات القومية والطائفية، بمعنى آخر تكريس المحاصصة الطائفية.

عاشرا: يُحرم تنظيم أي أعمال عسكرية، أو ذات طابع عسكري خارج مناطق سلطة الدولة، على ان ينحصر دور الجيش في الدفاع عن سلامة ارض الوطن وسيادته الاقليمية فقط.

أحد عشر: التأكد على الاقتصاد الحر، وحرية النشاط الاقتصادي، والالتزام بمعايير السوق، أي إلغاء جميع المعايير الاشتراكية، بما في ذلك دعم السلع الاساسية، وتحديد الاسعار، ورفع اي حماية للمواطن الفقير امام التغول الرأسمالي.

وعاد الكاتب الصحفي الفلسطيني للحدث في مقاله عن مسودة الدستور الروسية، بقوله “ندرك جيدا ان مسودة الدستور الروسية هذه مجرد صيغة قابلة للنقاش والتعديل، ولكنها بمثابة “بالون اختبار” ايضا لرصد ردود الفعل، وامتصاص عنصر المفاجأة لدى المتلقي السوري، وتعويد الرأي العام عليها، والتطبع مع عنصر التغيير الجذري الذي تتضمنه معظم بنودها، ومن هنا، في رأينا، تكمن خطورتها، والهدف من تسريبها في هذا الوقت بالذات”.

ولفت ان معظم هذه البنود تتمحور حول هدف اساسي متفق عليه بين القوتين العظميين، هو تكريس مبدأ المحاصصة الطائفية والعرقية، والغاء الهوية الوطنية السورية الجامعة الموحدة، واستبدالها بهويات طائفية عرقية، وفك ارتباط سورية كليا بالهويتين العربية والاسلامية، وتحريم اي دور لها في مواجهة المشروع الاسرائيلي العنصري الاحتلالي في فلسطين وسورية ولبنان، فالجيش السوري هو للدفاع عن الدولة السورية، وما هو داخل حدودها فقط، وممنوع عليه القيام بأي تحرك او لعب اي دور خارج الحدود.

وحول وضع داعش وجبهة النصرة  على قوائم الارهاب، بين عطوان أن الهدف منه هو ازالة كل العقبات في طريق هذا المخطط، او السيناريو المعتمد اميركيا وروسيا.

واستطرد: السيناريو المرسوم لـ”سورية الجديدة” هو نفسه الذي جرى تطبيقه لاقامة “العراق الجديد”، نفس التقسيمات، والمحاصصات الطائفية والعرقية، وفك ارتباط العراق مع العرب والقضية الفلسطينية، وتحويله إلى عراق ضعيف، مفكك، متقاتل، وغير مستقر، ودون اي هوية وطنية جامعة موحدة.

وأكمل الكاتب الصحفي الفلسطيني أن هذه الصيغة الدستورية، وسواء كانت صيغة أولية أو نهائية، تشكل خطرا على سورية اكبر من خطر الإرهاب، لانها اذا ما جرى اتباعها ستكون “تشريعا” لمخططات التفتيت والتقسيم، وما علينا الا النظر الى اوضاع العراق وليبيا واليمن لنتعرف على مكامن هذا الخطر وتداعياته اذا ما جرى تطبيقه وانجاحه.

 واختتم مقاله قائلا “عندما قلنا إن سورية بعد ليبيا والعراق على مشرحة التقسيم والتفتيت، سخر منا البعض المخدوع ببعض الطروحات الأميركية والعربية، المدعومة بمليارات الدولارات، وآلة اعلامية جبارة، وها هي الوقائع على الارض تميط اللثام عن هذه المخططات في وضح النهار متمنيا سماع رأي السوريين في السلطة والمعارضة حول هذه الطبخة، والا فإننا سنعتبر الصمت يعني الموافقة، وهذا في حد ذاته صادما ومخيبا للآمال، بالنسبة الينا على الاقل.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023