يُصرّ النظام المصري وأتباعه على ترديد عبارة تحيا مصر في كل مناسبة، وكأنّه النظام الوحيد القادر على أن تستمر مصر في الوجود.
هذا ما نقله «تسفي برئيل»، محلل الشؤون العربية في صحيفة «هآرتس»؛ إذ يرى أنّ الحرب على حرية الرأي في مصر ليست جديدة، بالإضافة إلى أننا وصلنا في عهد عبدالفتاح السيسي إلى اعتبار حقوق الإنسان خيانة؛ وبهذا يصبح الوطنيون فقط الموافقين على أيّ قرار للنظام!
واتخذ الموالون للنظام، سواء من الإعلام أو الأشخاص العاديين، منهجًا مضادًا لأيّ منظمة حقوقية؛ على اعتبار أنها تنفّذ مؤامرات دولية وتتقاضى تمويلًا أجنبيًا يضر بالدولة والنظام.
وعبّر «تسفي برئيل» في مقاله عن أنّ الوطنية في مفهومها العام تعدّ حفاظًا على ما تملكه الدولة، وخصوصًا أرضها، وأخلّت الحكومة المصرية بهذه الصفة حين تنازلت عن جزيرتي تيران وصنافير، وظهر بعد ذلك أتباع النظام ليروجوا بأنّ الوطنية تعني الولاء لقرارات الدولة فقط، أما الذين تظاهروا ضد تسليم الجزيرتين فتمسكوا بالمبدأ القديم للوطنية، واُعتقلوا وسجنوا، ووصفهم الإعلام المصري بمن فضّلوا مصالحهم الشخصية على مصالح الأمة!
أما الليبرالية فكان لها نصيب أيضًا من التغيير؛ لتصبح خلع الحجاب من على رؤوس النساء، وهو عكس الليبرالية الحقيقية، وحتى «الربيع العربي» أصبح له راع جديد؛ ووصل الأمر إلى أن تُنسب ثورة يناير إلى حسني مبارك، وروّجت منصات إعلامية إلى أنه قدّم الدعم للمتظاهرين.
وأصبحت الحرب على حرية الرأي في الأربع سنوات الأخيرة منهجًا استراتيجيًا؛ فالتمييز بين مؤيدي النظام وأعدائه وبين الموالين للسياسة ومعارضيها يتزايد ويتخذ وضعًا رسميًا في القوانين التي يسنّها البرلمان ومشاريع القوانين التي تنتظر الموافقة عليها، كمشروع القرار الذي يحظر نشر معلومات تخص المسائل العسكرية والأمنية دون موافقة مسبقة من هيئة الأركان المصرية أو المفوّض من قبلها.
ورأى محلل هآرتس أنّ الصحف في مصر تتمسك برقابة ذاتية، كما طُلب منها. لكن، مؤخرًا، تلقت الخارجية المصرية أيضًا درسًا في حدود حرية الرأي؛ حتى إنّ مثقفي مصر بدؤوا في الاختفاء وقلّ ظهورهم وإدلاؤهم بآرائهم؛ خوفًا من مطاردتهم وأن ينتهي الأمر بهم خارج البلاد.