دائمًا ما تراهم جالسين على الأرصفة والطرقات أو بجوار إشارات المرور ، وأمام أبواب المساجد والمطاعم والمحلات الشهيرة ، يرتدون ملابس رثة ، يبدو عليهم الضعف والحاجة بعضهم يستحق الصدقة والإحسان والبعض الآخر يستخدم التسول كوظيفة فى النصب والاحتيال على المواطنين ليجنى بها مبالغ هائلة ، يستخدمون أساليب وحيل مختلفة لاستدراج عطف المارة ، أطفال و سيدات و رجال وربما أسر كاملة مهنتهم هى" التـسـول " فأصبحت أسرع مهنة للثراء.
ظاهرة التسول اجتاحت محافظة الدقهلية ، يرتادها المتسولون من قرى المحافظات المجاورة ، تطورت وتعددت الأساليب والهدف واحد ؛ فتجد بعض المعاقين ، أو من يصطنع الإعاقة ، ومن تتخفى بالنقاب وتصطحب معها طفلًا مريضًا ،أو من يؤكد أنه فقد أمواله وهو غريب عن المحافظة ويحتاج أموالًا للعودة لبلده، أو من يستغل الأطفال الصغار في هذه المهنة ، وبمفردات معتادة " ربنا لا يرميك فى ضيقة " ، " أمي مريضة وبربى فى يتامى " ، وغيرها من الحيل والأساليب التي أثارت استياء المواطنين من هذه الظاهرة.
المتسولون …الفقر يدفعنا
ندى 9 سنوات ، تمسح زجاج السيارات ، وتبيع مناديل ، وأحيانًا تحمل طفلة لا تتعدى العامين ، وتستجدي المارة وتركض خلفهم بإلحاح لمساعدتها، وتعود إلى المنزل فى نهاية اليوم عند جدتها الكفيفة والتى تعمل نفس مهنتها، مؤكدة أنها ليس لديها بديل لتوفير الأموال.
أما عادل مصطفى شاب فى 24 من العمر، غير متعلم، يبيع مناديل بالشارع ، يقول"أنا بسرح بمناديل علشان علشان أصرف على أمى المريضة بالغضروف واخواتى ، وبطلع باليومية بـ 50 جنية".
أما سامى رضا (17 عامًا) يقول :"ابويا وأمى مطلقين ، وأبويا ولا بيصرف علينا ولا نعرف عنه حاجة ، أنا ببيع مناديل وبمسح عربيات وأطلع فى اليوم بأى فلوس يدوب يمشوا أمى".
مواطنون .. الكذب هو سبب البلاء
تقول منى عبد الفتاح : " ان أساليب المتسولين أصبحت مكشوفة ومعروفة ، كثيراً ما تتردد علينا فى وسائل المواصلات والشارع ونعلم بكذبهم فالبعض يمارسها كمهنة ، والبعض الأخر يكون فى حاجة إلى المساعدة فعلاً ، فى كلتا الحالتين ،فهم ينجحون فى استعطاف الناس و الحصول على الأموال ".
بينما يقول أبو سعد : " فى ظل الغلاء الذى نعيشه وهو فى تزايد مستمر لا نعرف متى سينتهى، تنتشهر حالات التسول بازدياد فى جميع أنحاء الجمهورية ، وإذا كان هؤلاء المتسولون لهم دخل كافى ومصدر عيش مناسب لما لجأوا إلى هذه الحيل ذنبهم فى عنق الحكومة ".
المشاريع الإنتاجية هى الحل
الدكتورة نعيمة منصور ، دكتورة علم الاجتماع بكلية الأداب بجامعة المنصورة ، ترى أن من أهم أسباب ظاهرة التسول فى الشارع الظروف الاقتصادية والاجتماعية وانتشار العنف، وعدم توفر فرص عمل ، بالإضافة للجهل والبطالة ، وكذلك التفكك الأسرى والتسرب من التعليم . وهناك أنواع من المتسولين منهم من يخرج ليتسول ويعود إلى منزله وأسرته ، والنوع الثانى هو من يستقر بالشارع .
وأضافت منصور أن الحلول تكمن فى تبنى المشروعات الإنتاجية و توظيفهم بحيث يكونوا فى مشروع إنتاجى أو توفير مراكز إيواء ، بالإضافة لتكاتف الأجهزة الحكومية بالوزارات المختصة فى وضع خريطة لرصد هذة والظاهرة ووضع خطة زمنية وتنفيذها للقضاء عليها .
معدلات الفقر فى ازدياد
يذكر أن آخر إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ، أعلن عن وجود 40 مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر، و 3.6 مليون عاطل ، ومعدلات الفقر فى ريف الصعيد زادت عن 50% .
وفى إحصائية أخرى عن نسبة البطالة فى مصر ، بلغت نحو 3.6 مليون عاطل يمثلون 13.4 بالمئة من قوة العمل مقابل 3.4 مليون في نهاية 2012 مثلوا 12.7 بالمئة من قوة العمل .
وأضاف البيان إن معدل البطالة ارتفع في خلال الربع الرابع من 2013 مقارنة بالربع الثالث بنحو 0.5 بالمئة بعد زيادة قدرها 17 ألفا في عدد العاطلين .
ويأتى السؤال هل تحول التسول إلى مهنة ؟!