مع انطلاق ثورات الربيع العربي التي تحولت إلى مواجهات مسلحة دامية تزايدت أعداد اللاجئين في مصر بشكل ملحوظ باعتبار أن مصر قبلة للجميع, بالطبع من حق أي مواطن عربي ومسلم اللجوء إلى مصر, ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: ما التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والصحية لهؤلاء اللاجئين؟.
تضم مصر العديد من العرب كلاجئي حرب وعلى رأسهم الإخوة الفلسطينيين منذ اندلاع الحرب عام 1948 وحتى الآن وكذلك العديد من السوريين واليمنيين والسودانيين بل والليبيين الذين فروا من ويلات الحرب بين الثوار وميليشيات العقيد الراحل معمر القذافي مما جعل مصر تتحول إلى جامعة الدول العربية, ولكن لذلك تبعات كثيرة؛ حيث يأتي أولئك المساكين ليعيشوا في خيام ما يعد تكدسا سكانيا, كما أنهم يتسببون في رفع الأسعار بمجرد وصولهم فضلا عن انتشار بعض الأمراض والأوبئة الخطيرة بينهم, وأيضا تغيير في الأنماط الثقافية والاجتماعية.
وكانت المفوضية السامية لشئون اللاجئين أعلنت أن عدد اللاجئين وطالبي اللجوء المسجلين في مصر حاليا يبلغ 44.57 ألفا.
وأوضحت المفوضية في بيان لها أن السودان يحتل النصيب الأكبر في هذا العدد بنسبة تناهز 56%؛ حيث يبلغ عدد اللاجئين السودانيين نحو 25 ألفا، يليهم العراقيون بنسبة 27% وعددهم 7469 لاجئا وطالب لجوء، ثم الصومال بنسبة 16%، ثم إريتريا وإثيوبيا وجنسيات أخرى.
وأشار التقرير إلى أن عدد الأطفال اللاجئين وطالبي اللجوء ممن هم في سن الدراسة المسجلين لدى المفوضية في مصر حتى نهاية أغسطس 2011 يبلغ 10.74 ألف طفل.
وقال التقرير: إن ميزانية عمليات المفوضية السامية لشئون اللاجئين خلال عام 2011 بلغ 14.39 مليون دولار؛ حيث تم تخصيص مبلغ 9.08 ملايين دولار منحة للاجئين وطالبي اللجوء في مصر، و5.26 ملايين لميزانية طوارئ خاصة بليبيا.
اللاجئون الفلسطينيون
تركز الفلسطينيون في محافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية، وبوجه الخصوص في محافظة القاهرة التي تستقطب أكثر من نصف مجموع الفلسطينيين في مصر «52%». أما الجيزة فتستقطب 7%، فيما بقي في سيناء زهاء 25 ألف فلسطيني، وتجمع في الوادي حوالي 43 ألفا، وبهذا يصبح ترتيب التجمع الفلسطيني في مصر السادس من حيث الأهمية العددية للفلسطينيين خارج وطنهم المحتل بجزأيه «أراضي 1948 والضفة والقطاع».
وفي مطلع سنة 1984، صدر قانون تنمية موارد الدولة الذي اعتبر الفلسطينيين أجانب، وفرضت وزارة الداخلية المصرية على الإقامة السنوية لكل فلسطيني رسما قدره 42,5 جنيهات مصرية. بينما لا تتعدى نسبة القادرين 2% من مجموع الفلسطينيين في مصر.
فيما على الفلسطينيين الوافدين إلى مصر والراغبين في الإقامة فيها أن يحولوا 180 دولارا عن كل فرد شهريا، عدا ما أصبح الفلسطيني يتعرض إليه من مضايقات في المنافذ المصرية في مقدمتها إهماله، وتركه ينتظر ساعات طوالا قبل أن يسمح له بالدخول، رغم حمله تأشيرة دخول مسبقة, أما القادمون من فلسطين المحتلة، فتواجههم مشكلة عند قدومهم؛ حيث يتم احتجازهم أحيانا بمنطقة رفح لمدة لا تقل عن 36 ساعة، قبل السماح لهم بدخول مصر، رغم أنهم يحملون موافقات مسبقة للدخول, وفرضت مصر منذ صيف 1994 قيودا قاسية تحد من دخول أبناء غزة إلى مصر إلا في حالات إنسانية وبعد تنسيق مسبق مع السلطات.
اللاجئون السودانيون
والذين تركزوا في منطقة الكيلو 4.5 بمدينة نصر وهم أشد اللاجئين معاناة في مصر؛ حيث تتركز مشاكلهم في المشكلات المادية التي تؤدي إلى الانهيارات الأسرية الكثيرة بينهم كذلك مشكلات التبشير فكثير من السودانيين جاءوا إلى مصر يحملون أسماء مسلمة وسرعان ما تغيرت أسماؤهم, وذلك بسبب أن المدارس التابعة للكنائس هي الوحيدة التي تستقبل أبناءهم وتقوم بمساعدتهم هذا بالإضافة إلى انتشار الكثير من الأمراض الغريبة عن المجتمع المصري وانتشار البطالة بينهم مما يعرضهم لمضايقات كثيرة من قبل الجهات الأمنية.
اليمنيون
بالإضافة إلى ذلك فإن النازحين اليمنيين والذين تمركزوا في منطقة الدقي بأعداد كبيرة والذين هربوا أيضا من ويلات الحرب ولكن مشكلات اليمنيين ليست مشكلات اقتصادية بالدرجة الأولى ولكنها مشكلات تتعلق بالفكر والثقافة أكثر.
اللاجئون السوريون
كانت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشئون اللاجئين قد أعلنت أن عدد اللاجئين الوافدين إلى مصر والمسجلين في قيود المفوضية بلغ منذ أكتوبر العام الماضي وحتى اليوم 3767 لاجئا، لكنها تتوقع أن العدد الإجمالي لهم في مصر تجاوز الـ40 ألفا بين مسجلين وغير مسجلين، وذلك بسبب نقص التواصل أو لأسباب أخرى تتعلق بهم.
ومعظم اللاجئين يتمركزون في مدن 6 أكتوبر خارج القاهرة، ومنطقتي الهرم، وفيصل، ومدينة العبور، ومدينة نصر، والرحاب، بالإضافة لمجموعة أخرى بالإسكندرية.
ويعاني السوريون من مشكلات البطالة التي انتشرت بينهم وسوء التنظيم الناجم عن تشتتهم كذلك يحاول العديد من المصريين توفير سكن لبعض الأسر السورية وتوفير مساعدات لهم.
اللاجئون الليبيون
يذكر أن هناك حوالي 118 ألف أسرة ليبية قد عبرت الحدود عبر منفذ السلوم هربا من ويلات الحرب لم يعد منهم الكثيرون إلى ليبيا بعد استقرار الأوضاع وفضلوا التواجد في مصر وهم لا يعانون من مشكلات؛ لأنهم أتوا ومعهم أموالهم كما أن معظم الليبيين لديهم أهالي وقرابات داخل مصر ولديهم أيضا أعمالهم المرتبطة بالجانب المصري وهو ما ساعدهم على الاستقرار في مصر سريعا.
وتركزت جموع الليبيين الفارين من ليبيا في مدينة الإسكندرية وبعد المحافظات في الصعيد وخاصة تلك التي تربطها علاقات قبلية بقبائل ليبية أو بنظام القذافي مثل محافظة المنيا والتي كان يقام بها احتفال سنويا يحضره العقيد الراحل معمر القذافي, وقد حدثت مشكلات في بداية وصول الليبيين إلى مصر نظرا لاندفاع بعض الشباب الليبي في تصرفاته مما جعل الأهالي يتصدون لهم وفي بعض المناطق مثل الإسكندرية قاموا بطردهم من بعض الأماكن نظرا لسوء تصرفاتهم.