"في دولة قامت ثورة من أجل الاقتصاد لا أتخيل أنه لا يوجد أي مستشار اقتصادي".. كان هذا تعجب كبير للخبير الاقتصادي ونائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، محسن عادل، الذي كان لشبكة "رصد" الإخبارية الحوار التالي معه حول العديد من المشاكل الاقتصادية في مصر في الفترة الحالية.
يقول محسن عادل: "تخيلت انه سيتم إنشاء مجلس اعلي للمشاكل الاقتصادية تضم العديد من مراكز الأعمال والاستثمار المصرية وجمعيات رجال الأعمال وخبراء اقتصاد وان يكون هذا المجلس مختص بدراسة جميع المشاكل الاقتصادية ومناقشتها والتوصل إلي حلول واقعيه وعمليه فيها".
فأزمة كأزمة الدين العام والتي تعد قنبلة موقوتة ولا يوجد لدينا أي حلول تقليديه لها لو وجد هذا المجلس لتمت دراستها بالشكل المناسب وسرعة التوصل إلي حلول فيها .
ويري عادل إننا في حاجه إلي إعادة هيكلة الدين العام وخفضه خلال مدة لا تتجاوز الخمس سنوات إلي 51% حتى نصل إلي حد الأمان فنحن لدينا حد أمان للدين الخارجي أما الدين المحلي فتكلفته السنوية علي الدولة تصل إلي 130مليار وعجز الموازنة يصل إلي 170مليار منهم 130مليار تكلفة أعباء خدمة دين وبالتالي لو تم تقليل المبلغ سيقل عجز الموازنة .
مصر بحاجه ماسة للقرض
وحول القرض الذي تسعي مصر للحصول عليه من صندوق النقد الدولي يشير عادل إلى أن مصر بالفعل في حاجه ماسه إلى القرض لعدة أسباب في مقدمتها انه يقوم بتوفير السيولة المالية بشكل عاجل كما أنه يأتي بفائدة منخفضة تقدر ب 1.1% مما يوفر علي الحكومة الاقتراض بفائدة 15او16% مما يعني خفض تكلفة الإقراض علي الدولة وبالتالي خفض عجز الموازنة بمشاكلها وهو ما يجعل القطاع الخاص يوجه ألسيوله التي يمتلكها لإنشاء المشاريع بعكس ما يحدث الآن وهو أن هذه السيولة توجه كلها للحكومة .
كما أن القرض يعطي ضمان من اكبر مؤسسة ماليه عالميه بان برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي وضعته مصر هو بمثابة شهادة علي كفاءة هذا البرنامج وهذا يحفز الكثير من المستثمرين الأجانب علي ضخ استثماراتهم بمصر مرة أخرى.
بالإضافة إلى أنه يعلي من التصنيف الائتماني لمصر بعد خفضه خلال الفترة الماضية وهو ما منع مصر من طرح سندات عالميه وقلل من فرص اقتراض الحكومة من البنوك الخارجية واحدث مشكله البنزين لأنه بعد خفض التصنيف اشترط الموردين أن تقوم الحكومة بالدفع كاش وفي ظل ظروف اقتصاديه صعبه كان من الصعب أحيانا توفير المبالغ المالية الكبيرة ومما تسبب في تلك الأزمة.
انهيار البورصة منذ الثورة
ويقول الخبير الاقتصادي إن مرحلة انهيار البورصة المصرية بنسبة 48% أيام الثورة والاضطرابات التي شهدتها البورصة المصرية طوال فترة العام ونصف الماضيين يعرف بمرحلة طرد الاستثمار لأنه نتيجة المخاوف قام المتعاملين الأجانب بالخروج من السوق وسحبوا مبلغ كبير من أموالهم وهو ما أثر على أسعار صرف العملات والاستثمارات الأجنبية بداخل مصر
واثر أيضا علي الطروحات التي كانت تقدمها الحكومة في أذون الخزانة لان التدفقات التي كانت تأتي للدولة من خلال سوق المال لم تعد موجودة وقلل فرص العمل الجديدة التي كانت من الممكن أن تظل موجودة لو ظل السوق نشط وقلل فرص النمو الخاص بالشركات مما قلل من أرباحها وقلل الضرائب التي تأخذها الحكومة.
وقلل من توزيعات الأرباح التي تقدمها الشركة كل عام لمساهميها وبالتالي يقلل المدخولات للمواطنين وأضاع جزء من الاستثمارات والمدخرات الخاصة بصغار وكبار المستثمرين مما تسبب في ضغط مالي عليهم بل إفلاس بعض صغار المتعاملين خاصة الذي لم يكن لهم رشادة في اتخاذ القرار الاستثماري .
لذلك نحن في حاجه إلى نشر ثقافة الاستثمار في مستويات تعليمية اقل وان تدرس المفاهيم الخاصة بالبورصة وسوق المال والتمويل التأجيري والتمويل العقاري والتامين وغيرها من المفاهيم المتعلقة بالاقتصاد من مراحل سابقة للتعليم الجامعي كما هو الآن وهذا يكون بتبني سياسة تعليمية واضحة من الدولة .
مشاكل المستثمرين
ويضيف عادل أنه من المشاكل التي يواجهها المستثمرون في سوق المال هي نقص المعلومات مع توافرها ولكن المستثمر يواجه صعوبة في الوصول إليها ولمواجهة ذلك تم الاتفاق علي زيادة الأدوات الإفصاحية داخل البورصة وان تكون كل شركة مدرجة لها موقع الكتروني خاص بها وبميزانيتها وبقواعد ملكيتها .
وهناك ضوابط أخرى أقرتها هيئة سوق المال لحماية المستثمرين المتداولين الكترونيا بان يتم السماح لهم بالتداول الالكتروني من خلال الدخول ببصمة العين أو بالتوقيع الالكتروني.
الدور المنتظر من الحكومة
ويشير عادل إلى أن الحكومة الجديدة لم تتقدم إلا في المفاوضات التي تجريها بشكل موسع مع صندوق النقد .
ويري عادل أن الحكومة في حاجه لأربعة حلول للمشاكل ألاقتصاديه التي نواجهها وهي وضع برنامج قصير الأجل ومتوسط الأجل القصير للإنعاش الاقتصادي والمتوسط للتطوير الاقتصادي وان يسكون بتوافق مجتمعي وان نطور ما يطلق عليه الخريطة الاستثمارية المصرية
وان نحدد المجالات التي نريد تحقيق تنميه فيها لان استهداف النمو غير التنمية فنحن لدينا الآن استثمارات سعودية وقطرية وتركية في مجالات عديدة بتروكيماويات وخدمات ماليه وعقارات وتوزيع فهل هذه المجالات هي المطلوبة بالتحديد
فاستهداف النمو كان موجود قبل الثورة بنسب تصل إلى 5% ولم يكن المواطن يشعر بأي تغير لان النمو شيء وتوزيعه علي الناس شيء آخر فالنمو يحل مشكلات على المدى القصير وبالتالي نحن الآن في حاجه لزيادة معدلات التنمية
كما أننا في حاجه لتغيير سياسة الضرائب في مصر لأنها سياسة جبائية تقتصر علي قيام الحكومة بجمع مبالغ ماليه معينه وتوجيهها للجهاز الإداري المتضخم مما يجعل نسبة الاستفادة من الضرائب اقل من المتوقع .
قانون موحد وخريطة استثماريه
ويؤكد عادل أننا في حاجه إلى قانون الشركات الموحد حتى نقلل جزء كبير من وقت عمليات تأسيس الشركات ففي دبي يتم تأسيس الشركة خلال 48 ساعة «الوطنية للملاحة الجوية» تبدأ تطوير أنظمتها الرادارية عه في انجلترا 4أيام في مصر بعد التعديلات علي بعض القوانين صار 17 يوما وبالتالي فان هذا القانون يقلل من الضغوط علي الشركات .
ويستطرد عادل في أن الخريطة الاستثمارية التي تحتاجها الحكومة في الوقت الحالي تتمثل في دراسة القطاعات التي تحتاج إلى تطوير وزيادة استثمارات وتحديد خطتنا خلال العشر سنوات القادمة وحل مشاكل الكثافة السكانية والمرور وشبكة الطرق المتداعية ومنطقة قناة السويس وتطوير سيناء .
ومن المشاكل الخطيرة التي لابد من وجود حلول عاجله لها هي المنازعات مع مستثمرين أجانب وعرب ومصريين هذا النوع من المشاكل لابد أن يحل بشكل سريع لأنها مطروحة امام محاكم دوليه وفي الغالب يحصل المستثمر على تعويضات كبيرة وفي حالة وجود لجان واضحة للتصالح مع المستثمرين وان تكون هذه اللجنة مشكله من لجنة الشعب حتى لا تفقد هذه المشاريع المناخ الاستثماري الجيد.
السوق المصري واعد
ويختتم عادل قوله بأنه بالرغم من كل المشاكل ألاقتصاديه التي نواجهها إلا أن السوق المصري سوق واعد وقوي لأنه سوق يضم مصر حوالي90مليون مستهلك ووسط منطقة عربية تضم حوالي350مليون مستهلك ووسط منطقة شرق أوسطية افريقية بها أكثر من مليار مستهلك.