في تصريح قد يكون مفاجئا للبعض قال عبد الفتاح السيسي إنه ليس في سباق على الشعبية معترفا بتراجع شعبيته لدى المجتمع المصري رافضا المقارنة بين عهده وعهد المخلوع مبارك.

جاء ذلك في حوار أجرته معه صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية الثلاثاء ٢٠ من ديسمبر في إجابة عما اذا كان يرى أن شعبيته في تراجع أم لا.

وكانت مصر قد شهدت عدة استحقاقات انتخابية عقب الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في يوليو 2013 ، ومع أول استحقاق وهو الاستفتاء على الدستور في ٢٠١٤ والذي شارك فيه ٣٨٪‏ من المستحق لهم المشاركة .

وأيد الدستور منهم 98.1% بينما رفضه 1.9% وذلك وفقًا للجنة المنظمة للاستفتاء.

ثم كان الاستحقاق الثاني وهو الانتخابات الرئاسية التي تنافس فيها عبد الفتاح السيسي والمرشح حمدين صباحي وكانت نسبة المشاركة فيها ٤٧.٤٥ ٪‏ من إجمالي مستحقي التصويت.

وجاء الاستحقاق الثالث الذي قدرت نسبة المشاركة فيها بـ ٢٦ ٪‏ من إجمالي مستحقي التصويت.

ويعتبر العديد من المراقبين أن نسبة مشاركة الشعب في الاستحقاقات الانتخابية بعد الثالث من يوليو هي بمثابة استفتاء على شعبية السيسي نفسه حيث يُنظر إليه أنه يقود عملية سياسية أنقذت مصر من حكم الإخوان المسلمين كما يرى أنصاره.

فماذا تعني الشعبية بالنسبة للسيسي وهل يراقب منحنى شعبيته بنفسه؟

تجاوز مسألة الشعبية

ويرى الدكتور منير السياج ( نائب مدير مركز المراقب العربي لحقوق الإنسان- المغرب) إن السيسي عندما يقر بأن شعبيته في تراجع فإنه يثبت أن مسألة الشعبية لم تعد مهمة بالنسبة له حيث ينفرد بالسلطة دون منافسة من أحد معتمدا على أجهزته المخابراتية والأمنية التي تساعده في البقاء بالسلطة بقوة السلاح والتهم المعلبة الجاهزة لكل من يفكر في المعارضة.

وقال لـ”رصد”: “إن الحديث عن الشعبية وأهميتها يكون في ظل أجواء من الديمقراطية والحريات على عكس ما تعيشه مصر” على حد قوله.

سوء أداء الحكومة

وفى هذا الصدد، قال الدكتور طارق فهمى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن السبب الرئيسى وراء انخفاض أداء عبدالفتاح السيسى يرجع إلى سوء أداء الحكومة فى بعض القطاعات، مما ينعكس سلبيا على أداء السيسي.

وأكد فهمى، أن الفترة الأخيرة شهدت إهمالا كبيرا من الحكومة في قضايا عديدة ومن ضمنها “ارتفاع فى الأسعار، وعدم اهتمام الحكومة بتوجهات الشباب، وعدم إتاحة فرص العمل لهم، بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية التى تمر بها الدولة، موضحا أن كل تلك العوامل تعد أسبابا رئيسية أدت إلى انخفاض شعبية السيسي.

الشعبية ضعيفة من الأساس

ويرى الدكتور عبد العزيز محمد ( إعلامي مهتم بالشأن الداخلي) أن شعبية السيسي في الأساس ضعيفة وما تم الترويج له من قوتها مع بداية الاطاحة بالدكتور مرسي، كان مجرد أكاذيب بدأت بادعاء أن ثلاثين مليون مصري شاركوا في تظاهرات ال٣٠ من يونيو واستمرت فيما بعد في كافة المناسبات والاستحقاقات الانتخابية إلا أن هذا الأمر تم فضحه من خلال نسبة إقبال المصريين على المشاركة في الحياة السياسية بشكل عام.

وعن اعتراف السيسي بأن شعبيته تراجعت قال لـ “رصد” إن الرجل لا يأبه برأي الشعب في الأساس وهي عادة الديكتاتوريات في العالم أجمع بدليل تصريحه ” لست في سباق على الشعبية” فالرجل يقر بأنه لا أحد ينافسه أو يخوض أمامه سباق وهو تصريح يعكس مدى استبداد السيسي بالسلطة وثقته أن أجهزته الأمنية نجحت في إخراس كافة الأصوات من حوله.

وكانت مجلة فورين افيرز الأميركية قد نشرت تقريرا لها قالت فيه إن السيسي حاول ترسيخ مكانته على رأس السلطة في مصر بإطلاق حملة لمكافحة الإرهاب في يوليو من العام الماضي، وسخر إمكانيات الدولة في قمع جميع معارضي السلطة واستهداف المتظاهرين والمعتصمين، مما تسبب في سقوط الآلاف من القتلى.

الشعب غير ناضج!

 وعلى جانب آخر يرى الدكتور محمد العادل ( سياسي أكاديمي) أن ثقافة المجلس العسكري في مصر بشكل عام تؤمن بأن الشعب في الأصل غير ناضج سياسيا ولا يمكن الأخذ برأيه.

وأوضح في تصريح لـ “رصد” أن هذا هو الدافع الرئيس الذي جعل السيسي يتحدث عن شعبيته لدى الشعب بهذا الشكل من اللامبالاة فهو مقتنع بأنه أمر لا يحمل أهمية بالنسبة له حيث الشعب ما زال أمامه الكثير ليكون رأيه معتدا به، وهو أمر أظهره من قبل مدير المخابرات المصرية عمر سليمان والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط وغيرهما من رموز نظام مبارك.