يستأنف وزراء المياه فى كل من مصر وإثيوبيا والسودان، يوم الاثنين المقبل، بالعاصمة السودانية الخرطوم، المفاوضات الثلاثية بشأن "سد النهضة"، على قاعدة "لا ضرر ولا ضرار"، بعد توقف دام ثمانية أشهر
وبحسب ما ذكرته مصادر بالدول الثلاث للأناضول، فإن المفاوضات الثلاثية التي من المقرر أن تستمر يومين، "تمهيدية" لتجاوز النقاط الخلافية بين كل من مصر وإثيوبيا والسودان، التي عرقلت المفاوضات في السابق، معتبرين أن نقطة الانطلاق للمفاوضات تتركز في البيان الثاني المشترك بين كل من قائد الانقلاب السيسي، ورئيس الوزراء الإثيوبي خلال لقائهما نهاية يونيو الماضي في مالابو عاصمة غينيا الاستوائية.
ووفق البيان المشترك، تلتزم أديس أبابا بتجنّب أي ضرر محتمل من سد النهضة على استخدامات مصر من المياه واستئناف المفاوضات الثلاثية حول السد، كما قرر الجانبان تشكيل لجنة عليا تحت إشرافهما المباشر لتناول كافة جوانب العلاقات الثنائية والإقليمية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية.
وأوضحت المصادر للأناضول أن "عدم تدويل" ملف سد النهضة سيكون في مقدمة الموضوعات التي ستتم مناقشتها، متوقعين أن يتم تجاوز هذه المسألة التي سببت خلافاً خلال الجولات الماضية.
وكان محور الخلاف في مسألة "التدويل"، هو المطالبة بأن تكون الدراسات الاستشارية للسد من جهة محايدة، إلزامية، وهو ما رفضته إثيوبيا والسودان واعتبرتاه شروطا مسبقة، وكذلك الخلاف بشأن وجود مستشار وخبير دولي يمكن العودة إليه في حالة القضايا الخلافية، ودفع الطرف المصري بأن يكون اللجوء إلى ذلك بموافقة وزير واحد بينما كان رأي السودان وإثيوبيا ضرورة اتفاق الوزراء الثلاثة.
وقال مسئول مصري مطلع على مفاوضات سد النهضة الإثيوبي إن بلاده "لن تصر على إشراك خبراء دوليين في اللجنة الثلاثية المنوطة بتنفيذ توصيات تقرير اللجنة الدولية"، موضحاً أن "هذا مرتبط بالمرونة التي سيبديها الطرف الإثيوبي خلال المفاوضات".
فيما قال وزير الري المصري بحكومة الانقلاب، حسام مغازي، للأناضول إن "بلاده ستنطلق في المفاوضات أيضاً من القمة المشتركة بين البلدين في ملابو، حيث سيتم استعراض النقاط التي اشتمل عليها البيان المشترك بين البلدين، والتي من الممكن أن تكون مفتاح لحل هذه الأزمة، مثل الحديث عن فواقد المياه، واستخدامات مصر للمياه، واحترام القوانين الدولية، واحترام مصر للتطلعات التنموية لإثيوبيا".
ورداً على ما إذا كان احترام مصر للتطلعات التنموية لإثيوبيا يدفعها للموافقة على بناء سد النهضة بالكمية التي سيولدها من الكهرباء، قال مغازي "من حيث المبدأ لسنا معترضين على كم الكهرباء، حتى لو كانت مضاعفة، فقط ما يقلقنا هو آمان السد، وهو ما يدفعنا إلى التحري عن مخاوفنا بشأن الأضرار الخاصة بالسد، من خلال الحسابات الهندسية".
واعتبر أن إنهاء أديس أبابا 35.8% من أعمال البناء في سد النهضة "لن يؤثر" على المفاوضات.
ورغم تحفظه بشأن ذكر تفاصيل أجندة مصر التفاوضية، قال المغازي إن بلاده "لديها رؤى جديدة تنهى أزمة سد النهضة، سيتم طرحها خلال الاجتماع الثلاثي المقرر عقده الثلاثاء القادم"، دون ذكر مزيد من التفاصيل.
وأضاف أن "نقطة الانطلاق لدينا من البيان المشترك بين قائد الانقلاب ورئيس الوزراء الإثيوبي في 26 يونيو (حزيران) الماضي، فكل عبارة وردت في هذا البيان مفتاح لحل أزمة السد".
وبالنسبة لإثيوبيا، فإن أجندة التفاوض، بحسب مسؤوليها، تتركز في تقوية دور وعمل اللجان الفنية وإعطائها مزيدا من الفرص مع مشاركة مصر بمزيد من خبرائها دون تدويل الملف من خلال عدم السماح للخبراء الدوليين بالانضمام إلى اللجنة، والاكتفاء بخبراء ووزراء الري من الدول الثلاثة.
وقال مدير الأنهار العابرة بوزارة المياه والطاقة الإثيوبية، فقيه أحمد، للأناضول قبل أسبوع من انطلاق المفاوضات إن أديس أبابا "حددت أجندة التفاوض انطلاقا من الأجندة التي طرحت في السابق من خلال اللجنة الفنية الثلاثية (مصر والسودان وإثيوبيا) ومن خلال اللجنة الفنية المشتركة لجنة الخبراء العشرة (اثنين لكل دولة + 4 خبراء دوليين)".
وكثيرا ما أشاد المسؤولون الأثيوبيون بنتائج الاجتماع بين السيسي وديسالين، واعتبروه شيئا "يمكن البناء عليه"
وانتهت الجولات السابقة (كان اخرها في ديسمبر) إلى تشكيل لجنة من الدول الثلاثة مهمتها دراسة مقترحين أساسيين هما "الهيدرولوجيا، والآثار البيئية والاجتماعية والاقتصادية للسد"، وأن اللجنة يمكنها إشراك مستشارين وخبراء في دراسة هذه المقترحات.
وبالنسبة للسودان، فإن أحد المطلعين على سير المفاوضات الثلاثية من المسؤولين السودانيين، قال إن بلاده تحضر المفاوضات بهدف "إقناع مصر أن موقفها الداعم لسد النهضة يعود لأسباب فنية وليس مكايدة سياسية، والثاني هو الحفاظ على موقعها كوسيط مقبول لدى البلدين".
وأوضح سلمان محمد سلمان أحد أبرز خبراء المياه بالسودان والذي عمل من قبل مستشارا لقوانين وسياسات المياه بالبنك الدولي ومستشارا بالصندوق الدولي للتنمية الزراعية التابع للأمم المتحدة، أن "المهم للسودان أن يقنع مصر أنه لا يدعم سد النهضة في إطار مكايدة سياسية بل للمنافع التي يجلبها له السد مثل تقليل الطمي ومخاطر الفيضانات وضمان انسياب المياه خلال العام علاوة على الحصول على كهرباء رخيصة".
وأضاف سلمان أن القضية الثانية التي تمثل أولوية للسودان داخل الاجتماع هي "تعزيز موقفه كوسيط مقبول لدى الطرفين وتربطه مصالح مع كليهما"، مضيفا إن "مفاوضات الأسبوع المقبل تمهيدية لإزالة نقاط الخلاف بين البلدين".
وعقب قيام أديس أبابا بتحويل مجرى النيل الأزرق، أحد روافد نهر النيل، في مايو2013، وذلك ضمن إجراءات بناء سد النهضة، أصدرت لجنة خبراء دولية تقريرًا أفاد بأن هناك حاجة لإجراء مزيد من الدراسات بشأن آلية بناء السد، حتى يمكن تقدير الآثار المترتبة على بنائه ثم تحديد كيفية التعامل معها، وفقا للحكومة المصرية.
وتكونت اللجنة من 6 أعضاء محليين (اثنين من كل من مصر والسودان وإثيوبيا)، و4 خبراء دوليين في مجالات هندسة السدود وتخطيط الموارد المائية، والأعمال الهيدرولوجية، والبيئة، والتأثيرات الاجتماعية والاقتصادية للسدود.
لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق حول مقترح تشكيل لجنة ثلاثية تتولى تنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدولية الخاصة بسد النهضة، وورقة مبادئ بشأن تعزيز بناء الثقة بين الدول الثلاث بشأن بناء السد.
وتتخوف مصر من تأثير سد النهضة على حصة مصر السنوية من المياه المقدرة بـ55.5 مليار متر مكعب.