حذر خبراء غربيون من مخاطر التسرع في تنفيذ التحول الاقتصادي السعودي من النفط إلى القطاعات غير الأحفورية، ضمن ما يطلق عليها «رؤية 2030»، مشيرين إلى تأثير ذلك سلبا على الاستقرار السياسي، وتحويل عملية التخصيص إلى منفعة لفئة محدودة من العائلات التجارية المرتبطة بحكام المملكة.
ورجح خبراء دوليون دخول القطاع الخاص السعودي في أزمة تمويل خلال العام الجاري، بسبب التقشف الحكومي، فضلا عن نقص التمويل المتاح في البنوك المحلية والمخاطر الجيوسياسية، التي سببتها أزمة حصار قطر في المنطقة، ما دفع المستثمرين الأجانب إلى التردد في تمويل ديون القطاع الخاص، أي شراء سندات الدين المصدرة من قبل الشركات وارتفاع الفائدة عليها لتغطية المخاطر.
وقال جين مايكل ساليبا، الخبير الاقتصادي في مصرف «بنك أوف أميركا ـ ميريل لينش» الأميركي في تقرير نشر على موقع البنك الأسبوع الماضي، إن «الخطة السعودية تحاول تحقيق توازن غير ممكن بين التقشف والنشاط الاقتصادي في القطاع الخاص، لكن هذا يمكن أن يؤدي إلى ركود القطاعات غير النفطية».
كما أشار غاربس ارديان، كبير خبراء الاقتصاد في معهد التمويل الدولي في واشنطن، في تعليقات الأسبوع الماضي إلى أن «تحقيق 450 ألف وظيفة سنويا في القطاع الخاص وفق الرؤية هدف صعب، بينما يواجه القطاع الخاص سياسة التقشف الحكومية في الإنفاق ورفع الدعم الحكومي عن سلع أساسية وخدمات».
وكانت تقارير اقتصادية صادرة في وقت سابق من سبتمبر الجاري عن وكالة بلومبرغ الاقتصادية الأميركية، قد رجحت أن تواجه السعودية عجزا ماليا، وتباطؤا غير مسبوق في النمو، مشيرة إلى فشل رؤية المملكة 2030، التي أثارت ضجة كبيرة خلال الأشهر الأولى من العام الماضي 2016.
ووصفت بلومبرغ «رؤية 2030» بأنها كانت مثل «الصبي الطموح»، ما دعا الحكومة السعودية في وقت لاحق إلى الإعلان عن إجراءات من شأنها تعديل هذه الرؤية.
وكشفت بيانات صادرة عن مؤسسة النقد العربي السعودي، في أغسطس الماضي، عن أن المملكة خسرت أكثر من نصف احتياطيها العام في عامين ونصف العام، بعد أن تهاوى إلى 617.3 مليار ريال (164.6 مليار دولار) في يوليو 2017، مقابل 1.3 تريليون ريال (346.6 مليار دولار) في ديسمبر 2014.
وجاء تهاوي الاحتياطي الأجنبي، رغم ارتفاع اللجوء إلى الاقتراض لسد العجز المالي، حيث تم تمويل حوالي 34% من العجز المتراكم في السنتين الأخيرتين من خلال إصدار سندات دين محلية وأجنبية
وحذرت الخبيرة الأميركية كارن اي يونغ، في بحث انتقادي نشرته في معهد دول الخليج للدراسات في واشنطن، من ارتكاب أخطاء خطط الإصلاح في السعودية،، مثلما حدث في أوروبا الشرقية في التسعينات، وأدت إلى ثورات شعبية ضد الحكومات وقتها، أو ارتكاب أخطاء مثل تلك التي ارتكبها الاتحاد السوفيتي السابق، حينما باعت الدولة في عهد الرئيس بوريس يلتسن، ثروات متراكمة لتحالف حفنة من التجار ورجال الحكم وخلق مليارديرات كثر على حساب فقر الشعب الروسي.
ورأت يونغ، المتخصصة في شؤون منطقة الخليج أن «أزمة الخليج الحالية وضعت شكوكا كبيرة حول خطة الإصلاح الاقتصادي في السعودية ومستقبل مجلس التعاون الخليجي».
وكانت وكالة بلومبيرغ، قد كشفت في وقت سابق من سبتمبر الجاري، أن السعودية تتجه إلى رفع أسعار الوقود بمعدلات قياسية تصل إلى 80% في شهر نوفمبر الثاني المقبل، من أجل توفير موارد مالية للحد من عجز الموازنة.
المصدر: العربي الجديد