رأى الكاتب “فرانسس دي ليليس”، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، في مقال له على موقع “يور ميدل إيست” الأميركي، أن أسباب ثورة جديدة في مصر متوفرة، لكن هناك عوامل أخرى تعوق حدوثها.
وقال الكاتب إن هناك عددًا من صفحات الـ”فيس بوك” تدعو على مدار الأشهر الأخيرة إلى “العودة إلى الميدان” في 25 يناير 2016، ويشترك في هذه الصفحات مئات الآلاف الذين يؤكدون على المشاركة.
وأوضح الكاتب أنه على الرغم من أن هذا ليس مؤشرًا على العدد الحقيقي أو الرقم الفعلي للأعداد المشاركة التي من الممكن أن تتدفق إلى الشوارع، فإن النظام يبدو أنه يشعر بالخطر، ويستعد بحذر لاحتمال وقوع ثورة جديدة، مبينًا أنه خلال الأسبوع الماضي تركزت خطب الجمعة على تحذير المصلين من “الدعوات الهدامة” لزعزعة استقرار الدولة.
وذكر الكاتب أن هناك العديد من النقاط في الموقف الحالي التي تتشابه مع الفترة التي سبقت يناير 2011.
وجاءت هذه النقاط كما يراها الكاتب فيما يلي: أولًا المهزلة الانتخابية؛ مشيرًا إلى نتائج الانتخابات الأخيرة التي تعيد إلى الأذهان تلك التي جرت في 2010؛ حيث انتهت الجولة الثانية من الانتخابات بأغلبية ساحقة داعمة للسيسي، وتم استبعاد كل أنواع المعارضة الحقيقية، وعادت بقايا نظام مبارك بقوة “الفلول” -بحسب تعبير الكاتب-، فيما قاطعت جماعة الإخوان المسلمين الفائزة بمقعد واحد في برلمان 2010 الانتخابات الأخيرة بشكل كامل.
ثانيًا: وحشية الشرطة؛ حيث يرى “دي ليليس” أن السبب الرئيسي لغضب الشباب في 2010 كان وحشية الشرطة، ومرة أخرى هذه الأيام تتحدث العناوين الرئيسية في الصحف عن المظاهرات العفوية التي تنطلق احتجاجًا على حالات الوفاة بسبب التعذيب تحت حراسة الشرطة.
ثالثًا: التضخم الجامح؛ ولفت “دي ليليس” إلى أن التضخم زاد بسبب أزمة العملة الأجنبية وزيادة أسعار العملات، وهو ما يخلق مشقة للطبقات المتوسطة والفقيرة التي تكافح لمواجهة ارتفاع الأسعار الاستثنائي الذي فشل النظام في السيطرة عليه، مذكرًا بما حدث في 2008 عندما أخفق النظام في توفير المواد الغذائية تسبب ذلك في شغب كبير أمام المخابز وهو ما يعد أوائل المظاهر المبكرة للسخط الشعبي الذي أدى إلى تدفق المصريين إلى ميدان التحرير في يناير 2011.
رابعًا: موجات إضراب العمال: ضربت هذه الموجة مصر خلال الأشهر الماضية، بحسب الكاتب، وفي الوقت نفسه هناك جهود لتجميع النقابات المهنية المستقلة المشتتة، وهو ما قد يعد نقطة تحول كبيرة.
وتابع الكاتب مقاله قائلًا: “وبالنسبة للمناطق الريفية، فإن هناك مظاهرات على مستوى ضعيف، لكن اضطرابات القرى نادرًا ما تتصدر العناوين الرئيسية، وكان آخر هذه الاحتجاجات هو احتجاج سكان البحيرة على السيول التي أغرقت المحافظة، ودائمًا ما تركز هذه الاحتجاجات على نقص أو سوء الخدمات، ووفقًا لما ذكره بشير صقر، عضو لجنة الدفاع عن الفلاحين، فإن السياسات الأخيرة تعد الأسوأ منذ 100 عام”.
ورأى الكاتب أن ما يعيق قيام ثورة، هو عدم حضور أي فاعل اجتماعي منظم وذي مصداقية وعلى استعداد لتفسير مشاعر وأفعال هذه الفئات الاجتماعية، ويساعدهم على التواصل والتجمع حول منصة متماسكة وواسعة ويسهل تعبيرهم عن مطالبهم، معتبرًا أن غياب هذا الفاعل هو نتيجة للقمع وإغلاق مجمل المساحات السياسية العملية بعد الانقلاب العسكري في 2013.
وأضاف “دي ليليس” -في مقاله- “علاوة على كل ذلك، فإن الشباب المصري وخلافًا لما كان في 2011، فإنه مشغول أكثر بالإستراتيجيات الفردية عن الانخراط في العمل الجماعي (زادت نسبة المصريين المهاجرين خارج البلاد هذا العام بنسبة 17 بالمائة على العام الماضي ومعظمهم تحت سن الثلاثين) وتجربة خمس سنوات من النزول للشارع دون نتيجة قد أجهضت ثقة الشباب في أن التغيير سيأتي من الشارع”.
وختم الكاتب مقاله قائلًا: “يمكننا القول إن الثورة المصرية طويلة الأمد ما زالت مستمرة مع تحولات اجتماعية ما زالت جارية، وعلى الرغم من أنه لم تظهر قوى متجانسة لتتولى القيادة، فإن هذه الصورة هي شهادة على أن المجتمع المصري في الذكرى الخامسة لثورته ليس نائمًا ولن يهزم”.