حالة من السخط وخيبة الأمل سادت الأوساط الفلسطينية، إثر قرار السلطة أمس الجمعة، بسحب طلب تعليق عضوية “إسرائيل” في الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، والذي تم تقديمه مؤخرًا بسبب الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق اللاعبين الفلسطينيين والنشاط الاستيطاني.
وجرى سحب الطلب الفلسطيني، في اللحظات الأخيرة قبل انعقاد المؤتمر الـ 65 لمجلس “الفيفا” بمدينة زوريخ السويسرية، واختيار رئيس جديد له، وهو الأمر الذي قوبل بترحيب إسرائيلي.
ويحتاج الاتحاد الفلسطيني، إلى تحقيق ثلاثة أرباع أصوات المؤتمر، والتي هي 156 صوتًا، من أجل تمرير القرار ضدّ “إسرائيل” قبل أن يتم سحب المؤتمر.
فيما صّوت 90% من أعضاء الجمعية العمومية لصالح طلب آخر للفلسطينيين، وهو إقامة منظومة دولية لفحص الشكاوى الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكه للرياضة الفلسطينية.
وبموجب الطلب الفلسطيني ستقام لجنة تحقيق دولية من الفيفا، تعمل في إطار دستور المنظمة، للتحقيق في ثلاث قضايا مركزية يشكو منها الفلسطينيين: الأولى هي العوائق التي تفرضها “إسرائيل” على حركة الرياضيين الفلسطينيين، والثانية هي العنصرية التي يواجهها اللاعبون العرب داخل “إسرائيل”، والثالثة تتعلق بوضع خمس فرق إسرائيلية من المستوطنات.
خيبة أمل فلسطينية
الهيئة الفلسطينية للرياضة في العاصمة البريطانية لندن، انتقدت بشدة هذا التراجع الفلسطيني، واعتبرته خذلانًا للفلسطينيين ولقضيتهم العادلة.
وقال بيان للهيئة -حصلت “رصد” على نسخة منه-، إن قرار سحب الطلب الفلسطيني في كلمة “الرجوب”، أمام الكونغرس الـ65 للاتحاد الدولي، كان صادمًا ليس للفلسطينيين بل أيضا لدى أنصار القضية الفلسطينية والحملات الأوروبية التي تفاعلت مع الموضوع.
وأشارت الهيئة، إلى أن الطلب في حد ذاته، حتى وإن لم يستجب له أعضاء الفيفا، كان خطوة في مسار طويل يمكن للفلسطينيين أن يكسبوا منه خصوصًا أن الأمر يتعلق باللعبة الأولى عالميا، على حد تعبير البيان.
ووقع أكثر من 50 ألف متضامن مع الطلب، وتحمسوا للطلب الفلسطيني بإبعاد “إسرائيل” عن الفيفا.
من جهته، أبدى يوسف رزقة المستشار السياسي للحكومة السابقة، عدم استغرابه من سحب الطلب الفلسطيني ، موضحًا أن التهم التي تضمنها الطلب الفلسطيني للإقصاء صحيحة وحقيقية ومقنعة لأعضاء الفيفا، ولكن إرادة الإقصاء كانت غائبة تمامًا عند الطرف الفلسطيني-على حد قوله-.
وأضاف أن الأمر كله لا يتجاوز المناورة ، لأن الطرف الفلسطيني لا يستطيع دفع الثمن، وتحمل ردود الأفعال الإسرائيلية، وهذا أمر كان معلوما عند الرجوب وعند مرجعيته.
ولفت في مقال له تناول موضوع الفيفا، إلى أن السلطة قررت المناورة الإعلامية ، واتباع حافة الهاوية لتحقيق أمرين :الأول صناعة مظهر وطني مقاوم من خلال الرياضة ومن خلال منصة الفيفا، على نحو يمنح السلطة ورقة تجارية في الداخل الفلسطيني، والثاني يهدف للحصول على بعض التسهيلات من طرف دولة الاحتلال في مقابل التراجع وسحب مقترح طلب الإقصاء، لأن هذه الفرصة لا تتكرر إلا في فترات متباعدة زمنيا.
واعتبر رزقة حديث الطرف الفلسطيني عن تراجعه بسبب اتصالات عربية وغير عربية تطالبه بالتراجع، هو نوع من تضليل الرأي العام الفلسطيني على الأقل، فالقضية مثارة منذ أسابيع، وقد قدم (بلاتر ) نفسه إلى المنطقة والتقى الطرفين الفلسطيني والصهيوني ، ومواقف الدول العربية وغير العربية كانت معلومة للطرفين بحساب دقيق قبل انعقاد اجتماع الفيفا، مؤكدا أنه من “العار إخفاء الحقيقة وتحميل أطراف عربية ( لم يحددها وتركها مجهولة عمدا، لأن الضغوط بصراحة لم تكن موجودة من أصله).
حملة إعلامية
وأطلق نشطاء إعلام فلسطينيون، حملة إعلامية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي (#بيع_يا_جبريل)، هاجموا فيها التراجع الفلسطيني، وشخص رئيس الاتحاد الفلسطيني جبريل الرجوب، الذي كان رئيسا سابقا لجهاز الأمن الوقائي سيئ الصيت في الضفة.
وقال الناشط السياسي حازم قاسم، في تغريدة له: “جبريل الرجوب يطمح لخلافة عباس في رئاسة السلطة، والطريق لذلك معروف.. إرضاء إسرائيل لأقصی حد”.
ويقول الصحفي رائد أبو جراد: “سلطة أوسلو 20 عامًا من صناعة الفشل … فشلت سياسيًا وهاهي اليوم تبيع القضية في المحافل الرياضية”.
فيما نشر رسام الكاريكاتير الفلسطيني علاء اللقطة، كاريكاتيرًا يجسد ما بدت أنها مهزلة فلسطينية، من خلال رسم المرمى الفلسطيني وهو مرهق بالأهداف الإسرائيلية يتوسطها الرجوب رافعًا شجرة الزيتون في إشارة إلى السلام.
أما الكاتب الفلسطيني إبراهيم المدهون كتب “ما فعله جبريل الرجوب بالفيفا يشبه ما فعله عباس في تقرير غولدستون بالأمم المتحدة، وكأنهما خط حماية لإسرائيل”
واعتبر الناشط في مجال العودة طارق حمود الأمر خيانة وبيع عرض وشرف، مؤكدًا نه سيستمر طالما لم يتخذ أحدٌ موقفًا، كما استعرض المواقف التي خذلت فيها السلطة الفلسطينية شعبها، مثل تقرير غولدستون في 2009، والتنسيق الأمني، واليوم يمتد الأمر إلى الرياضة.
ترحيب إسرائيلي
في المقابل ، رحب رئيس حكومة الاحتلال “بنيامين نتنياهو” بالقرار الفلسطيني، قائلًا “مجهودنا الدبلوماسي أثبت نفسه، وأدى إلى إحباط المحاولة الفلسطينية لطردنا من الفيفا”.
وأضاف أن إسرائيل تريد سلامًا يضمن أمن مواطنيها، لكنه لن يحقق بالقوة وتشويه الحقيقة.
وكان “نتنياهو” حذر الخميس الاتحاد الدولي لكرة القدم، من تبعات اتخاذ أي قرار يمس “إسرائيل” قائلا: “إن محاولة المس بـ”إسرائيل” سيهدم الفيفا، لأنه إذا بدأوا مع دولة معينة سينتقلون إلى أخرى، وسيؤدي هذا الأمر إلى انهيار المنظم”.
واعتبر “محاولة إبعاد إسرائيل هي أمر خطير جدا وسنعارضه بشدة”.
ولم يخفي رئيس الاتحاد الإسرائيلي “عوفر عيني” سعادته بالتراجع الفلسطيني، وتوجه إلى نظيره الفلسطيني “جبريل الرجوب”، مبتسمًا وصافحه وسط تصفيق حار من الحضور قائلا له: أنا سعيد لأن رئيس الاتحاد الفلسطيني سحب الاقتراح و”إسرائيل” توافق على تشكيل لجنة ، مضيفا : هيا نحضن بعضنا بعضا ونلعب سويا”.
وانعقد مؤتمر “الفيفا” الجمعة على وقع زلزال هزّ المنظمة العالمية قبل يومين، وتمثل بإلقاء القبض على مسؤولين كبار فيها على خلفية اتهامات تتعلق بالتآمر والابتزاز والفساد وتلقي الرشاوى”.
وأعلن عن فوز “جوزيف بلاتر” بولاية جديدة بعد انسحاب الأمير الأردني علي بن الحسين بعد الجولة الأولى التي فاز فيها بلاتر بفارق كبير.
وتجري الانتخابات على رئاسة “الفيفا” بالاقتراع السري حيث يقوم 209 أعضاء في الجمعية العمومية باختيار الرئيس الجديد للفيفا. ويحتاج المرشح إلى ثلثي عدد الأصوات تقريبا للفوز بالمنصب.
وكانت شرطة سويسرا اعتقلت ستة من أكبر المديرين في الفيفا اشتباها بهم بغسيل الأموال، الاحتيال، الابتزاز من خلال التهديدات وتلقّي رشاوى أثرت على اختيارهم في استضافة كأس العالم.
حتى رئيس الفيفا، جوزيف “سيب” بلاتر، كان من بين الذين تمّ التحقيق معهم ولكن لم يُعتقل. أما من اعتُقل فعلا فهو نائب رئيس إدارة الفيفا، “جيفري ويب”، و “أغونيف فيغواردو”، الذي ترأس حتى وقت قريب اتحاد كرة القدم في أمريكا الجنوبية.
وكان هناك معتقل آخر وهو “جاك فرنر” الذي استقال في الماضي من الاتحاد بعد أن نُشر بأنّه تلقى مليوني دولار نقدا مقابل استضافة كأس العالم في قطر. هذا ما ذكرته “نيويورك تايمز” الأمريكية.
الاعتقالات هي أخبار سيئة جدا بالنسبة لقطر، التي اختيرت لاستضافة كأس العالم 2022، وربما أيضًا لروسيا التي اختارت استضافة كأس العالم القادم في 2008.
وقد أعلنت وزارة العدل السويسرية أنّها ستُحقّق في عملية اختيار الاستضافة لكأسي العالم، ومع ذلك، ففي مؤتمر صحفي أجراه الناطق باسم الفيفا، “والتر دي جريجوريو”، أعلن بأنّ المباريات ستجري في روسيا وقطر كما هو مقرّر.