في ظل تهاون العالم الإسلامي والعربي وانشغاله بالصراعات بين الثورات والحكومات القمعية من ناحية وحالة الفتنة التي تسوده مع غياب الضمير، كما هو الحال في مصر وسوريا والعراق وليبيا، جدّد المتطرفون اليهود اقتحاماتهم للمسجد الأقصى المبارك أمس الأربعاء برفقة حراسات مُشدّدة من الوحدات الخاصة، فيما فرضت شرطة الاحتلال المتمركزة على البوابات الخارجية للمسجد، إجراءات مُشدّدة على دخول المواطنين المقدسيين إليه.
ونشبت اشتباكات بين المرابطين داخل المسجد الأقصى حيث أصيب 25 خلال مواجهات عنيفة اندلعت عقب اقتحام قوات إسرائيلية للمسجد وإطلاق القنابل المسيلة للدموع على المصلين، حيث انتشرت في جميع ساحات الأقصى، وساحة مسجد قبة الصخرة، وأخلت ساحاته، وحاصرت المرابطين في المسجد القبلي.
فيما دعت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" الدول العربية، إلى طرد سفراء الكيان الصهيوني، ردا على الاقتحامات الصهيونية المتكررة للمسجد الأقصى.
وقال المتحدث الرسمي باسم الحركة فوزي برهوم في تصريح له "إنّ ما تقوم به "إسرائيل" في القدس والمسجد الأقصى من اقتحامات واعتداءات متكررة، يستدعي غضب الأمة العربية والإسلامية"، وفقا لوكالة الأناضول.
وطالب برهوم الحكام العرب والمسلمين بالتحرك لإنقاذ الأقصى، وطرد سفراء الاحتلال من بلادهم، والعمل على عزله، واستخدام كل أوراق الضغط للجمه، كما طالب الشباب والرجال والنساء وعلى رأسهم العلماء إلى النفير العام، وشد الرحال إلى المسجد الأقصى لإنقاذه مهما بلغت التضحيات.
وفي بيانها، اعتبرت الهيئة الإسلامية المسيحية في القدس أن الانتهاك الاسرائيلي يشكل استفزازا خطيرا، وتهديدا مباشرا لكافة المقدسات الاسلامية والمسيحية في المدينة المحتلة.
إلا أن الانتهاك الجديد، وليس الأخير، فشل في أن يهز "جبل الصمت العربي والإسلامي المريب" سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي.
وحسب كثير من المراقبين، فإن هذا الاقتحام غير المسبوق في حجمه، سواء من قوات الاحتلال أو قطعان المستوطنين، إنما يشكل "بروفة أخيرة" على جريمة أكبر، قد تصل إلى هدم المسجد أو حرقه. كما أنه يشير إلى اقتراب ذلك اليوم الأسود، خاصة بعد أن نضجت المعطيات السياسية المطلوبة.
فقد جاء هذا التدنيس غير المسبوق للأقصى، غداة تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان لصحيفة "يديعوت أحرونوت" كشف فيها عن اتصالات سرية رفيعة المستوى مع عدة دول خليجية بينها السعودية والكويت. وتوقع أن تنتقل تلك الاتصالات إلى العلن خلال عام أو عام ونصف العام.
وبالرغم من المسارعة السعودية والكويتية إلى نفي حدوث تلك الاتصالات وبشدة، وهو ما قد يكون نفيا صادقا، إلا أن جوهر تصريحات ليبرمان يبقى متسقا مع أن العالم العربي قرر أن يغمض عينيه ويسد أذنيه تجاه ما يحدث للأقصى، بل وللقضية الفلسطينية برمتها، وأنه أصبح مستعدا للتعايش مع معطيات الواقع الجديد.
وعلى مدى الزمان أثبت أن ما تفعله الحكومات العربية والإسلامية نحو قضية الأقصى، لا جدوى منه، فمن الناحية العملية، فإن الإجابة الوحيدة، أو الأمل الوحيد يبقى في انتفاضة شعبية تقلب الحسابات وتتجاوز الحدود والسلطات الوهمية، وتزلزل الأرض من تحت الاحتلال.