في ظل قمعٍ للحريات بمصر من جانب سلطات الانقلاب، وإقرار دستور 2014 "الانقلابي" الذي يجيز بمحاكمة المدنيين عسكريًا، رغم ما عاناه المصريين طيلة السنوات الماضية من محاكم عسكرية، ظهرت بادرة أمل عربية في المغرب، حيث حقق المغاربة حلمهم في منع محاكمات المدنيين أمام القضاء العسكري بعد مناداة ومطالبات دامت عدة سنوات، وسط ترحيب دولي وحفاوة شعبية.
صادق مجلس الوزراء المغربي، الجمعة الماضية، على مشروع قانون المحكمة العسكرية الجديد، والذي يمنع محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، وذلك في اجتماع عقده المجلس، بالقصر الملكي بالعاصمة، الرباط ، ترأسه العاهل المغربي الملك محمد السادس، وحضره جميع أعضاء الحكومة، بمن فيهم رئيسها عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب «العدالة والتنمية».
وتأتي مصادقة مجلس الوزراء المغربي على هذا المشروع بعد نحو 24 ساعة من مصادقة حكومة «بنكيران» عليه في اجتماع عقدته، الخميس، بالعاصمة، وينتظر أن يحال في وقت لاحق على البرلمان لمناقشته والمصادقة عليه قبل أن يدخل حيز التطبيق عند نشره في الجريدة الرسمية للمملكة المغربية.
وفي رد فعلٍ حقوقي أشادت المنظمة غير الحكومية البريطانية (الحرية للجميع)، بمصادقة مجلس الوزراء، برئاسة الملك محمد السادس، على مشروع القانون المتعلق بالقضاء العسكري، وأبرزت السيدة تانيا واربيرغ، رئيسة المنظمة الحقوقية البريطانية، في تصريح صحفي، أن مشروع القانون الذي يستبعد المدنيين من اختصاصات المحكمة العسكرية يشكل "دفعة جديدة" لزيادة تعزيز وترسيخ بناء دولة الحق والقانون، وأضافت أن الأمر يتعلق، بكل تأكيد، ب"تقدم ملحوظ وهام" على طريق تعزيز المكتسبات التي راكمتها المملكة في مجال حقوق الإنسان، مضيفة أن مصادقة مجلس الوزراء على مشروع القانون تعكس "الالتزام القوي" للمغرب وتعلقه بالقيم العالمية لحقوق الإنسان.
وأشارت رئيسة المنظمة غير الحكومية البريطانية (الحرية للجميع)، التي يوجد مقرها في لندن، وتناضل من أجل ترسيخ حقوق الإنسان في العالم أجمع، إلى أن الأمر يتعلق "بمبادرة تاريخية ودليل قاطع على عزم وإصرار المملكة على الارتقاء إلى مصاف الدول الديمقراطية".
وأبرزت أن القرار المغربي الخاص باعتماد إصلاحات على القضاء العسكري يشكل دليلا على الأهمية الخاصة التي يوليها المغرب لتعزيز المسلسل الديمقراطي وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية. كما نوهت السيدة تانيا واربيرغ بالمبادرة الحكيمة المتعلقة باعتماد مخاطبين دائمين على مستوى عدد من القطاعات الوزارية بهدف ضمان معالجة أفضل وتفاعل سريع مع الشكاوى المرتبطة بحقوق الإنسان، وأشارت إلى أن هذه المبادرة "تشكل قفزة نوعية في مجال حماية حقوق الإنسان" وتندرج في إطار المقاربة الإرادية والقائم على رؤية ديمقراطية وشاملة وشفافة.
وعلى الجانب الآخر، شهد مصر في نهاية الشهر الماضي جلسة محاكمة عضوين بشبكة «رصد» الإعلامية «القزاز والحمصي»، بتهمة «الإساءة للقوات المسلحة»، وذلك بحضور حقوقيين مصريين، فيما تعد أول محاكمة عسكرية لمدنيين بمصر منذ إقرار الدستور الجديد "الانقلابي" منتصف الشهر الماضي.
وكانت منظمة العفو الدولية والشبكة العربية لحقوق الإنسان الخاصة بمصر طالبا حينها، في بيانين منفصلين بالإفراج عن «القزاز والحمصي».
وقال فيليب لوثر، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية في بيان له، إن «الصحفيين سجينا رأي واعتُقلا لمجرد ممارستهما السلمية لحقهما في حرية التعبير عن طريق أداء عملهما».
فيما قالت الشبكة العربية لحقوق الإنسان في بيانها، إن «إحالة الصحفيين للمحاكمة الجنائية أو العسكرية يعد انتهاكاً صريحاً لحرية الرأي والتعبير، واستمراراً للإجراءات التعسفية التي تتخذها السلطات المصرية في الآونة الأخيرة مع الصحفيين والإعلاميين وأصحاب الرأي».
وألقي القبض على «القزاز» من منزله في 12 نوفمبر الماضي، فيما تم إلقاء القبض على «الحمصي» في 18 من الشهر نفسه، أثناء خروجه من جامعة عين شمس، التي يدرس بها.
واستمرت التحقيقات قرابة ثلاثة أشهر في النيابة العسكرية، حتى صدر قرارها بالإحالة لمحاكمة عسكرية قبل أن تعلن نيابة شمال القاهرة العسكرية، مساء السبت الماضي، إحالة عمرو سلامة القزاز، أحد مؤسسي شبكة «رصد»، وإسلام الحمصي، مدير قسم النشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي بالشبكة، إلى محكمة الجنح العسكرية، لمحاكمتهما بتهمة المسؤولية عن «تسريبات رصد»، المتعلقة بالمشير عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع.
وكان أسامة المهدي عضو مجموعة لا للمحاكمات العسكرية، قد قال إن الوضع القانوني والدستوري للمحاكمات الدستورية في الوضع الحالي لا يطمئن و أي حديث عن حظر المحاكمات العسكرية أو تضييق نطاقها فهذا كلام خاطئ.
وأضاف خلال كلمته بمؤتمر عقدته لجنة الحريات بنقابة الصحفيين بمناسبة مرور ثلاث سنوات على تدشين المجموعة: خلال الثلاثة أعوام السابقة منذ تدشين المجموعة كانت تتم محاكمة المدنين محاكمات عسكرية في عهد المجلس العسكري وفقا لقوانين القوات المسلحة و بعد ذلك كنا ننتظر في دستور 2012 أن يكون هناك نص يمنع المحاكمات العسكرية للمدنين و لكنه جاء مخالف لكل التوقعات حيث وضع نص يسمح بمحاكمة المدنين محاكمة عسكرية وإقرار المادة 204 في دستور 2012 التي في ظاهرها تقنن المحاكمات العسكرية للمدنيين و لكن باطنها أنها أتاحت محاكمة المدنيين محاكمة عسكرية، على حد قوله.
وفي ذات السياق قالت سارة الشريف، عضو مجموعة "لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين"، مرت 3 سنوات على تأسيس المجموعة وسط تعاقب ثلاثة أنظمة ورئيس منتخب وبرلمان منتخب، ولم يقرر أحد فيهم أن يتبنى صوت ضحايا المحاكمين عسكريًّا.
أضافت خلال كلمتها كممثلة للمجموعة في افتتاح مؤتمر تنظمة المجموعة بمقر نقابة الصحفيين بمناسبة مرور 3 سنوات على تأسيسها: بعد دستور الإخوان تم تكريث محاكمة العسكرية للمدنيين ويشرعن محاكمة المدنيين عسكريًّا، ثم جاءت لجنة الخمسين -لجنة تم تعينها بعد الانقلاب العسكري- وبعد التواصل مع أعضائها حول منع المحاكمات العسكرية للمدنيين، لكن تم إقرار المحاكمات العسكرية للمدنيين بل توسيع اختصاصات القضاء العسكري في الدستور.
كما سمح الدستور الجديد بمحاكمة المدنيين في المصانع العسكرية وعدم محاكمة ضباط المخابرات العامة أمام القضاء المدني.
وأكدت الشريف أنه على الرغم أن الإخوان من أقروها لكنهم أكثر من عانوا منها، لكن المجموعة ستكمل مسيرتها في المطالبة بوقف المحاكمات العسكرية ووقف نظر أي قضايا للمدنيين أمام القضاء العسكري، وتعديل المادة 204 من الدستور وتعديل مواد القضاء العسكري.
كما تم عرض فيديو يتناول بعض القضايا التي تنظر محاكمة المدنيين عسكريًّا من بينهما أطفال حصول على 17 سنة وهو الطفل محمد رضا، والحاجة بدرية وأولادها الأربعة وتم الحكم عليهم بـ10 سنوات، وأحمد محمد زكي من المنصورة تم الحكم عليه 10 سنوات، وكلك 5 من المواطنين في محافظة السويس وآخرين بتهمة حيازة مكبرات صوت.