لم يكن إعلان حازم البيبلاوي عن استقالة حكومته مفاجئا للمصريين، فشوارع مدينة القاهرة مغطاة بالصور التي تحتفي بقائد الانقلاب ووزير الدفاع المشير عبد الفتاح السيسي، ووجهه يظهر على بيجامات النوم وأباريق الشاي، وهناك صور له تضعه في صف عدد من كبار قادة مصر منذ الفراعنة، وبعدهم الملك فؤاد وجمال عبدالناصر وأنور السادات.
في مصر كما تقول مجلة "تايم" الأمريكية ليس هناك أدنى شك حول نية المشير السيسي الترشح للرئاسة، ولكن متى؟ نجيب سويرس، رجل الأعمال المعروف أعلن في مقابلة له مع صحيفة "الأهرام" واسعة الانتشار، والموالية للحكومة عن دعمه للسيسي. وترى المجلة أن إعلان استقالة الببلاوي سيفتح الطريق أمام المشير كي يرشح نفسه في الانتخابات القادمة.
وتقول المجلة إن الببلاوي لم يوضح السبب الذي دعا لاستقالة حكومته، إلا أنه يُنظر للأمر، وبشكل واسع على أن خطوة أولى لإعلان السيسي عن ترشحه، خاصة أن أعضاء الحكومة لا يُسمح لهم بالترشح للانتخابات حسب القانون المصري، وكان بإمكان السيسي الإستقالة بنفسه منها، لكن الخروج الجماعي للحكومة ما هو إلا تعبير عن دعم لوزير الدفاع.
وفي الوقت الذي سيكون هناك عدد من المرشحين غير السيسي، إلا أنهم لا يحظون بالشعبية التي يتمتع بها وزير الدفاع الذي صعد على موجة الغضب التي اجتاحت البلاد ضد الرئيس المنتخب محمد مرسي.
وتضيف المجلة أنه يتوقع فوز السيسي على بقية المرشحين بسهولة. هذا ما عبّر عنه سويرس في مقابلته مع "تايم"، حيث قال "عندما خرج 30 مليون شخص للشوارع، اتخذ السيسي القرار الشجاع والخطير بدعم الشعب". وأضاف "وهذا يظهر القدرات القيادية التي يحتاجها المصريون بشكل ماس". وقال سويرس إن مصر بحاحة لقائد يلتف حوله الشعب، خاصة أنها تدخل في مرحلة من المصاعب الناتجة عن الإصلاحات الاقتصادية "فقط السيسي هو القادر على جمع الشعب حوله من أجل أن يقود البلد في الطريق الصحيح".
وترى المجلة أن الانقياد الأعمى والعبادة للبطل خطيرة، خاصة بعد قيام الحكومة الانتقالية التي تدعم السيسي بحملة من الملاحقة والاستفزاز والاعتقالات التي لا تميز بين أتباع مرسي وغيرهم. ويقول مُضارب في السوق المالي "ليست لدي مشكلة إن أحبه الناس لأن لديه برنامج رئاسي قوي"، مضيفا أن هناك مشكلة في حالة من انتخبوه لاعتقادهم أنه الرب المنقذ، فالرجل لا يشكر زوجته كل صباح لأنها لم تخنه، ويجب أن لا نحتفل بالسيسي لقيامه بما يجب عليه كخادم للشعب". وقد لا يصوت في الانتخابات حالة عقدها لأن الرابح معروف. وتساءل "لماذا نصر نحن المصريون على صناعة الفرعون ثم نعبده؟!"، مضيفا إنه "أمر غير منطقي أن نتخلص من مبارك ونحصل على السيسي"!
يُذكر أن مصر منذ ثورة يناير 2011 قبل ثلاثة أعوام شهدت تصويتا على 3 دساتير، وست جولات انتخابية، وعلى الأقل ست حكومات. وفي معرض استقالة الحكومة نقلت "رويترز" عن مسؤول مصري لم تسمه قوله إن استقالة الحكومة جاءت لأن السيسي لم يرد الظهور بمظهر من يتصرف وحده. وبعيدا عن التكهنات حول الاستقالة، فحكومة الببلاوي لديها العديد من الأسباب كي تخلي مكاتبها وتفتح الطريق أمام تكنوقراط كي يحاولوا حل مشاكل البلاد المستعصية.
ونقلت مجلة "نيوزويك" الأمريكية عن هشام قاسم، وهو ناشر ومحلل سياسي في القاهرة إن "أداء الببلاوي لم يكن قادرا على الاستمرار حتى تشرين الأول/ أكتوبر". وأضاف "يحتاج البلد لمدير والببلاوي لم يكن قادرا على فعل شيء"، مشيرا إلى حقيقة عدم وجود قوانين تنظم الانتخابات الرئاسية مما يضع السيسي في وضع لا يحسد عليه.
ويعتقد محللون أن عزل الحكومة بكاملها يمثل محاولة للتخلص من وزير الداخلية محمد إبراهيم، لأن عزله وحده هو بمثابة اعتراف بالوضع الأمني المتردي في مصر بعد زيادة الهجمات في سيناء ومناطق مصر الأخرى.
وبحسب شادي حميد من معهد بروكينغز فإن عزل إبراهيم هو اعتراف فعلي "بأن الأمن لم تتم العناية به، وأن وزارة الداخلية غير قادرة على القيام بواجباتها الأساسية"، مضيفا أن "آخر شيء يريد النظام الاعتراف به هو أنه لم يقم بواجبه على أحسن وجه في ميدان الأمن، لأن الفرضية التي قام عليها النظام هي تحقيق الأمن والاستقرار الذي لم تحققه الحكومات السابقة".