مع تصاعد حدة الأحداث، لم يتذكر المصريون من يوم الرابع عشر من نوفمبر سوى أنه يوم انتهاء الحظر، ليغيب عن أذهانهم حدث شهده هذا اليوم من العام الماضي، كشف تبعاته تحولاً واضحاً في تعاطي مصر الثورة مع قضايا الأمة العربية والإسلامية وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
ففي يوم الأربعاء 14 نوفمبر 2013 قام جيش الاحتلال الصهيوني بشن ضربة عسكرية على قطاع غزة بدأها باغتيال أحمد الجعبري نائب القائد العام لكتائب القسام، أعقب ذلك بشن ضربات جوية في عملية أطلق عليها «عامود السحاب».
وكعادة الصهاينة، فإن هذه الضربة خلفت ورائها عشرات الشهداء من النساء والأطفال، وسط صمت دولي معتاد هو الآخر، وأعادت هذه الضربة إلى الأذهان، نظيرتها التي كانت قد وجهتها تل أبيب لقطاع غزة مطلع العام 2009، إلا أنها اختلفت فقط في الموقف المصري.
ففي 2009، وقفت القاهرة صامتة أمام العدوان الصهيوني على غزة، بل واتهم مراقبون نظام مبارك بأنه كان على علم بالضربة قبل صدورها، حيث كانت وزير خارجية الكيان وقتها تسيبي ليفني في زيارة لمصر قبل العدوان بيومين فقط، لتأتي بعدها تصريحات وزير الخارجية أحمد أبو الغيط بأن قطع الرجل مصير كل من يريد من الفلسطينيين دخول مصر.
إلا أن الوضع تغير تماماً في مصر الثورة، إذ كان رد فعل أول سلطة منتخبة في مصر، على النقيض من موقف نظام المخلوع، إذ أعلنت مصر منذ البداية إدانتها الشديدة لهذا العدوان، معلنة فتح معبر رفح للمساعدات الإنسانية ونقل المصابين للعلاج بالمستشفيات المصرية.
وزاد الأمر بأن بعث الرئيس محمد مرسي، العديد من الوفود الرسمية للقطاع، على رأسها رئيس الوزراء هشام قنديل، والذي زار غزة، وسط الاعتداءات المستمرة من الجيش الصهيوني على سكان القطاع.
وكان للموقف المصري الحازم من العدوان، أثراً على التحرك الدولي إزائه، وهو ما انعكس على التحركات الأمريكية في هذا الصدد، فضلاً عن البيانات المتتالية التي أصدرها الاتحاد الأوروبي.
وخلال أسبوع، كان العدوان الصهيوني على القطاع منتهياً، بعد أن فشل في تحقيق أهدافه، خاصة وأن قوات الاحتلال عمدت إلى الضربات الجوية فقط، بعد أن فشلت في التوغل البري، الذي كان سيتم لولا التحرك المصري السريع.
والآن.. وبعد الانقلاب العسكري، ما هو الموقف المصري، إذا ما أقدم الصهاينة على ضربة عسكرية جديدة ضد القطاع؟.. تبدو الإجابة جلية في إعلام الانقلاب نفسه، الذي مايزال يتخذ لغة العداء والتحريض ضد غزة وأهلها، لغة رسمية له لا يعرف غيرها.