هكذا قال جوزيف جوبلز وزير الإعلام النازي في زمن هتلر، وهكذا يفكر كل طغاة العالم، وهكذا هي خطتهم ووسيلتهم التي انكشفت بمرور الزمن، وما زال هناك من ينخدع، وما زال هناك من يستمع ويشاهد ويصدق.
فهل تلخصت وظيفة الإعلام المصري في وظيفة واحدة وهي تضليل الرأي العام، والكذب الفج لحقائق مشاهدة على الهواء صوتا وصورة وأمام الرأي العام المحلي والعالمي؟
الإعلام المصري المملوك للشعب والذي ينفق عليه من أموال الشعب، ثم هو يعمل لصالح فئة قليلة من أصحاب الأموال التي تتحكم في كل شيء في مصر تحت حماية قوانين مشبوهة يضعها فئة منهم على حساب الشعب المسكين.
الإعلام الذي أصبح جزءا من منظومة صهيونية تتحرك وفق تلك الإرادة للمحافظة على مصالح الصهاينة ومن يؤيدهم في الداخل ويضمن استمرار حالة الفوضى التي يصورونها للعالم تحت زعم محاربة الإرهاب وعناوين أخرى لا يتسع لها المجال هنا.
الإعلام الذي تناسى إرادة الشعب كثيرا وصم أذنيه عن أصوات الأحرار وتجاهل وجودهم أصلاً، وصور الأمر – كما فعل في ثورة الخامس والعشرين من يناير – على أنها مجموعة مظاهرات لأصحاب أجندات خاصة أو لمجموعة من الإخوان المسلمين أو المعبرين عن الأصولية الإسلامية لا أكثر.
الإعلام الذي تجاهل مشاهد القتل الجماعي في رابعة والنهضة وزيف حقائق مشهودة للعيان، وادعى زيفا في مشاهد مضحكة أكثر منها مبكية أن من استشهد هو القاتل وأن الحر هو الظالم.
الإعلام الذي تعدى حدود وظيفته في نقل الحقائق ليقلبها زورا وبهتانا ليتعدى على حرمة الأطهار الصادقين الصابرين المحتسبين، فيدعي عليهم ما ليس فيهم، ويخصص الساعات المتتالية لمحاربة مشاريعهم التي شهد لها كل منصف وشارك فيها كل وطني.
الإعلام الذي يحسب أن الانقلاب باقٍ، فما زال يكذب ويكذب ويضلل المواطن البسيط في سبيل الحفاظ على منظومة الفساد القديمة التي ما زالت متوغلة في كل مؤسسات مصر.
هل يعتذر ذلك الإعلام يوما عن فترة تحكم فيه العملاء والفاسدون وأصحاب رءوس الأموال المشبوهة والمتقوتون على دماء الشعوب؟
هل يعتذر يوما للإخوان المسلمين عن جرائمه الإنسانية في حقهم كجماعة تولت حكم مصر فبذلت كل ما تملك من جهد وطاقة بشرية ومادية ووجدانية في سبيل الانتقال بالوطن في منعطف خطير لطريق السلامة والوصول به إلى بر الأمان؟
هل يعتذر لجماعة بذلت لمدة تزيد عن الثمانين عاما في سبيل حرية الوطن والحفاظ عليه في الحرب والسلم، وظلت متهمة رغم إنصاف المنصفين لها، واثبات التاريخ صدق توجه أبنائها، وأنهم من أخلص الناس للأرض والعرض والانتماء؟
هل يعتذر عن اتهامات يكيلها بالجملة في كل جريمة إرهابية تحدث على الأرض ويوجهها لتلك الجماعة بلا أدنى دليل، ثم يأتي الوقت ليثبت براءتهم وطهارة يدهم وصدق توجههم وحرصهم الزائد على سلامة الوطن والمواطنين من كل سوء؟
هل يعتذر عن سياسة الكذب المنظمة وصناعة الجرائم المدبرة لتوجيهها للشرفاء والأبرياء منهم ثم حين تثبت البراءة نجد صما وعميانا وبلهاء تجاه نتائج التحقيقات؟
هل يعتذر لشهداء الإخوان وشهداء الميادين، وشهداء الشرعية المتهمين بأنهم هم من قتلوا أنفسهم على عدم إنصافهم أو البكاء عليهم أو بالمطالبة بالقصاص لهم من قاتل يحرضونه على مدار الساعة على قتلهم.
أيها الإعلاميون، ما زالت الفرصة قائمة أن تجنحوا لجانب الحق والشرعية وأن تجنحوا لجانب الشعب الذي قرر منذ الخامس والعشرين من يناير أن يصنع مستقبله، وألا يقبل من أحد أن يرسم له لا خارطة طريق مضلة ولا يزيف له حقائق شاهدها بعينه وعاشها في ربوع مصر كلها.
ما زالت الفرصة قائمة للعودة والجنوح لجانب الشعب، فربما يسامحكم قبل فوات الأوان.
أما إن تأخرت تلك العودة لما بعد عودة الشرعية، وتلونتم وغلظتم الأيمان على صدق توبتكم فعفوا، فحتى لو قدمتم أيها الكاذبون ألف اعتذار وألف تبرير فلن نقبل منكم، فما بيننا وبينهم لم يعد كلمات تقال في جلسات تزينها الابتسامات ووجوه مختفية خلف ألف قناع، إن ما بيننا وبينهم صار دما وحريات وأيتاما وأرامل وثكالى ينتظرون القصاص.