يشهد ملف الإعلام المصري، الذي يتحكم فيه جهاز المخابرات، تطورا كبيرا خلال هذه الأيام، حيث بدأ إجراء مصالحات مع بعض الوجوه المستبعدة، وصرف زيادة 20% للعاملين بالقنوات الخاصة والذين لم تزد رواتبهم منذ سنوات، وفق ما ذكرته صحيفة الأخبار اللبنانية.
وترتبط تلك التطورات الجديدة، بتقليص صلاحيات وربما إبعاد غير معلن للمقدم في جهاز المخابرات العامة «أحمد شعبان» عن إدارة الملف، مع استمرار سيطرة الجهاز على الإعلام.
وقالت صحيفة «الأخبار» إن المصالحات لم تقتصر على المذيعين فقط، بل شملت أيضا المغضوب عليهم من خلف الكاميرا، ومنهم مسؤولون عن إعداد المحتوى أعيدوا إلى العمل بعد شهور من إجبارهم على الجلوس في المنزل.
ورغم التغييرات التي يشهدها الإعلام ونقل المذيعين من شاشة لأخرى أو من برنامج لآخر بطرق غير منطقية وبدون مبررات، فلم تنجح تلك القنوات في تقديم أي محتوى جديد أو مؤثر، بل يستمر التراجع في نسب المشاهدة.
ويشكل ملف الإعلام أزمة كبيرة في جهاز المخابرات، خاصة في ظل فشل العديد من الشخصيات في إدارته، وانتقاد «عبدالفتاح السيسي» الدائم له ودعوته لتطويره، رغم فرضه موجة جديدة من الرقابة في السنوات الثلاث الأخيرة.
وفي نوفمبر الماضي، نشر موقع «مدى مصر» تقريرا عن إبعاد نجل السيسي «محمود» إلى روسيا بسبب فشله في إدارة عدد من الملفات وعلى رأسها الإعلام، بسبب تنامي نفوذ الأخير الذي أثر سلباً على أبيه.
وأثار تولي أسامة هيكل، منصب وزير الدولة لشؤون الإعلام في مصر، في التعديلات الوزارية الأخيرة الكثير من اللغط القانوني والسياسي، خاصة أن الدستور الجديد لا ينص على وجود حقيبة لوزارة الإعلام.
ويرى البعض أن هيكل جاء لتصفية المؤسسات الإعلامية الحكومية، فيما قال آخرون إن الهدف هو محاولة ضبط الإعلام المصري الذي أثبت فشله خلال السنوات السابقة.
ويتداول العاملون في الإعلام الخاص بمصر أن النظام قرر تغيير سياسته تجاه الإعلام بعد فشل السياسة السابقة، التي كانت تعتمد على الاستحواذ والتحكم الكامل بشراء وسائل الإعلام، وذلك بعد تكبد الشركات الإعلامية المملوكة للأجهزة الأمنية خسائر فادحة، ليقرر النظام العودة لسياسة ترك الملكية للقطاع الخاص وإدارة الإعلام من وراء الستار.
ومنذ نهاية 2017، بدأ استحواذ المخابرات العامة على عديد من وسائل الإعلام، ليصبح الجهاز حاليًا مالكًا لشبكة «دي إم سي»، ومجموعة قنوات «أون»، وتلفزيون «الحياة»، وتلفزيون «النهار»، بالإضافة إلى حصة حاكمة في قنوات «سي بي سي»، فضلًا عن راديو «9090»، وعدد من المواقع الصحفية منها اليوم السابع وصوت الأمة.
ويتعرض المشاهد المصري يوميا لأكثر من 16 ساعة من برامج «التوك شو»، وهو ما يعادل 480 ساعة بث شهريا، تغطي وقت الذروة من الساعة السادسة مساء إلى الواحدة ليلا.
ويخصص مقدمو هذه البرامج أغلب ساعات ظهورهم للحديث الإيجابي عن النظام، وتفسير كل الأحداث لصالح السيسي، كما يتبارون في تكرار الجمل التي ترد على لسانه في أي خطاب.
ورغم عدم وجود تقديرات دقيقة بشأن أجور مقدمي هذه البرامج، فإن تقارير صحفية مصرية أشارت إلى أن بعضهم يتقاضى رواتب تتجاوز عشرات آلاف الدولارات، مع نسبة من الإعلانات التي يجلبها برنامجه للمحطة.