في عالم كانت قواه العظمى تحلم بامتلاك القوة النووية، ومع اختراع الولايات المتحدة لقنبلتها النووية في 1942، وتجربة اختراعها الذري في هيروشيما وناجازاكي 1945، كانت أحلام فرنسا تكبر تدريجيا، حتى تمكنت من اختراع قنبلتها بمنتصف خمسينات القرن الماضي، بمنطقة «برويار لو شاتيل»، وأخذت القيادة الفرنسية القرار باختبار قنبلتها في منطقة «رقان» الصحراوية بجنوب الجزائر، فبراير 1960، بدعوى خلو المنطقة من السكان.
وفي 13 فبراير 2020، تأتي الذكرى الـ60 لتجارب فرنسا النووية في الجزائر، والتي راح ضحيتها 42 ألف مصابٍ بالإشعاع النووي، ونشأ جيل كامل بتشوهات خلقية، في تجارب أسماها الاحتلال الفرنسي بـ«اليربوع الأزرق» وأجراها في نهاية 132 عاما من الاحتلال، واستمرت لسنوات بعد التحرير.
تمت التجربة بإشراف مباشر من الرئيس الفرنسي حينها «شارل ديجول»، واختيرت منطقة «رقان» بالصحراء جنوب الجزائر لتنفيذ التجربة في يوم 13 فيفري/ فبراير 1960، ووصل عدد التجارب إلى 210 تجربة نووية، سمتها فرنسا بألوان أعلامها: اليربوع الأزرق، اليربوع الأبيض، اليربوع الأحمر.
بلغت قوة التفجير الأول الذي أطلقه الفرنسيون بالجزائر 4 أضعاف قنبلة هيروشيما النووية، التي أطلقتها أميركا على اليابان.
وبلغ وزن القنبلة 70 كيلو طن، واستخدمت في معظم تجاربها عنصر البلوتونيوم الذي يبلغ عمره 4.2 مليار سنة، وعنصر اليورانيوم 24 ألف سنة.
لاختبار تأثير القنبلة على الإنسان، اصطحبت القوات الفرنسية 150 سجينا جزائريا، وثبتتهم بالأعمدة في مكان إجراء التجربة، وذكرت التقارير أنهم انصهروا أحياءً وسلخت جلودهم عن عظامهم، حسب المجلة الرسمية للجيش الجزائري
وقال أخصائي الفيزياء الطبية الجزائري الشهير «عباس عروة» في كتابه «التجارب الفرنسية في صحراء الجزائر: جرابيع الموت وجواهر الخراب» أن فرنسا جهزت 6000 نعش لضحايا التفجير المرتقبين.
في 10 مارس 1960 كرم الرئيس «ديجول» العسكريين والفيزيائيين المشاركين بالتجربة، ومنحهم الأوسمة تقديرا لجهودهم في تطوير أول قنبلة نووية فرنسية.
احتفل الباريسيون بالخبر وعمت الفرحة أرجاء البلاد بنجاح أول تجربة ذرية فرنسية، وقرؤوا تفاصيل الخبر في الجرائد، بينما ظل الجزائريون يعانون من آثار التجربة وعشرات التجارب غيرها حتى هذه الساعة.
وبعد طول إنكار، اعترفت فرنسا بارتكابها 13 تجربة نووية، لكن الجزائر أكدت أنها علاوة على المجازر التي ارتكبتها طيلة 132 عاما، أجرت 57 تجربة نووية.