لفت تقرير نشره موقع «بلومبيرج»، وكتبه مدير مكتبه بالسعودية جلين غازي، أن الأضواء في قمة العشرين هذا العام ستكون مسلطة على ولي العهد السعودي، باعتباره الشخص الأكثر إثارة للجدل، متفوقا على ترامب وبوتين والرئيس الصيني.
وبحسب التقرير الذي ترجمه موقع «عربي 21»، فإن الهدف من ذهاب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إلى القمة في الأرجنتين التي وصلها جوا يوم الأربعاء، هو البحث عن إعادة تأهيل، بعد تغير نظرة حلفاؤه الغربيين إليه، بعدما كان في نظرهم مصلح اقتصادي واجتماعي كبير.
ويقول غاري إن جريمة القتل البشعة، التي ارتكبت ضد جمال خاشقجي في القنصلية في اسطنبول، حولت الأمير محمد إلى شخصية انقسم حولها الناس على المسرح العالمي، مشيرا إلى أن “ظهوره في قمة مجموعة العشرين، بعد جولة تضمنت عدة دول صديقة، هو مؤشر على أنه يشعر أنه آمن في بلده، وأن ردة الفعل العالمية انتهت، والسؤال هو إن كان ذلك سيترجم إلى نهاية سريعة لعزلته”.
ويلفت الموقع إلى أن ترامب رد على الانتقادات الموجهة للعلاقات الوثيقة لإدارته، وأشاد به للتسبب بانخفاض أسعار النفط، وقال الرئيس لـ”واشنطن بوست” بأنه بالرغم من عدم وجود لقاء معه في برنامجه، إلا أنه قال إنه “مستعد بالتأكيد” أن يجلس مع ولي العهد.
ويذكر التقرير أن بوتين، الذي سيكون حريصا أن يتحدث عن النفط، ينوي اللقاء بالأمير محمد، بحسب المطلعين على خطط الزعيم الروسي، مشيرا إلى أن المسؤولين الأتراك قالوا إن السعوديين طلبوا لقاء مع الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي قامت إدارته بتسريب تفاصيل جريمة القتل بانتظام.
ويفيد الكاتب بأن الآخرين، خاصة من الديمقراطيات الغربية، فهم الأكثر احتمالا أن يتجنبوه، فقال المسؤولون من فرنسا وألمانيا وكندا بأنه من غير المحتمل أن يلتقي زعماؤهم به حتى لو طلب هو ذلك، أما مكتب رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، فرفض القول إن كانت ستعقد مع الأمير لقاء ثنائيا أم لا.
وينقل الموقع عن العالم المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة جيمس دورسي، قوله: “إن التعافي في النواحي التي كانت الأضرار فيها لصورته ملموسة سيكون صعبا.. قمة مجموعة العشرين ستكون الاختبار الأقصى وسيبرز خط الانقسام”.
وينوه التقرير إلى أن مقتل خاشقجي ولد انتقادات على نطاق واسع لزعامة الأمير البالغ من العمر 33 عاما وسياساته الخارجية، فتحول من الأمير السعودي الشاب الذي سيقوم بنقل المملكة إلى المستقبل، إلى “أكثر من خطير” لعدد متزايد من المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين.
ويورد غاري نقلا عن السعودية، قولها إن الأمير محمد لم يكن على علم بأي خطة لقتل خاشقجي، فيما قام الادعاء السعودي بتوجيه التهمة إلى 11 شخصا في جريمة القتل، ويتم التحقيق في تورط مستشار مقرب من الأمير، لافتا إلى أن العائلة المالكة تحاول في غضون ذلك الحد من التداعيات، وإظهار أن الأمور تسير بشكل عادي.
ويشير الموقع إلى أن الأمير قام بالسفر إلى الإمارات العربية المتحدة، وهي حليف إقليمي أساسي، في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر، قبل أن يسافر إلى البحرين ومصر وتونس، حيث قام الصحافيون والناشطون بالتظاهر ضد زيارته من خلال عرض جدارية تحمل صورة رجل خليجي متكئ على منشار أشجار آلي، لافتا إلى أن هذه الجولة جاءت بعد جولة داخلية في السعودية قام بها هو ووالده الملك سلمان.
ويلفت التقرير إلى أنه منذ صعود الأمير محمد لمنصبه فإنه قام بعدة أخطاء في سياسته الخارجية، التي ربما ألحقت الضرر بمكانة زعامة بلده أكثر من تعزيزها، فحرب اليمن في عامها الرابع، وملايين اليمنيين يعانون من الجوع والمرض، فيما وصل عدد الضحايا عشرات الآلاف، مشيرا إلى أنه ليس هناك أي مؤشر على انتصار حاسم للتحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين.
ويذكر الكاتب أن منظمة “هيومان رايتس ووتش” قامت قبل وصول الأمير محمد بأيام، برفع قضية لدى المدعي العام الفيدرالي في الأرجنتين على الأمير؛ لدوره في جرائم الحرب التي يتهم التحالف الذي تقوده السعودية بارتكابها في اليمن، والتعذيب الذي يقوم به المسؤولون السعوديون، وركزت الدعوى على الغارات ضد المدنيين، وقالت: “إن كثيرا من هذه الهجمات -إن تمت بنوايا إجرامية- تشير إلى جرائم حرب محتملة”.
ويستدرك الموقع بأن الأمير محمد ليس دون دعم دولي، فهناك حلفاء إقليميون يعتمدون على السخاء السعودي، وهناك ترامب، الذي تجنب توجيه اللوم للأمير مكررا في جريمة مقتل خاشقجي، وأثنى على السعودية لأنها تسببت بانخفاض أسعار النفط.
وبحسب التقرير، فإن رفض ترامب لتورط الأمير أغضب أعضاء الكونغرس الأمريكيين، الذين دعوا إلى تعليق بيع الأسلحة وفرض عقوبات أشد، مشيرا إلى أن اجتماعا رسميا خلال قمة مجموعة العشرين لترامب مع كل من بوتين وشي سيوفر مادة للمنتقدين، الذين يعدونه يتماشى كثيرا مع الديكتاتوريين، ويتردد في التعاون مع الحلفاء الذين يشاركون أمريكا قيمها.
ويقول غاري: “لم يكن من المفروض أن يكون الأمر كذلك، فعندما سافر إلى لندن في آذار/ مارس، كانت هناك صور له في أنحاء مختلفة من المدينة تحمل شعار (إنه يجلب التغيير للسعودية)، وقابل الملكة اليزابيث الثانية، وتم توقيع صفقات استثمار بقيمة 2.1 مليار دولار، وقال بوريس جونسون، الذي كان وزيرا لخارجية بريطانيا حينها، بأن الأمير أثبت (بالكلمة وبالفعل أنه يهدف إلى قيادة السعودية إلى اتجاه أكثر انفتاحا)”.
وينوه الموقع إلى أن الأمير سافر إلى أمريكا في الشهر ذاته، وتم استقباله كأنه نجم، واجتمع الأمير، الذي يطلق عليه في الغرب “أم بي أس”، مع كبار رجال الأعمال الأمريكيين، والتقى في لوس انجلوس مع بعض أكبر الأسماء في مجال الترفيه.
ويختم “بلومبيرج” تقريره بالإشارة إلى قول المتخصص في الأمن القومي والسياسة الخارجية المقيم في واشنطن كرمان بخاري، الذي يعمل مع معهد التطوير المهني التابع لجامعة أتوا، إن الأمير محمد “قد يرى في زيارة الأرجنتين فرصة للتخفيف من الأضرار، لكن من غير المتوقع أن ينجح في ذلك.. وقد يكون الأثر عكسيا إن حاول الإجابة على أسئلة الصحافيين، فكلما حاول توضيح موقفه أكثر بدا بصورة أسوأ”.