تعول الحكومة المصرية على الشريحة الرابعة من قرض صندوق النقد الدولي التي دخلت خزائن البنك المركزي قبل أيام، لدعم وتحفيز الاقتصاد.
الشريحة الرابعة من القرض تأتي بالتزامن مع قرب انتهاء برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تقوم به الحكومة مع الصندوق، حيث لم يتبق منه غير شريحتين فقط.
ومع تسلم الشريحة الرابعة من القرض، ترتفع قيمة ما حصلت عليه مصر حتى الآن من صندوق النقد الدولي إلى 8 مليارات دولار.
وتوصلت مصر إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي في 2016 لإقراضها 12 مليار دولار، مقابل إصلاحات شملت تحرير سعر صرف الجنيه، وخفض الدعم عن الوقود والكهرباء ومياه الشرب، والمواصلات العامة ومترو الأنفاق والاتصالات، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة.
وزير المالية محمد معيط قال مطلع الشهر الجاري، إن موافقة الصندوق على صرف الشريحة الرابعة تأتي في ضوء التطورات الاقتصادية الإيجابية التي تشهدها مصر.
إلا أن السوق المصرية تشهد غلاء في أسعار السلع الأساسية والخدمات، ومعاودة نسب التضخم إلى الصعود بعد موجة هبوط دامت عدة شهور.
وأدت شرائح صندوق النقد الدولي إلى ارتفاع احتياطات مصر الأجنبية، إلى جانب قروض من مؤسسات مالية وبنوك دولية.
تقليص العجز
يقول المحلل الاقتصادي محمد صفوت، إن دخول الشريحة الرابعة بقيمة ملياري دولار إلى أرصدة الاحتياطي لدى المركزي، ستعمل على زيادة قيمته البالغة نحو 44.258 مليار دولار في نهاية يونيو / حزيران 2018.
المركزي المصري أعلن مؤخرا ارتفاع أرصدة الاحتياطي من النقد الأجنبي إلى 44.258 مليار دولار في نهاية يونيو / حزيران الماضي، مقابل 44.139 مليار دولار.
ويضيف صفوت للأناضول، أن منح المقابل لتلك الشريحة بالجنيه المصري لحسابات وزارة المالية، “يسهم في تقليص العجز بالموازنة العامة للدولة، ويساعد على تخفيف حمى الاقتراض هامشيا”.
تأثير مباشر
وأشار صفوت إلى أن الإفراج عن الشريحة الرابعة من القرض سيكون له “تأثير غير مباشر وإيجابي على سعر الصرف واحتياطي النقد الأجنبي”.
واعتبر أن موافقة صندوق النقد تعني “أن هناك ثقة أكبر تجاه الإصلاح في مصر، وهو ما يصب في مصلحة العملة المحلية، إلى جانب التأثير الإيجابي على نظرة المستثمرين لمصر وجذب الاستثمارات خلال المرحلة المقبلة.
وتراجع صافي الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر بنسبة 8.3 بالمائة إلى 6.019 مليارات دولار على أساس سنوي، خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة المالية 2017 ـ 2018، وفق بيانات البنك المركزي.
ويبدأ العام المالي في مصر مطلع يوليو / تموز وحتى نهاية يونيو / حزيران من العام التالي، وفق قانون الموازنة المصرية.
وتتوقع وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي سحر نصر، أن تجذب بلادها استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 12 مليار دولار للعام المالي الجاري.
رفع تدريجي
يقول المحلل الاقتصادي محمود مكاوي، إن موافقة صندوق النقد الدولي لصرف الشريحة الرابعة من القرض لمصر، تعني استمرار الحكومة في مسار الرفع التدريجي للدعم حتى النهاية.
وفي مايو الماضي، قال صندوق النقد إن الحكومة لا تزال ملتزمة بمواصلة إصلاح دعم الطاقة للوصول إلى مستويات أسعار استرداد التكلفة لمعظم منتجات الوقود خلال 2019.
ورفعت القاهرة في يونيو / حزيران الماضي أسعار مياه الشرب للاستخدام المنزلي، للمرة الثانية في غضون أقل من عام، بنسب تصل إلى 44.4 بالمائة.
كما رفعت أسعار شرائح استهلاك الكهرباء للاستخدام المنزلي بمتوسط 26 بالمائة وتصل حتى 69.2 بالمائة، ورفعت أسعار الوقود بنسب تصل إلى 66.6 بالمائة.
ويضيف مكاوي في حديثه للأناضول، أن الشريحة الرابعة من قرض الصندوق ستؤدي إلى رفع للاحتياطي الأجنبي لدى المركزي على حساب الدين الخارجي، والذي سجل نحو 82 مليار دولار نهاية 2017.
ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يرتفع الدين الخارجي لمصر إلى 91.5 مليار دولار في نهاية العام المالي الجاري 2018 ـ 2019، مقابل 85.2 مليار دولار في توقعات سابقة.
وتوسعت مصر في الاقتراض من الخارج خلال السنوات الماضية، سواء من مؤسسات دولية أو إقليمية أو أسواق الدين، لسد العجز في الموازنة.
وتعتزم مصر طرح سندات دولية بقيمة تراوح بين 6 و7 مليارات دولار في العام المالي الجاري 2018 ـ 2019، وفقا لما أدلى به وزير المالية السابق عمرو الجارحي في وقت سابق من العام الجاري.
مصادر إنتاجية
ويؤكد مكاوي أنه “من منظور تنموي، فإن ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي يفتقد للكفاءة حال عدم توليده من مصادر إنتاجية جديدة، مثل الصادرات وارتفاع تحويلات العاملين، وحصيلة قناة السويس، وقطاع السياحة”.
واستبعد مكاوي أن يؤدي حصول مصر على الشريحة الرابعة من قرض الصندوق إلى تعزيز قيمة الجنيه المصري أمام الدولار، خاصة أن البلاد سبق وحصلت على الشرائح الثلاث الأولى ولم تتحسن العملة المحلية.