أكدت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أن الملك عبدالله، ملك الأردن، لديه الكثير من شبكات العلاقات الهشة التي يتعين عليه إصلاحها من أجل الخروج من المأزق الأدرني الحالي، موضحة، في مقال لـ«زفي بارئيل» وهو محلل شؤون الشرق الأوسط، أن المشكلات داخلية وخارجية، وأصعبها هي العلاقات مع الخليج خاصة في ظل أزماته مع إيران.
أما على المستوى الداخلي، أكد الكاتب، في مقاله الذي ترجمته «شبكة رصد»، أن أسرة شاب يدعى «فارس فايز»، نظمت وقفات احتجاجية في عمان؛ اعتراضا على سجن نجلهم، مهددين بفطع الطريق الرئيسي المؤدي للمطار إذا لم بتم الإفراج عنه.
فارس فايز، هو ناشط أدرني معارض، معروف بهجومه المتواصل على الأسرة الهاشمية والملكة رانيا على وجه الخصوص، وخلال تظاهرات الأسبوع الماضي، نشط فارس في نشر منشورات مهينة للملك وأسرته، متهما إياه بأنه المسؤول الرئيسي عن الفساد المستشري بالمملكة.
واعتقل فايز، منذ أسبوع، ومن المتوقع أن يتصاعد المواجهة مع أسرته ذات النفوذ، إذا لم يتم الإفراج عنه، وينتمي فارس فايز، لقبيلة تدعى بني صخر، وهي قبيلة ذات نفوذ كبير بالمملكة، ما ينذر بتصاعد مواجهة أخرى جانبية بجانب المواجهات التي تخوضها المملكة حاليا.
الخليج
أما على المستوى الخارجي، فدفعت التظاهرات الأخيرة الملك عبدالله، للجوء إلى الدول الخليجية من أجل انتشاله من المأزق الحالي، ومحاولة تخفيف ديون بلاده البالغة نحو 40 مليار دولار، فيما اضطرت الحكومة لتجميد قانون ضريبة الدخل بعد تزايد الاحتجاجات وتصاعدها.
وأكد الكاتب، أنه للأسف فالمساعدات الخليجية لا تأتي دون مقابل، بل سيدفع ثمنها دبلوماسيا، ولم يوضح الكاتب تفاصيل الثمن المشار إليه والذي سيدفعه عبدالله وحكومته.
وكانت الكويت هي الدولة الخليجية الوحيدة التي عرضت المساعدة على الحكومة الأردنية، وأرسلت مبعوثا خاصا إلى عمان، لتقديم مليار دولار، نصفها قروض دون فوائد أو فوائد منخفضة للغاية، أما المتطوع الثاني للمساعدة، فكانت قطر، التي قاطعتها السعودية والإمارات ومصر والبحرين.
إلا أنه وفقا للكاتب، فتلقي المساعدات من قطر، له أثر سلبي جانبي؛ حيث يزيد من نفوذ قطر على حساب السعودية والإمارات، وهو ما سيصعب من مهمة عبدالله معهما.
ورغم أن الرياض لم تهرع لمساعدة الأردن، والاكتفاء ببيانات دعم، إلا أن قطر جاءت بعرض لا يمكن رفضه، فالشوارع كانت تغلي، وهو ما دفع الرياض للاستيقاظ فجأة ومحاولة مساعدة الأردن.
المساعدات هزيلة
إلا أنه ورغم كل ما سبق، جاءت النتائج مخيبة للآمال نوعا ما؛ حيث عرضت الدول الخليجية فقط 2.5 مليار دولار، بما فيها المليار من الكويت، بينما تعهدت السعودية والإمارات فقط بـ750 مليون دولار على مدار 5 سنوات، وهو إيداع لا يمكن للأردن أن يعتمد عليه أو يساعده في شيء.
وكان الأردن يأمل في الحصول على 5 مليارات دولار على الأقل؛ فالمبلغ الذي تم جمعه لا يكفي لتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
واستقبل الأردن العرض القطري بترحيب بالغ، وهو 500 مليون دولار مع وعد بتوظيف عشرات الآلاف من الأردنيين، فيما وصل العرض القطري دفعة واحدة، وليس مقسطا كما فعلت السعودية والإمارات، وهو الأمر الذي يعتبر مفيدا للغاية للأردن.
في المقابل، وافق الأردن على قبول سفير قطري جديد في عمان، بعد أن خفض العلاقات قبل نحو 18 شهرا تحت ضغط السعودية والإمارات العربية المتحدة.
وعبر رئيس الوزراء الأردني الجديد، صراحة، عن خيبة أمله من الدول الخليجية، موضحا أن ذلك جاء تزامنا مع ضغوطات دبلوماسية شديدة تعرض لها الأردن من تلك الدول.
وكان الأردن عبر عن رفضه من قبل لصفقة القرن وقرار ترامب بشأن القدس، وفي الوقت نفسه رفضت عمان خطة الرياض لحرمان الأردن من وصايتها على الأماكن المقدسة بالقدس، كما هو منصوص عليه في معاهدة السلام مع إسرائيل عام 1994، وأخيرا، لا يرغب الأردن في المشاركة بالحرب السعودية على اليمن، كما رفض مطالب سعودية قديمة بمهاجمة قوات الأسد.
وتابع الكاتب: سنرى كيف سترد السعودية والإمارات على الصداقة الجديدة بين الأردن وقطر، إلا أن تلك ليست الجبهة الوحيدة التي يواجه فيها الأردن مشكلات، فالاتفاقيات التي أبرمتها وما زالت مع روسيا وتركيا وسوريا حول مستقبل سوريا تقلق السعودية بشكل خاص؛ بسبب قرب الحدود الأردنية مع إيران.
في وقت سابق من هذا الشهر، كان من المفترض أن يستضيف الأردن مؤتمرا لمسؤولين أمريكيين وروس وأردنيين؛ لمناقشة ترتيبات الإشراف على منطقة التصعيد في جنوب سوريا، وكان هناك اتفاق سابق بشأن مناطق التصعيد تلك، وهو الاتفاق الذي بموجبه من المفترض أن تبتعد القوات الإيرانية نحو 25 إلى 40 كيلومترا عن الحدود الأردنية.
المصالح الإسرائيلية الأردنية
لكن الاجتماع ألغي بناء على طلب من الأردن، ويرجع ذلك إلى أن الأردن مثل إسرائيل تعارض السماح للجيش السوري الحر بالانتشار في جنوب سوريا، خوفا من وصول القوات الموالية لإيران، فالأردن يريد ضمانات بأن قوات سورية هي من ستسيطر على تلك المنطقة وليست قوات إيرانية.
وتسعى تل أبيب إلى تأكيد انسحاب القوات الإيرانية لمساحة تتراوح ما بين 50 إلى 75 كيلومترا، من الحدود الإسرائيلية السورية، فيما ترفض إيران تلك المطالب، والآن تنتظر الأردن وإسرائيل ما ستلقيه عليهم الأيام المقبلة فيما يخص تلك المسألة.
أما روسيا، فالبفعل تود انسحاب القوات الإيرانية من سوريا، ليس من أجل إسرائيل، لكن من أجل مصالحها الخاصة، وهو ما عبرت عنه قبل ذلك علنا، وكان حسن نصرالله اكد من قبل أن روسيا لن تستكيع إبعاد القوات الإيرانية من المنطقة.
وفي مقابلة إعلامية قديمة، أكد الأسد أن القوات الإيرانية وحزب الله لن يغادروا سوريا إلا عندما تنتهي الحرب ضد الإرهاب في سوريا، مضيفا أن إيران وحزب الله كانوا جميعا داخل سوريا بشكل شرعي، لكن روسيا ليست مقتنعة بوجهة نظر الأسد.
ورغم أن الأردن وإسرائيل تتوقعان استخدام روسيا نفوذها ضد إيران، إلا أنها تحركت بشكل دقيق حتى لا تزعج إيران.
ومن ناحية أخرى، تحاول إيران الاعتماد أكير علىى روسيا والصين، خاصة بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، لذلك تتحرك روسيا بشكل دقيق في هذا الملف، فهي لا تريد خسارة حليف مثل الجمهورية الإسلامية.