تحليل: «ميدل إيست مونيتور»
منذ سنوات والانقسامات الداخلية في اليمن موجودة، بعد أن كانت منقسمة إلى شمال أو جنوب، عام 1990؛ لكنّ الانفصاليين الجنوبيين حاولوا الانفصال عن الشمال مرة أخرى عام 1994، والمحاولة فشلت بسرعة؛ وبعدها بدأت الموارد والسلطات تتدفق على العاصمة صنعاء، ما أثار غضب الجنوبيين.
وحكم الرئيس «علي عبدالله صالح» اليمن الشمالي عام 1978، واليمن الموحّد 1990؛ لكنّه أغضب كثيرين من اليمنيين، بعدما نصّب أقاربه في أماكن مهمّة بالجيش والاقتصاد، بجانب الفساد المستشري.
وحكم اليزيديون الشيعة شمال اليمن حتى عام 1962، وأصبحت معاقلهم أشدّ فقرًا من غيرها، وفي أواخر التسعينيات شكّل بعضهم جماعة الحوثيين التي حاربت الجيش اليمني.
وبالرغم من تحالفهم مع علي صالح،اكتسب الإخوان المسلمون وغيرهم من الإسلاميين مزيدًا من القوة، تحت قيادة «محسن الأحمر»، الذي تمكّن من بناء نفوذ داخل القوات المسلحة.
وباستغلال الخصومات بين الفصائل، شكّل أشخاص «تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية»؛ وأصبح واحدًا من أكثر أجنحة التنظيم قوة.
كيف ساهمت ثورات الربيع العربي في الحرب اليمنية؟
عندما اندلعت الاحتجاجات الجماهيرية في 2011، انقلب حلفاء صالح السابقون على بعضهم بعضًا، وانقسم الجيش بين موالين لصالح وموالين للأحمر، وحشد الانفصاليون أنفسهم في الجنوب، واستولى الحوثيون على مزيد من المناطق.
وبعد عام من الأزمة، أقنعه جيرانه الخليجيون بالتنحي؛ لكنّه بقي في اليمن، وبعدما انتخب عبدربه منصور هادي في 2012 بدأ حوار وطني بين جميع الجماعات اليمنية المعارضة لإعداد دستور جديد، وبالرغم من ذلك تهاوت الأمور.
وكان يُنظر إلى هادي على أنّه ضعيف وإدارته فاسدة، وقوّض حلفاء صالح داخل الجيش، فيما أقام القاعدة ولاية صغرى استمرت في مهاجمة صنعاء.
وفي 2014، استولى الحوثيون على صنعاء بمساعدة وحدات الجيش الموالية لصالح؛ ما أجبر هادي على تقاسم السلطة وإعداد دستور جديد فيدرالي، لكنّ الحوثيين رفضوه، محاولين ترسيخ نفوذهم.
وفي بداية 2015 اعتقل الحوثيون هادي، لكنّه تمكّن من الهربب وفر إلى عدن، وطاردوه؛ لكنهم لم يتمكنوا منه، وبعد أيام تدّخلت السعودية وأعلنت الحرب لمنع إيران من زيادة نفوذها في الخليج؛ عن طريق الحوثيين.
وتمكّنوا من التقاط هادي ونقله إلى الرياض، محافظين على حكومته المعترف بها دوليًا وخطة التحول الديمقراطي.
لماذا سُدّت جميع الطرق؟
الحرب في الأساس كانت بين تحالفين مضطربين؛ فالحوثيون وصالح كانا عدوّين قديمين، وحكما مناطق آهلة بالسكان على سواحل البحر الأحمر، بينما لم يكن لهادي أيّ سلطة شخصية، وأصبح رمزًا لمجموعات انشقاقية بسيطة في جنوب اليمن.
وواصل التحالف غاراته الجوية المكثّفة؛ بهدف تقسيم الحوثيين وصالح، وفرضوا حصارًا على اليمن لمنع إيران من تهريب الأسلحة، وهو الأمر الذي تنفيه. وبالرغم من الضغوط؛ لم تسفر المحادثات المدعومة أمميًا عن أيّ نتيجة.
كيف أدّت الانقسامات الداخلية دورها؟
في العام الماضي، تخلى صالح عن حلفائه الحوثيين؛ على أمل التوصل إلى اتفاق واستعادة السلطة. لكنه قُتل أثناء فراره في ديسمبر 2017؛ وبعدها تمكّن الحوثيون من التقدّم نحو مدينة الحديدة.
وعلى الجانب الآخر، اتّسعت الانقسامات الداخلية؛ ودعم الإماراتيون الانفصاليون في جنوب اليمن، وأحيانًا تصادموا مع مقاتلي السعودية.
وفي الشمال، نصّبت السعودية «الأحمر» قائدًا للقوات في مأرب. وفي هذه الأثناء، تفاقمت أعداد القتلى والمصابين جراء الغارات الجوّية المكثفة؛ ونتج أسوأ كارثة إنسانية بحسب وصف الأمم المتحدة.
وفي الحديدة، إذا استمرّ القتال فيها طويلًا؛ فبالتأكيد ستقع خسائر كبرى في صفوف قوات التحالف والمدنيين والحوثيين؛ ما ينذر بكارثة إنسانية أخرى. وإذا طُرد الحوثيون وفقدوا قدراتهم العسكرية في هذه المنطقة؛ فلا يوجد ما يضمن أنّ المنتصرين يستطيعون التغلب على انقساماتهم.