أدّى عبدالفتاح السيسي اليمين الدستورية لبدء ولايته الثانية تزامنًا مع موجات جديدة من اعتقال المعارضين، وقال أمام مجلس النواب إنّ مصر «يمكن أن تناسبنا جميعًا وتناسب اختلافتنا، وقبول الآخرين وإيجاد أرضية مشتركة أمرٌ مهم لنا».
بينما قطع نوّاب خطاب السيسي للتعبير عن إعجابهم بمضمونه، وهو الفائز بأكثر من 97% من الأصوات في انتخابات مارس الماضي، التي أدانتها منظمات حقوقية مصرية وغير مصرية، وكانت هزلية بحسب وصف المحللين والنقاد؛ خاصة بعد منع المرشّحين الجادين.
ويأتي تنصيب السيسي في أعقاب حملات متجددة تستهدف المعارضة «المعتدلة»، وقُبض على ستة معارضين بارزين على الأقل في الأسابيع الماضية، واُعتُقلوا جميعهم في غارات أمنية وقت الفجر، واُعتُقل 22 مواطنًا آخرين احتجوا في مترو الأنفاق على رفع أسعار التذاكر، واُتّهموا بالانضمام إلى جماعة الإخوان.
هذا ما تراه الكاتبة البريطانية المختصة في شؤون الشرق الأوسط «روث مايكلسون» في تحليلها بصحيفة «الجارديان» البريطانية وترجمته «شبكة رصد»، مضيفة أنّ حملة الاعتقالات الأخيرة تكشف أنّ ولاية السيسي الثانية ستكون أشدّ قتامة، وستتوفر فيها مساحة أقل للمعارضة؛ فمنذ وصوله إلى السلطة في 2013 دأب السيسي على سحق جميع أشكال المعارضة، بمن فيهم الإسلاميون والنقاد والنشطاء ومنظمات حقوق الإنسان والصحفيون.
ويعمل السيسي حاليًا على تشكيل ولاءات بعد القضاء على المعارضة بشكل كامل؛ فحوّل أكثر من مائتي نائب برلماني إلى موالين من المزمع أن يشكّلوا حزبًا سياسيًا جديدًا تحت اسم «مستقبل وطن»؛ ما يعيد إلى الأذهان ذكريات «الحزب الوطني الديمقراطي» الفاسد، الذي انتمى إليه الديكتاتور المخلوع محمد حسني مبارك.
وقد يشرع السيسي في تغيير الدستور؛ لتمديد مدّته الرئاسية، وإزالة الحد المسموح به في الحكم؛ ومن المحتمل أن يصبح رئيسًا مدى الحياة.
وجاء حلف اليمين بعد موجة من الاعتقالات ضد المعارضين؛ بينهم المدوّن البارز وائل عباس، والمحامي العمالي والناشط الاشتراكي هيثم محمدين، والناشط الساخر شادي أبو زيد، وشادي الغزالي حرب، والموالي السابق للسيسي الدكتور حازم عبدالعظيم، والناشطة أمل فتحي التي انتقدت الأجهزة الأمنية والتحرش الجنسي في مصر في فيديو على يوتيوب.
وقال محمد لطفي، رئيس الهيئة المصرية للحقوق والحريات: نتوقع أن تكون ولاية السيسي الثانية مضطربة إلى حد بعيد؛ فهو بحاجة إلى السيطرة على قوى المعارضة.
كما استهدف نظام السيسي الصحفيين الأجانب؛ من بينهم المراسلة الفرنسية «نينا هوبينت»، التي مُنعت من دخول مصر، والصحفي البريطاني «بيل تيرو».
ومن المتوقع أن ترتفع أسعار الكهرباء والوقود بنسبتي 55% و60% على التوالي في الموازنة القادمة في يوليو؛ ما سيوّلد مزيدًا من السخط وسط أفقر المناطق في مصر، وهي الشريحة التي تكافح بالفعل للتعامل مع ارتفاع الأسعار في المدّة الأولى للسيسي؛ لكنّ المحللين يقولون إنّ أساليب الحكومة الصارمة بشكل متزايد تمنع كثيرين من التعبير عن استيائهم.
وقال «مايكل حنا»، المحلل في «مؤسسة القرن» بنيويورك، إنّ التمييز آخذ في الازدياد بشكل صارخ، ولا يزال وضع معظم المصريين سيئًا للغاية، ويمكننا القول بوضوح إنّه لن يكون هناك تصحيح مسار؛ فلا توجد حتى الآن أيّ إشارة على أن السيسي ينوي التغيير فعلًا، نحن نسير في اتجاه الهاوية.