أكدت صحيفة «هآرتس»، «الإسرائيلية» أن ارتفاع أعداد القتلى الفلسطينيين في المواجهات مع قوات الاحتلال هذا الأسبوع، أعادت فتح الجدال حول قواعد إطلاق النار التي يتبعها جيش الدفاع الإسرائيلي، حيث قتل ما يزيد على 60 فلسطينيا في تظاهرات على الحدود مع قطاع غزة، ومعظمهم قتلوا بنيران قناصة إسرائيليين بينا أصيب الآلاف.
وأضاف الكاتب، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أن هذا العدد سقط في يوم واحد فقط، وهو ما يشير إلى أن ما يحدث تجاوز الحرب في 2014، حيث شارك حوالي 40 ألف فلسطيني في الاحتجاجات هذا الأسبوع، وهي التظاهرات التي زامنت مع ذكرى النكبة والافتتاح الرسمي للسفارة الأمريكية في القدس.
ووفقا للخبراء، فإن اعتبار ما فعلته «إسرائيل» جريمة حرب أم دفاع عن النفس، يتوقف على ما حدث على الحدود بالضبط، موضحين أن أغلبية المتظاهرين الفلسطينيين لم يكونوا مسلحين، لذا لم يكن هناك داعٍ لإطلاق النار بكثافة من قبل قوات الدفاع الإسرائيلية، مؤكدين أن ما زاد الارتباك هو عدم سلمية تلك التظاهرات بشكل كامل، حيث ألقى المتظاهرون الحجارة وقنابل المولوتوف على قوات الاحتلال عبر السياج الحدودي، فيما اشتعلت حرائق في المزارع المجاورة.
وقال المحامي «الإسرائيلي» البارز في مجال حقوق الإنسان، مايكل سفارد، إن قوانين الحرب لا تنطبق على المتظاهرين الفلسطينيين على الحدود مع «إسرائيل»، موضحا أن الجيش «الإسرائيلي» انتهك قوانين حقوق الإنسان بشكل واضح.
وأضاف سفارد أن حجة الحكومة «الإسرائيلية» والجيش «الإسرائيلي» هي نص القانون «الإسرائيلي» على ضرورة استخدام القوة المميتة إذا ما كان هناك احتمال بنشوب خطر ما، أو أن يكون هناك خطر وشيك سوف يمس حياة الآخرين بطريقة أو بأخرى، موضحا أن الكم الهائل للشهداء والمصابين هو نتيجة لتلك النظرة القانونية القاصرة، موضحا أنه لا أساس لها من الصحة أصلا، وتناقض تماما المبادئ الأساسية للقوانين التي تحكم استخدام القوة، وتلتزم بالمعايير التي تحمي وتحافظ على حياة المدنيين.
وسيفارد واحد من العديد من المحامين الذين يمثلون 6 منظمات حقوقية إسرائيلية وفلسطينية، قدمت التماسا إلى المحكمة العليا في «إسرائيل» لتغيير قواعد الاشتباك التي يعمل بها الجيش «الإسرائيلي»، مؤكدين أنه ينتهك القانون الدولي، كما طالبوا الجيش «الإسرائيلي» بضرورة إعلان قائمة مفصلة بالقواعد التي يتبعها ولا يعرفها الجمهور.
وفي ردّها على الالتماس، قامت الحكومة «الإسرائيلية» بالطعن على الطلب، ووفقا لسيفارد فإن الجنود لديهم إذن بإطلاق النيران على المتظاهرين فقط إن اجتازوا السياج الحدودي حتى لو كانوا غير مسلحين ولا يشكلون خطرا وشيكا، وهو ما ينبغي تغييره، مطالبا بالاكتفاء بإلقاء القبض عليهم وإطلاق سراحهم فيما بعد بدلا من قتلهم.
واتهم الحقوقي الإسرائيلي الولايات المتحدة بأداء جور شديد الأثر في التحريض ضد الفلسطينيين، متهما إياهم بأنهم المحرضون الرئيسيون، ووفقا للصحيفة: حتى بعد الأحداث الدامية التي وقعت يوم الاثنين، والتي أثارت إدانة دولية واسعة النطاق، لا يعتقد سيفارد أن الجيش «الإسرائيلي» سيعيد النظر في قواعد الاشتباك الخاصة به ما لم يجبر على ذلك من قبل المحكمة العليا.
وأضاف سيفارد: ما يفعله الجيش وضع مألوف وكلاسيكي، خاصة وأن الجهة الوحيدة القادرة على تغيير قواعده هي المحاكم «الإسرائيلية»، خاصة بعد أن فشلت جميع الجهود الدبلوماسية والضغط الخارجي في إقناع «الإسرائيليين» بعدم استخدام القوة المميتة ضد الفلسطينيين.
تعتقد منظمة العفو الدولية أن الرد «الإسرائيلي» على الاحتجاجات في غزة، يجب أن يخضع لقواعد إنفاذ القانون بدلاً من قواعد النزاع المسلح.
وتنص مبادئه التوجيهية بشأن استخدام القوة في مثل هذه الحالات على أنه «في حالة انتشار التجمعات العنيفة، يجوز للمسؤولين عن إنفاذ القانون استخدام الأسلحة النارية، حينما لا تجدي الوسائل السلمية لفض التجمهر»، كما ينص القانون «الإسرائيلي» الذي ينتهكه جيش الدفاع، على أنه من الضروري التفرقة بين المتورطين في أحداث عنف وبين الأبرياء.
كما أقرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، نفس الأمر في تقرير عام 2015، أثناء حديثها عن النزاعات المسلحة المعاصرة، موضحة أن التظاهرات ضد السلطات يجب أن تحتكم لقواعد إنفاذ القانون، فيما تشعر الدكتورة «إلياف ليبليش»، الأستاذة بكلية الحقوق جامعة تل أبيب، بالقلق من أن «إسرائيل» فرضت «نوعاً من نموذج إنفاذ القانون المختلط» الذي يسمح بالاستخدام المفرط للقوة المميتة، رغم سلمية التظاهرات.
وأضافت ليبليش أن القانون الدولي كان واضحا في مثل تلك الحلات، حيث نص على عدم استخدام القوة المميتة ما لم يكن هناك تهديد واضح، موضحة أن اللجوء للقوة هو آخر الحلول، وتكون مقبولة فقط في حال تعرض الشخص المعني لتهديد وشيك على حياته.
وأشارت أستاذة الحقوق إلى أن الطلبات المقدمة للمحكمة العليا في «إسرائيل» توصي بوضع تصور شامل لتعريض الأشخاص الذين يهددون حياة الآخرين، ووفقا للبروفسور «أميكاي كوهين»، أستاذ القانون الدولي في كلية أونو الأكاديمية بالقرب من تل أبيب، أنه يعتقد أن الجيش «الإسرائيلي» تجاوز بإطلاقه النيران الحية على الفلسطينيين.
وأشار كوهين إلى أن المعدل اليومي للضحايا الفلسطينيين يشير إلى أن قواعد الاشتباك الحالية فاشلة، موضحا أنه لا يجب أن تكون هناك أرقام مثل تلك، ومضيفا: نحن في حاجة إلى استخلاص دروس من تلك التجربة، والتعامل بمنطق مختلف عن منطق القتل.
واعترف أحد كبار المتحدثين باسم جيش الدفاع «الإسرائيلي» يوم الثلاثاء في إفادة مع يهود أمريكا الشمالية، بأن بعض المحتجين تعرضوا للتقل عن طريق الخطأ.