أعلن عبدالفتاح السيسي على «تويتر» أن مصر ستفتح معبر رفح الحدودي مع غزة طوال شهر رمضان الكريم، وجاءت تغريدة السيسي، وفقا لصحيفة «ميدل إيست مونيتور»، بعد أسبوع دامٍ على الفلسطينيين وافتتاح السفارة الأميركية في القدس يوم الاثنين، فتزامنا مع نقل السفارة استشهد 62 فلسطينيا وأصيب أكثر من 3000، ووفقا لكاتبة المقال «إميليا سميث»، المختصة بشؤون الشرق الأوسط، كانت أصغر الضحايا طفلة لم تتجاوز الـ8 أشهر، تدعى ليلى الغندور.
وأضافت الكاتبة، وفق ما ترجمت «شبكة رصد» أن القليلين سيصدقون السبب الذي أورده عبدالفتاح السيسي لإعادة فتح المعبر، موضحة أن مصر تعاونت مع «إسرائيل» بشكل مكثف من أجل تضييق الخناق على الفلسطينيين منذ أن فرض الجانب «الإسرائيلي» حصارا على القطاع في 2007، واتفقت القاهرة مع تل أبيب على تحديد نقاط الدخول والخروج، وهي القيود التي زادت في أواخر عهد مبارك بعد أن شم العالم العربي بوادر الربيع العربي؛ خشية انهيار الحدود وتدفق الفلسطينيين بالآلاف على سيناء.
ومنذ أن وصل عبدالفتاح السيسي إلى قمة السلطة عقب الانقلاب العسكري، وساءت علاقته مع الفلسطينيين بشكل كبير، مؤكدة أنه رغم معرفته بأن معبر رفح بمثابة الشريان الوحيد للمواطنين في غزة، إلا أنه لا يسمح لأي فلسطيني بالمرور إلا بعد الانتهاء من تصاريح خاصة تستغرق وقتا وأموالا، ويضطر الفلسطينيون في كثير من الأحيان إلى دفع رشاوى مقابل العبور.
وفي أكتوبر 2014، اتهمت مصر «حماس» بشن سلسلة من الهجمات الإرهابية التي استهدفت قوات الأمن المصرية في شبه جزيرة سيناء، واستخدمت تلك الاتهامات كذريعة لتشديد الخناق على قطاع غزة، وهو الخناق الذي اختتم بتسمية «حماس» منظمة إرهابية.
ووضع السيسي «حماس» في إطار حربه على الإرهاب في سيناء منذ صعوده إلى السلطة، وهي العمليات التي قتلت فيها قوات الجيش والشرطة مئات المدنيين ودمرت منازلهم ومزارعهم، وهجرتهم قسرا من بيوتهم، وعاملتهم دوما على أنهم إرهابيون.
ووفقا للكاتبة، يشعر الفلسطينيون بأنهم يعاقبون جماعيا، ومضيفة: إذا نظرنا إلى الأيام التي فتح فيها معبر رفح، نجد أن فتح في 2015 لمدة 32 يوما وفي 2016 لـ41 يوما وفي 2017، لمدة 29 يوما فقط، ونتيجة لذلك يعجز الآلاف من الفلسطينيين عن تلقي الرعاية الصحية اللازمة فيما يعجز الطلاب عن مواظبة دراستهم في الخارج أو لم شملهم بعائلاتهم، فيما ينتظر الناس إلى ما لا نهاية للحصول على إذن بالعبور.
ومع اندلاع الاشتباكات يوم الاثنين الماضي بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال، عانت الخدمات الصحية المختلفة في غزة من نقص في المعدات والأدوية والمستلزمات الطبية، فيما ناشدت وزارة الصحة الفلسطينية، الشقيقة مصر، بضرورة تزويد مستشفيات القطاع بالأدوية وإرسال جراحين وطواقم طبية متخصصة في جراحات الأوعية الدموية والتخدير ونقل المصابين في حالة حرجة إلى مصر.
فيما لم تستجب أي دولة سوى تركيا، التي أرسلت طائرة لنقل الجرحى، إلا أن السلطات المصرية منعت الطائرة من الهبوط في مطاراتها، وهو ما أكد ازدراء الساسة المصريين لأرواح الفلسطينيين.
وأشارت الكاتبة إلى أن تلك ليست المرة الأولى التي تستعرض فيها مصر عضلاتها في وجه الفلسطينيين وترفض تقديم الخدمات الطبية العاجلة والضرورية إليهم.
وتابعت الكاتبة: في 2013، كان أحد أبرز المشاهد المؤلمة هي لدكتور فلسطيني يدعى طارق لوباني، كان يحاول بكل جهد إيقاف نزيف المصابين الفلسطينيين، وأثناء محاولته ذلك، أطلقت قوات الاحتلال الرصاص على صدره، وخلال نقله إلى مصر لتلقي العلاج، ألقي القبض عليه واحتجز لمدة 53 يوما بعد التعامل مع إصابته.
وكان السيسي دعا «إسرائيل» في أول تعليق له على النكبة، بأن تتفهم ردود فعل الفلسطينيين، مطالبها بضرورة الاعتناء بأرواحهم، ووفقا للكاتبة كان السيسي يحاول تلطيف الأجواء مع «الإسرائيليين»، وأضاف السيسي: قلنا من قبل إن نقل السفارة الأميركية إلى القدس سيكون له تداعيات سلبية على العالم العربي والإسلامي، وسيؤدي إلى نوع من عدم الرضا وعدم الاستقرار، كما سيكون له تداعيات على القضية الفلسطينية ذاتها.
وأكدت الكاتبة أن تعليقات السيسي تتناقض بشكل صارخ مع زعماء العالم الآخرين الذين انتقدوا بشدة الجرائم الإسرائيلية، حيث طالب سفير بوليفيا لدى الأمم المتحدة، ساشا سيرجيو لورينتي، بضرورة إنهاء الحصار اللاإنساني الذي دام لـ11 عاما، فيما وصف مقرر الأمم المتحدة المعني بفلسطين، أفعال إسرائيل بجرائم الحرب.
وتزامنا مع سقوط شهداء الفلسطينيين وفي اليوم التالي للمذبحة، وجهت الصحف الإسرائيلية الشكر لمصر لاستطاعتها تخفيف حدة الاحتجاجات الفلسطينية عبر شروعها في تخفيف الحصار وفتح معبر رفح لفترة من الوقت، مؤكدة أن وفدا فلسطينيا التقى مسؤولين أمنيين مصريين للاتفاق على تخفيف الحصار حتى تمضي الأيام الحالية، إلا أن محمود الزهار، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، نفى وجود أي اتفاق مع الجانب المصري، مؤكداً أن التقارير «الإسرائيلية» هي محاولة لكسر ثقة الفلسطينيين في قياداتهم.
وطوال تاريخها، لعبت مصر دور الوسيط بين «الإسرائيليين» والفلسطينيين، إلا أن قرب السيسي الشديد من الحكومة «الإسرائيلية» والأعمال العدائية التي نفذها ضد الفلسطينيين، أكدت انه ليس وسيطا نزيها، ولا يتمتع بأي مصداقية، فمنذ أن بدأت الاحتجاجات الفلسطينية في 30 مارس، استشهد 116 فلسطينيا بنيران حية، وتسببت الأعداد الهائلة للوفيات والإصابات في إجبار مصر على فتح المعبر لمدة شهر.
https://www.middleeastmonitor.com/20180518-it-took-116-dead-palestinians-for-egypt-to-ease-its-siege-on-gaza-for-a-mont