قصف متبادل شهدته سماء سوريا ليل الأربعاء إلى فجر الخميس، لتشتعل منطقة الجولان والحدود السورية، بعد أن وجه الاحتلال ضربات قوية لأهداف في الداخل السوري، أعلن بعدها أنه دمر البنية التحتية لمناطق تمركز القوات الإيرانية، ردًا على إطلاق «فيلق القدس» 20 صاروخا باتجاه أهداف إسرائيلية بالجولان، ما يطرح تساؤلا.. هل بدأت الحرب الإسرائيلية الإيرانية في سوريا؟
وزعم جيش الاحتلال الإسرائيلي أن القصف الإيراني لم يطل أيا من أهدافه وأن دفاعاته تصدت له، فيما لم تصب بعضها الأهداف بشكل صحيح، ولكن بحسب ما صرح به وزير حرب الاحتلال أفيجدور ليبرمان فإن الضربة التي أطلقتها تل أبيب، هي «رسالة يجب على الجميع فهمها».
نتائج الضربات الأخيرة، لم تحسم بعد، ولكن بحسب خبراء عسكريون فإنها أظهرت تفوقا عسكريًا للجانب الإسرائيلي، في حين أيد البعض فكرة أن تكون طهران أرادت معرفة قدرات الاحتلال في رد الضربات المقبلة.
إشارات هامة
وقال المحلل العسكري عميد ركن خليل الطائي، أن هناك إشارتين في توقيت الضربات الإيرانية والإسرائيلية، أولها؛ «جاءت بعد الزيارة المفاجئة لنتنياهو لموسكو، مما يرجح وجود الموافقة الروسية عليها، باعتبار موسكو من أهم اللاعبين في الميدان السوري»، وهو بالتحديد ما أكده رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، في تصريح له صباح اليوم، مضيفًا أن الإشارة الثانية، «هي أنها تأتي بعد قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، والمعلومات الاستخبارية التي كشف عنها نتنياهو الخاصة بالملف النووي الإيراني»
إيران لا تريد حربا وإسرائيل تستغل الضربات
وأوضح الطائي في تصريح لـ«رصد»، «أن هذه الهجمات هي بداية المعركة الاسرائيلية القادمة باتجاه طهران أنطلاقاً من الساحة السورية، فبعد هذه الهجمات الصاروخية المتبادلة وخاصة بعد استهداف المواقع العسكرية الإسرائيلية المتواجدة في منطقة الجولان المحتل، قد أعطى الذريعة لقوات الاحتلال لالغاء اتفاقية الجولان الخاصة بوقف اطلاق النار ضمنا (فك الاشتباك بين سوريا وإسرائيل) والموقعة في 31 مايو 1974م».
وتوقع الخبير العسكري أن «إسرائيل بعد هذا الرد الإيراني ستوسّع من هجماتها داخل سورية وستكون شاملة ومتنوعة الاهداف ولن توجد بعد ذلك خطوط حمراء في الجغرافية السورية، وقد تطوّر هجماتها وتدخل برياً باتجاه ريف القنيطرة، فنحن امام قواعد اشتباك جديدة والغاء خطوط حمراء ميدانية».
وأشار إلى «حالياً توجد منطقتي قتال لادارة المعركة بين إسرائيل و إيران وهي الجولان المحتل و سورية بكامل جغرافيتها وإسرائيل هي من تدير المعركة وفق توقيتاتها وشروطها ونوع الهدف المراد مهاجمته والسلاح المستخدم وهذا يعطيها افضلية عملياتية بتامين مبدأ المباغتة»
«القرار الإيراني محدد، وهو عدم خوضها ومعها حزب الله اللبناني حربا مباشرة مع اسرائيل من أراضيهم، وسيكتفون بادارة هكذا معارك محدودة من الجغرافية السورية»، هذا ما اشار إليه الطائي، الذي أوضح بأن (إيران) ستقوم بتوظيف ملفات قادمة سواء في اليمن اوالعراق اوفلسطين التي تعتبر ساحة مهمة لإيران لاشغال حكومة نتنياهو في هذا الوقت.
وتابع «وعليه نحن امام معركة سياسية سيطغى الجانب العسكري فيها لتتطور سريعاً من قبل الجانب الاسرائيلي ضمن حرب محدودة حاليا، يقابله تردد إيراني كبير والذي سينتهي بموافقة خامنئي وروحاني على جميع شروط ترامب حول الملف النووي لتفادي خسارة ما حققته في المنطقة، وعليه قرار نشوب الحرب هو بيد اسرائيل وما ستتضمن استراتيجيتهم العسكرية القادمة من اهداف إيرانية قد تكون خارج الجغرافية السورية».
ومن جهته استبعد المحلل السياسي خليل المقداد، أن تدخل إيران في حرب مع الكيان الصهيوني، مؤكدا أن التاريخ «لم يرصد رصاصة واحدة وجهتها طهران لإسرائيل»، كما ان إيران لن تستطيع مواجهة إسرائيل وأميركا.
وأشار المقداد في تصريح لـ«رصد»، إن إيران توجه رسائلها إلى تل أبيب عبر «جماعات شيعية وقومية»، مضيفا أن «إسرائيل» مهتمة بعدم وجود طرفا قويا على الساحة السورية، خاصة وأن الضربات أتت بعد أن دانت القوى في سوريا وبدأ الأمر يستتب في الوقت لإيران ونظام الأسد، لذا لإنها لا تريد أن يطغى طرفا او يفرض استراتيجيات ما.
وعلى صعيد آخر، أوضح المقداد أن «روسيا سعيدة بهذه الضربات الموجهة إلى إيران، لانها تقلم أظافر طهران في سوريا، وتفتح المجال أمامها هناك» مدللا بزيارة نتنياهو إلى موسكو لحضور احتفالية النصر على النازية، لافتا إلى أن وقف التمدد الإيراني مطلب جماعي لعدد من القوى، وأهمها الاحتلال «الذي لا يريد فوضى على حدود واشتعال حربا سنية شيعية».
وتوقع المقداد أن المنطقة مقبلة على صراع عربي إيراني، وهو ما اعتبره توريط للعرب مع إيران من أجل إشغالها، وقد نشهد تطورات لا يرغب أيا من الأطراف فيها.
رسائل الطرفين
وتابع المحلل السياسي، أن «إسرائيل ارادت بضرباتها أن توجه رسائل، تقول فيها «نحن من يحدد قواعد اللعبة، ونحن من نرسم لكل طرف حدود تحركه».
وعن الرسائل العكسية والموجهة من طهران، فقال الخبير العسكري، أن «رد إيران أتى سياسي بصبغة عسكرية، أرادت به الرد على قرار ترامب، بشان الانسحاب من النووي»، مشيرا إلى أن النظام الإيراني يدرك «بأن العقوبات المفروضة لو استمرت ستضعف نظامها وستعزز دور المعارضة الإيرانية في ظل التدهور المستمر للاقتصاد والعملة الإيرانية، فهذه العقوبات هي بداية الحرب الفعلية الامريكية لاسقاط النظام الإيراني في حال استمرارها وجدية القرار الامريكي»
واعتبر الطائي ان « الرد المتواضع من إيران أرادت تقوية وتعزيز موقفها الميداني داخل سوريا بعد الهجمات الاسرائيلية المتكررة على مواقعها داخل سوريا».
إسرائيل متفوقة
وأشار الطائي إلى أن الضربات أظهرت تفوقا إسرائيليا، في جميع الهجمات سوى على مستوى الهجوم او التصدي، لافتا إلى أن إيران « استخدمت الصواريخ القصيرة المدى لعدة اسباب، اهمها ان وقت وصول هذه الصواريخ لاهدافها في الجولان المحتل قصير, مما يحرم الدفاع الجوي الاسرائيلي من الفترة الزمنية للانذار والتصدي».
وأوضح الخبير العسكري إلى أن أبرز أسباب التفوق الإسرائيلي هو «إيران لاتمتلك معلومات استخبارية دقيقة عن الاهداف الاسرائيلية, بخلاف اسرائيل التي لديها بنك معلومات استخبارية كبيرة وحديثة»، ثانيا « ان الهجمات المتكررة من قبل اسرائيل على المواقع العسكرية ومخازن ومستودعات الاسلحة الإيرانية في سوريا قد اضعف امكانيات إيران الصاروخية»، ثالثا «أن الهجمات دفعت « إيران الى تغيير مواقع صواريخها المتبقية باستمرار مما أنعكس سلبا على جهوزيتها القتالية».
ولكن في المقابل، فإن الرد الإيراني العسكري في الجولان، يعتبر بمثابة فحص واختبار القدرات القتالية الاسرائيلية ومعرفة رد الفعل الاسرائيل.