شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

تقرير حقوقي يرصد التفاوت الطبقي بالمدارس: التعليم في مصر أداة لإنتاج الفقر

تظاهر أولياء الأمور أمام وزارة التربية والتعليم

كشف تقرير صادر عن منصّة العدالة الاجتماعية (منظمة مجتمع مدني)، اليوم الثلاثاء، عن حجم التفاوت الطبقي في المدارس المصرية، متهما وزير التعليم بتجاهل وتهميش التزامات الدولة في تخصيص 4 في المائة من الناتج المحلي للإنفاق على التعليم قبل الجامعي.

وأكد التقرير الذي جاء بعنوان «المدارس والتفاوت الطبقي: من ينفق على التعليم في مصر؟»، أن «الدولة لم تلتزم بالاستحقاقات الدستورية بشكل مباشر، بل تحايلت عليها بدمج بنود من قطاعات أخرى إلى نسب الإنفاق للارتفاع بها، ولم ترفع أجور المعلمين لتضمن لهم حياة كريمة ومكانة أدبية مرتفعة، في ذات الوقت الذي ترفع فيه أجور الوزراء والمحافظين ونوابهم ومسؤولين آخرين بموجب قانون من البرلمان»

ولفت إلى أنّه «ليس بين المصريين من يعترض على أولوية تطوير التعليم، ولكن يمكن الاعتراض على وضع خطة تتجاهل الأسباب الأساسية التي أدت إلى فشل المنظومة التعليمية، ومن بينها ارتفاع الكثافات الطلابية، وتردّي أجور المعلمين، وانخفاض أعدادهم ونسبهم بالقياس للطلاب، وتدنّي مستوى المناهج الدراسية».

الجودة والمعايير

وقالت المنظمة: «عندما نتحدث عن الجودة والمعايير العالمية، علينا أن نعي تلك المحاور ونعمل على تحسينها بصورة شاملة ومترابطة»، وأضافت: «تطوير أساليب وأدوات وطرق التدريس هو أساسي بالتأكيد، ولكن تطويرها بصورة مجردة، ودون تحسين باقي العوامل الضرورية في العملية التعليمية، سينتهي بالضرورة إلى الفشل».

وتطرق التقرير أيضا إلى التعليم الخاص بنوعيه، مدارس اللغات والمدارس الدولية، والذي لن يؤثر فيه النظام الجديد، بل على العكس، سيظل محتفظًا بمميزاته من جودة وضمان لإتقان اللغات الأجنبية في بداية المراحل الأولى من التعليم ما قبل الابتدائي والابتدائي.

وبشأن الفئات التي تتمتع بالرأسمال المادي والثقافي لدعم ذويهم وإلحاقهم بنظم تعليمية تضمن لهم رفع مستوياتهم الثقافية والاقتصادية والاجتماعية، فقد أكد تقرير المنظمة أنه «يوجد قلق كبير من خسارة تلك المميزات التي طالما كانت أساسية لتلك الفئة. ويزيد الأمر سوءًا أن تجرّب الدولة نظامًا تعليميا جديدا على فئات أخرى لا تملك أي خيار سوى إلحاق أطفالها بالتعليم الحكومي العام، نظرًا لخلفياتهم الاقتصادية والاجتماعية، وهم المهمشون أو غير القادرين على تحمل تكاليف المدارس الرسمية للغات أو الخاصة والدولية، فتحولوا إلى حقل تجارب لنموذج ليس له أسس واضحة يمكن البناء عليها فيما بعد، ولم يتطرق إلى المشاكل المستعصية في العملية التعليمية».

انكماش التعليم الحكومي

واعتبر التقرير أن انكماش التعليم الحكومي ذي الميزانية الضئيلة والخدمة الرديئة بالنسبة للتعليم الخاص معضلة أساسية ومحرك لإعادة إنتاج التفاوت الطبقي والتوسع فيه.

وتابع: «في ظل التحولات الاقتصادية وتدهور أوضاع المدارس الحكومية، أصبح الإنفاق على التعليم مسؤولية الأسرة، وأصبح تسرّب الأبناء من التعليم مصير من لا يتحمل عبء هذا الإنفاق».

ففي المسح السكاني الأخير لتعداد السكان لعام 2017، اتضحت ثلاثة أسباب رئيسية للتسرب من التعليم، وتتمثل في: عدم رغبة الفرد في التعليم كسبب أول، وعدم رغبة الأسرة في تعليم ذويهم كسبب ثانٍ، ثم جاءت الظروف المادية للفرد أو الأسرة في المرتبة الثالثة.

وبحسب التقرير فإنه «لا ضرر في أن ينفق الأغنياء الآلاف على التعليم، ولكن الضرر حين يمنع الفقراء من الحد الأدنى من الفرص في التعليم ذي الجودة بسبب فقر آبائهم وأسرهم، ثم يكون سوء تعليمهم من جديد سببا في فقرهم وفقر أبنائهم. فنظام التعليم يمكن أن يكون آلية لإعادة توزيع الفرص بين أطراف وطبقات المجتمع، أو أن يكون آلية لترسيخ عدم المساواة واتساع الفجوات بين المواطنين. وإذا كان نظام التعليم لدينا يسير في الاتجاه الآخر، فا هو إلا أداة لإعادة إنتاج الفقر والتهميش».

العدالة الاجتماعية

وخلص التقرير إلى أن «تحقيق العدالة في مجال التعليم هو أولى الخطوات لتحقيق العدالة الاجتماعية بين كل فئات الشعب، وعلى التعليم أن يكون قوة لتحقيق المساواة وإتاحة الفرص بين المواطنين، ويتحقق ذلك من خلال رصد التحولات التي حدثت في قطاع التعليم بطول فترات اجتماعية واقتصادية مختلفة، وتحليل دور الدولة والقطاع الخاص في إنجاز تلك التحولات، وتقييم الاستراتيجيات والمشروعات السابقة التي أدت في النهاية إلى انهيار منظومة التعليم المصري، ومحاولة معالجتها، لا تجاهلها، حتى لا يكون التعليم آلية لتغييب المساواة وتوسيع الفجوات بين المواطنين».

والأسبوع الماضي، أعلن وزير التعليم «طارق شوقي»، عن تعديلات في نظام التعليم، أبرزها «تعريب التعليم» في المدارس الرسمية للغات (التجريبية)، في المرحلة الابتدائية، ويعني هذا تدريس مادتي «العلوم» و«الرياضيات» باللغة العربية، بدلا من الإنجليزية، فضلا عن إلغاء منهج المستوى المتقدم للغة الإنجليزية، على أن تستمر تلك المدارس في مناهجها التعليمية نفسها خلال المرحلتين الإعدادية والثانوية.

ردود الفعل على النظام الجديد، جاءت غاضبة من أطراف متعددة، أبرزها وأهمها، هم أولياء أمور التلاميذ في المدارس التجريبية، الذين اعتبروا قرار الوزارة به نوع من الطبقية «لأن قرارات التعريب، لم تسر على مدارس اللغات الخاصة»، مؤكدين أن المستفيد من هذا القرار هم ملاك المدارس الخاصة.

يشار إلى أنه في الأعوام الماضية، حصلت مصر على مركز متأخر في جودة التعليم الأساسي والعالي، وفقا لمؤشر التنافسية العالمية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي للعام 2018/2017، حيث حصلت مصر على المركز 129 في جودة التعليم بين 137 دولة.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023