أكدت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أنه رغم الاحتمالية الكبيرة لنشوب حرب شاملة بين إسرائيل وإيران في سوريا، إلا أن إسرائيل تمتلك حاليا ورقة مساومة، مشترطة بالأميركان، موضحة في مقال لـ«عاموس هاريل»، الكاتب الإسرائيلي، أن وجود القوات الأميركية في مدينة منبج السورية، يمنع طهران من إتمام ممرها الشيعي، وبإمكان إسرائيل إقناع الأميركيين، بالضغط على طهران للتهدئة مع إسرائيل مقابل ترك منبج لها، خاصة أن القوات الأميركية تعتزم الانسحاب.
وأضاف الكاتب وفق، ما ترجمت «شبكة رصد»، أنه بعد تحو أسبوعين من الضربة الإسرائيلية التي قتل فيها 4 من الحرس الثوري الإيراني، تنتظر إسرائيل حاليا الانتقام الإيراني، ورغم التهديدات المتكررة بالرد الانتقامي، إلا أنه يجري تأجيلها بانتظام، ووفقا لصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، بمرور الوقت من الممكن أن تصبح طهران أكثر وعيا بالعواقب المحتملة لأي رد، إلا أن الافتراض العملي للمسؤولين الإسرائيليين حاليا هو أن الرد محتمل للغاية.
وأضاف هاريل أن الإيرانيين لديهم مجموعة من الخيارات، فمن الممكن أن يثأروا من إسرائيل على الحدود السورية بالقرب من الحدود اللبنانية عبر حزب الله، أو أن تستهدف طهران تل أبيب بطريقة مباشرة بصواريخ بعيدة المدى، أو مهاجمة أي هدف إسرائيلي في الخارج، مثل الهجومين اللذين وقعا في الأرجنتين، والهجوم الانتحاري في بلغاريا ومحاولات الاعتداء على الدبلوماسيين الإسرائييلين في دول مثل الهند وتايلاند وأذربيجان.
وأوضح الكاتب أن لبنان على كل حال، يبدو مستبعدا حاليا، لاستعداده للانتخابات التي ستجرى في 6 مايو الجاري، في خضم تخوفات لدى إسرائيل من أن يصبح حزب الله هو الآمر الناهي هناك، أما بخصوص إطلاق الصواريخ من إيران مباشرة، أوضح الكاتب أن فعلا كهذا سيتطلب إعدادات طويلة، قد لا تلحق إيران الانتهاء منها.
ورغم التوتر الناتج عن التحذيرات المتبادلة بين الطرفين، إلا أن الحرب مع إيران في سوريا أبعد ما تكون عن الحتمية، على الأقل في الوقت الراهن، إلا أن صراع النوايا واضح، فإيران مصممة على بناء وجود عسكري دائم في سوريا، بينما تصر إسرائيل على منعها بالقوة.
وبخصوص تلك القضية تحديدا، والمواجهة مع إيران، يصر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، على أنه سيواجه وبكل قوة، وعزيمة مدعومة من قبل القادة الإسرائيليين المتشددين، والذين يرفضون بقوة وبشدة أي وجود إيراني قريب، وهو ما تبين من خلال استهداف قاعدة تي 4، التي تعتبر قاعدة لقوات الحرس الثوري الإيراني، ومخزنا للصواريخ الإيرانية والأنظمة المضادة للطائرات والطائرات دون طيار.
وأشار الكاتب إلى أن السؤال هو: ما إذا كان الموقف سيكون بداية لمساومة أو حرب ضروس، ففي نوفمبر الماضي، حاولت إسرائيل عبثا التأثير على الخطة الإيرانية عبر التحدث مع روسيا والولايات المتحدة والأردن؛ حيث طالبت إسرائيل بإبعاد المليشيات الشيعية تجاه الشرق، على بعد نحو 60 ميلا من مرتفعات الجولان، ورغم تلقيها وعدا خافتا، إلا أنه لم ينفذ؛ حيث تتواجد حاليا على بعد نحو من 15 لـ20 كيلومترا.
وأوضح الكاتب أن هناك مفاوضات جارية الآن حول تنفيذ طلب إسرائيل الأصلي، بعد أن أوضحت تصميمها فيما يتعلق بالوجود الإيراني في جميع أنحاء سوريا، وهو ما تتفق مع الولايات المتحدة بشدة.
فبينما تساعد الولايات المتحدة المقاتلين الأكراد، ما زالت تحتفظ بجيب صغير في شرق سوريا، مدينة منبج، والتي تمثل عنق الزجاجة، مما يجعل من الصعب جدا على إيران فرض سيطرتها على الطريق السريع الرئيسي من طهران عبر العراق إلى دمشق وبيروت، وبالنسبة لإسرائيل، فتلك ورقة مساومة ممتازة، لإبقاء الإيرانيين بعيدا عن الجولان، إلا أنه للأسف بالنسبة لإسرائيل، فالأميركيون يركزون حاليا على الانسحاب من سوريا، ولم يتحدث معهم أحد في تلك النقطة حتى الآن.
وعلى الجانب الآخر، يتفاخر المسؤولون الإسرائيلون، بزيارة قام بها رئيس القيادة الأميركية للمنطقة الوسطى، لمدة يومين، وهي الزيارة التي تم الإعلان عنها قبل أسبوعين، للتنسيق مع إسرائيل حول الوجود الإيراني في سوريا، إلا أنه لم يذكر أي شيء حول تغيير خطة الانسحاب الأميركي من منبج.
وهو ما يترك إسرائيل في يد روسيا، القوى العظمى المسؤولة عن القرارات المتعلقة بسوريا، وكانت هناك لقاءات منفصلة بين مسؤولين إسرائيليين وروس مع إيرانيين على هامش محادثات سوتشي، إلا أن إسرائيل تجد صعوبة في الاعتماد على موسكو، كوسيط غير متحيز، خاصة وأن روسيا وإيران، حاليا، في المعسكر نفسه.
وما يزيد من تعقيد الأمور أمام إسرائيل هو التهديدات غير المباشرة بين موسكو وتل أبيب؛ حيث تعتزم روسيا توفير أنظمة الصواريخ S-300 لنظام الأسد، فيما تهدد إسرائيل بتدميرها.