يتابع الرئيس دونالد ترامب خطته الجديدة لجلب الحلفاء الإقليميين للمساعدة في إرساء الأمن وحفظ السلام في سوريا؛ ولذلك تحادث مع السعودية، وأفادت أنباء بأنّ جون بولتون يتناقش مع رئيس المخابرات المصرية في هذا الموضوع أيضًا.
وهذه أخبار سارة، لكنها ليست مفاجئة؛ لأنّ الإدارة الأميركية قدّمت هذا المقترح من قبل، وعمل مجلس الأمن القومي الأميركي على الفكرة، وطلب من مراكز الدراسات الأمنية إلقاء نظرة عليها وتقديم أفضل ما لديهم من اقتراحات لكيفية تحقيق الاستقرار في العراق وسوريا بعد هزيمة «تنظيم الدولة» كليًّا.
هذا ما يراه الخبير الأمني «جيم هانسون»، رئيس مجموعة الدراسات الأمنية في واشنطن، في مقاله بصحيفة «فوكس نيوز» وترجمته «شبكة رصد». مضيفًا أنّ الدول التي يخطّط لها ترامب للاعتماد عليها هي السعودية والإمارات ومصر وقطر ودول إسلامية حليفة أميركا؛ ويجب التأكّد من أنّ هذه الدول ستفي بالتزاماتها فعلًا، ويجب إجبارها للموافقة على المقترح الأميركي.
والآن، سوريا عبارة عن فوضى معقدة، ولا يصح لأحد أنّ يدّعي أنّه يمتلك حلًا مضمونًا. ولا يجب على أيّ خطة جديدة أو قديمة أن تتغاضى عن الهدف الرئيس: منع تزايد النفوذ الإيراني ومواجهته، وهي التي تسعى حاليًا إلى إقامة جسر بري يربط إيران بالعراق وسوريا ولبنان، مستخدمة وكلاءها المنتشرين في كل مكان؛ وهو ما ركّزت عليه استراتيجية ترامب في بداية توليه الحكم.
وشرعت إدارة ترامب في توسيع النظرة والتركيز على الاتفاق النووي الإيراني بطريقة أشمل وأوسع من التي تعاملت بها إدارة أوباما، وهي الطرقة التي يعتقد أنّها تسببت في المشاكل التي أحدثتها إيران في جميع أنحاء المنطقة، وجعلها تسيطر فعليًا على بلدان أبرزها سوريا؛ عبر مليشياتها، كحزب الله وغيره من القوى الداعمة لبشار.
وقال ترامب إنّه لا يريد وجود أميركي طويل الأمد في سوريا، لكنه استمع لقادة الأمن القومي، الذين أكّدوا له أنّهم لا يستطيعون التخلي عن الأرض لإيران، ثم قُدّم الاقتراح القاضي بجلب حلفاء أميركا الإقليميين وإجبارهم على المساهمة في تحقيق الاستقرار والأمن وإعادة بناء المدن المدمرة؛ مثل مصر والسعودية والإمارات، وغيرها من الدول.
ومن الصعب التصوّر بأنّ هذه الخطة ستنجح أو أنّ الائتلاف سيعمل بالفعل على تحقيق الاستقرار وإعادة الأمن؛ لكنه من السهل الجلوس على شاطئ النهر ورمي الحجارة وإحداث جلبة وحركة في المياه الراكدة، وهذا مكسب كبير، ولدينا الآن فرصة لإحداث التغييرات المطلوبة في الشرق الأوسط؛ بشرط أن يلتزم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بوعوده الخاصة بتحديث المملكة، خاصة وأنّ علاقته بترامب ممتازة.
وعلى المستوى المصري، علاقة أميركا والقاهرة جيدة. وتعتبر قطر استثناء، وطلب أميركا منها تقديم المساعدة في سوريا مرتبط بإجرائها تغيّرات رئيسة في طريقة تعاملها مع القضايا الخارجية والإقليمية والداخلية؛ خاصة فيما يتعلق بدعم جماعات متشددة أو تحالفها مع إيران.
وتحقيق ما سبق سيساهم بطريقة ما في وقف محاولات إيران الخاطئة لتصبح القوة المهيمنة في الشرق الأوسط، وسيجعل أميركا صديقًا يعمكن الاعتماد عليه كثيرًا في المنطقة؛ خاصة أنّها لا تريد بناء إمبراطورية أو حتى أمة بقدر ما تريد تكوين شراكات جيدة وتحقيق الازدهار التجاري في المنطقة، وهي أمور لا يمكن أن تتحقق دون جلب الاستقرار إلى منطقة الشرق الأوسط.
وكلّ ما سبق سبب كافٍ لدعم الجهود الجارية في هذا الشأن، ومن الواضح أنه لا يوجد ضمان لنجاح هذه الخطة؛ لكنّ البديل سيئ للغاية، ولا يرغب أحد في تجربته.