قبل سبع سنوات، حظي الدكتور فاروق الباز بمكانة مرموقة عند المصريين؛ باعتباره عالمًا بوكالة ناسا ويساعد في التخطيط للاستكشاف الجيولوجي للقمر. لكن، بعد ثورة 25 يناير 2011، وظهر وجه آخر له، وعلى الرغم من حصوله على الجنسية الأميركية، وما يفترض أن يؤمن بحق الأرض ومبادئ الديمقراطية والحرية؛ خرج بتصريحات تدعم الأنظمة القمعية، وأثارت الجدل.
أحدث هذه التصريحات اليوم الجمعة، على هامش الدورة التاسعة للمؤتمر الدولي «بيوفيجن الإسكندرية 2018»، وقال فيها إنّ بناء «سد النهضة» حقٌّ لإثيوبيا، وكان يجب على المصريين بناؤه.
وأمام نخبة من الدبلوماسيين والعلماء البارزين عالميًا ومحليًا، وممثلين عن أبرز الجامعات المصرية والدولية والمؤسسات الإقليمية، وبحضور ما يزيد على 2500 مشارك من مصر ودول عربية وأجنبية، قال فاروق الباز: «كان من المفترض أن نكون نحن من نبني هذا السد، ونشاركهم في بناء وتصميم الدراسات المطلوبة، ونحن لم نفعل ذلك؛ فمن حقهم أن يقيموا مشروعات لتطوير مجتمعهم، بشرط ألا يؤثر ذلك على حقوق مصر في مياه النيل».
وعلى الرغم من أنّه مدير مركز الاستشعار عن بعد بجامعة بوسطن بأميركا؛ تجاهل التأثير السلبي لبناء السد على مصر وإنقاص حصتها من المياه، التي تعاني مناطق من نقصها فعليًا. وسبق قال متحدث باسم الخارجية المصرية إنها «مسألة حياة أو موت، إنه أمر يتعلق بالأمن القومي، ولا يمكن المساومة عليه».
الحجاب
من بين التصريحات التي أثارت الجدل أيضًا، ما قاله فاروق الباز يوم الاثنين الماضي بأنّ «الحجاب ليس جزءًا من الإسلام الحقيقي، والمرأة يجب أن تتساوى مع الرجل في كل شيء، حتى في الميراث»؛ ما أثار ردود فعل غاضبة في أوساط المتخصصين.
وبناء عليه؛ طالبه علماء الأزهر الشريف باحترام التخصص وألا يخوض في الأمور الدينية دون علم.
«تيران وصنافير» سعوديتان
اتّخذ فاروق الباز جانب السلطة في أزمة التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، لا سيما وأنّه مستشار لعبدالفتاح السيسي؛ ووجّه رسالة إلى مجلس النواب قبيل مناقشة الاتفاقية جاء نصها كالتالي:
«يُبين الوضع الجيولوجي، دون أدنى شك، أن جزيرتي تيران وصنافير تتبعان كتلة القشرة الأرضيّة التي تشمل شبه الجزيرة العربية، ونعلم أن كتل القشرة الأرضيّة تفصلها فوالق عميقة، تحدد شكلها واتجاه زحزحتها على مدى العصور الجيولوجية.
نعلم أيضًا أن أحد هذه الفوالق يوجد في منتصف البحر الأحمر، كذلك أثبتت القياسات الدقيقة أن شبه الجزيرة العربية تبعد عن قارة إفريقيا مع مرور الزمن خلال هذا الفالق، ويسهل هذه الحركة وجود فالق عميق في خليج العقبة يفصل كتلة شبه الجزيرة عن ما يوجد غربها، شاملا ذلك على شبه جزيرة سيناء وباقي أراضي مصر.
هذا الوضع الجيولوجي يُبين أولا: أن جزيرتي تيران وصنافير تمثلان جزءًا من شبه الجزيرة العربية، وثانيا: أن حركة شبه الجزيرة العربية شرقا تبعد الجزيرتين عن أرض مصر ولو قليلا مع مرور الزمن».
ومنذ حينها وحتى اليوم، تنخفض أسهم فاروق الباز ومكانته عند المصريين الذين تباهوا به كثيرًا واعتبروه أملًا لغد مشرق، يساهم بعلمه في بناء البلد وتطويرها، لا أن يكون عونًا للسلطة ويبرر لها حتى التنازل على الأرض؛ باعتبار أنّ «العِلم ما يراه السيسي؛ ففلاسفة العالم يتعلمون منه ويسمعونه».