سلّطت صحيفة «سبوتنيك» الضوء على التقرير الصادر من معهد ستوكهولم لأبحاث السلام وأكّد نمو مبيعات الأسلحة الدولية في السنوات القليلة الماضية، واحتل الشرق الأوسط وآسيا الصدارة في الورادات، وكانت أميركا أكبر مصدّر.
وقال التقرير إنّ المبيعات زادت بنسبة 10% من 2013 إلى 2017 عما كانت عليه بين 2008 و2012، واستمر هذا التصاعد منذ وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وكانت أكثر دول التصدير أميركا وروسيا وفرنسا وألمانيا والصين، وأكثر المستوردين الشرق الوسط وآسيا، وأقلهما إفريقيا والأميركتان وأوروبا.
لماذا يستورد الشرق الوسط وآسيا كل هذه الكميات؟
وفقًا لما ترجمته «شبكة رصد»، أكّد «سيمون ويزمان»، مدير برنامج سيبيري للإنفاق العسكري، توقّع استمرار التصاعد في المبيعات في المدة المقبلة؛ بسبب ما تراه الدول هناك بـ«تصورات شديدة التهديد والثقة المنخفضة للغاية»، متوقعًا ارتفاعها أكثر في الشرق الأوسط أكثر مما هي عليه الآن، مؤكدًا أنّ الطلبات في المدة المذكورة وقّعت عقودها قبل ذلك، حينما كانت الأموال متوفرة، أو ما وصفها بسنوات «الدهون» لدى العرب.
وفي الوقت نفسه، انخفضت صادرات روسيا من الأسلحة مقارنة بالخمس سنوات السابقة بنسبة 7%، بينما انخفضت مبيعات ألمانيا بنسبة 14%، وزادت فرنسا من توزيعها لتصبح ثالث أكبر مصدر في العالم. ومن البلدان الأخرى التي زادت مبيعاتها «إسرائيل» بنسبة 55% وكوريا الجنوبية بنسبة 65% وتركيا بنسبة 145%.
تضاعف واردات الأسلحة في الشرق الأوسط
ولأنّ دولًا في الشرق الوسط تشارك حاليًا في حروب وصراعات، فليس مستغربًا زيادة واردتها من الأسلحة بنسبة 103%، وما يمثل 32 من مشتريات الأسلحة في العالم؛ ففي المدة من 2013 إلى 2017 عزّزت السعودية مكانتها كأكبر مستورد للأسلحة في العالم، بزيادة قدرها 225% في السنوات الخمس الماضية، كما ضاعفت مصر من مشترياتها وكذلك الإمارات.
وأكّد «سيمون» أنّ هناك عوامل وراء هذه الزيادة الكبرى؛ أهما توفير ميزانيات ضخمة للإنفاق العسكري، بجانب انخفاض القدرة على تصنيع الأسلحة محليًا، إضافة إلى استعداد جميع الموردين الأجانب لبيع أي سلاح تقريبًا للشرق الأوسط.
وأوضح مدير الإنفاق العسكري في برنامج سيبيري أنّ أحد الأسباب الرئيسة لهذا الاتجاه على المدى الطويل «مستويات التوتر المرتفعة جدًا بين الدول في المنطقة»؛ على سبيل المثال إيران في مقابل السعودية، و«إسرائيل» في مقابل سوريا ودول عربية أخرى، إضافة إلى الصراعات المسلحة النشطة داخل الدول، بجانب تورط دول شرق أوسطية بطرق مباشرة وغير مباشرة.
وأكّد «سيمون» أنّ الأمور ساءت بين دول الشرق الأوسط لافتقارها إلى الثقة التامة فيما بينها، بجانب الطرق المعقدة في إدارة النزاعات والتوترات التي يتعايشون فيها، بجانب الأنظمة الديكتاتورية التي لا توفّر مجالًا كبيرًا للمناقشات الوطنية وحل المشكلات.
كما تحدثت «سبوتنيك» مع المحلل الجيوسياسي «كريستوف جيرمان»، الذي اتفق مع «سيمون»، وأضاف أنّ هناك ديناميكيات جيوبوليتيكية كبرى في الأمر؛ فعديدون من أكبر مستوردي الأسلحة في العالم يتشاركون في خاصيتين: الأولى أنهم حلفاء لأميركا، أكبر مصدّر أسلحة في العالم، والأخرى: اشتراكهم في احتمالية تهديدات خارجية؛ فالدول الشرق الأوسطية ترى التهديد في إيران كما ترى الدول الآسيوية التهديد من الصين وروسيا.
جنوب آسيا: دور الهند المتنامي في تجارة الأسلحة الدولية
في جنوب آسيا، تعد الهند أكبر مستورد للأسلحة في العالم بين 2013 و2017؛ إذ تسبب الاضطراب الإقليمي في تعزيز موقفها، لتشكّل 12% من ورادات الأسلحة في العالم، والمُصدّر الرئيس لها روسيا. لكن، في السنوات القليلة الماضية سبقتها أميركا؛ لتورّد إليها الأسلحة في هذه المدة أكثر من روسيا.
وقال «سيمون» إنّ هناك أسبابًا بارزة لتصبح الهند من أكبر مستوردي الأسلحة؛ فالتوترات مع باكستان والصين، لا سيما النزاع بين الهند والصين من أجل النفوذ على منطقة المحيط الهندي، إلى جانب اقتصاد الهند المتنامي، وكذلك ضعف قدرتها المحلية على إنتاجها، وافتقارها لصناعة عسكرية محلية متطورة.
وأضاف أنّ الحكومات الهندية المتعاقبة فشلت في تأسيس صناعة عسكرية خاصة بها بالرغم من امتلاكها منظمات بحثية ومراكز تعمل منذ الخمسينيات على تطوير هذه الصناعة، بعكس الصين التي لم تعد تستورد لأن أسلحتها الخاصة أصبحت أكثر تطورًا من غيرها.
أما سبب استيرادها من روسيا دون أميركا فهو التوتر بينهما إبّان ولاية أوباما ومن بعده ترامب، وانخفضت الواردات بنسبة 36%، وقلت نسبة شرائها من أميركا بـ76%. بينما قضت الصين على قطاع استيراد الأسلحة بتطوير صناعتها، كما تعمل القوى العالمية الكبرى الأخرى على زيادة حصصها في قطاع استيراد الأسلحة العالمية وتصديرها.
ومع ذلك، يرى «سيمون» و«كريستوف» أنّ النمط العام مستمر في المستقبل المنظور، ويخشى سيمون من أن يساهم ذلك في احتمال اندلاع صراعات مباشرة بين الدول القوى العظمى، مضيفًا: «لو استمرت هذه الاتجاهات في السنوات القليلة القادمة فهذا يعني احتمالية مواجهة عسكرية مباشرة بين أميركا وحلفائها من جهة، والصين وروسيا وإيران من ناحية أخرى».
كما أكّد أنّ الجهود المبذولة لحل كثير من المشاكل والقضايا الحالية في العالم محدودة للغاية، بجانب النقص الكبير في آليات حلها، وغياب الاهتمام الحقيقي لدى الفاعلين الأساسيين.