شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«ستارتز تايمز»: تناقضات خطط ابن سلمان للإصلاح الاجتماعي بدأت تظهر

محمد بن سلمان مع قادة الجيش - أرشيفية

قالت صحيفة «ستارتز تايمز» إنّ خطة الإصلاح الاجتماعي التي أطلقها ابن سلمان في السعودية بدأت تظهر فيها تناقضات شديدة داخل مجتمع المملكة، المحافظ بطبعه؛ بعدما أثار فيديو لفتاة محجبة بصحبة رجل آخر لا تربطهما علاقة شرعية، يدوران حول بعضهما بعضًا في رقصة موسيقية، نقاشًا غاضبا بشأن تأثير تراجع سلطة الشرطة الدينية «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر – أو المطوعة»، التي كانت مخيفة للسعوديين، كما إنّها كانت سيئة السمعة؛ خاصة في طريقتها للفصل بين الجنيسن داخل الشارع السعودي.

وأضافت، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ فرق المطوعة تمتعت على مدى عقود بسلطات مطلقة كحاكمة وحامية للأخلاق، وكانت لها دوريات مستمرة في الشوارع والمراكز التجارية، وتستهدف السيدات غير الملتزمات بالزي السعودي والأخلاق الإسلامية، وتضطهد الساعين إلى الاتصال بالجنس الآخر بطريقة غير شرعية.

وفي السنوات الأخيرة، أطلقت المملكة العربية السعودية «إصلاحات»، بما فيها تقليص سلطات شرطة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وسعى «ابن سلمان» إلى تقليص الدور السياسي لرجال الدين المتشددين؛ في إعادة لترتيب تاريخي اتسمت به المملكة في العلاقة بين رجال الدين والسلطة.

وبالرغم من أنّ الفيديو المُشار إليه يعد مخالفة طفيفة وسط مجتمع غارق في التناقضات، فغضب الرأي العام تجاه الظاهرين في الفيديو الراقص دفع السلطات السعودية إلى اعتقالهما، متعهّدة باتخاذ إجراءات سريعة وسط تعليقات في وسائل الإعلام الاجتماعية تستنكر ما فعله الراقصان. كما أثيرت حفيظة الدوائر المحافظة داخل السعودية؛ وهو ما يلقي بالشك على مستقبل شرطة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ودورها في ظل الأوضاع الجديدة.

أين الشرطة الدينية؟

كان هذا أبرز الأسئلة التي أثارها المعلقون على الفيديو، وسأل بعضهم: لماذا هم صامتون؟ وهل صمتهم يعني الموافقة؟، ولم ترد «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» على طلبات الصحيفة المتكررة بالتعليق على الموضوع.

وفي البداية، حظي قرار تقليص سلطة الهيئة بتأييد الشباب السعودي، وشرعت المطاعم والنوادي في القضاء على نظام الفصل بين الجنسين، وأصبحت تعرض الموسيقى وتسمح للاختلاط بين الجنسين؛ وهو مشهد لم يتصوّر حدوثه داخل السعودية حتى عامين ماضيين.

وبعدها خرجت دعوات من موالين للحكومة السعودية لإلغاء دورها بشكل نهائي وتام؛ باعتبارها تشكّل عبئًا ماليًا لا لزوم له، ويأتي خفض دورها في الأساس إلى رغبة ولي العهد، البالغ من العمر 32 عامًا، إلى تحرير المملكة وتحديثه؛ خاصة وأنّ أكثر من نصف سكانها تحت عمر الـ25 عامًا.

كما رُفع الحظر عن دور السينما وقيادة السيدات، وقُدّمت اختيارات ترفيهية ورياضية؛ وهو ما قابله غضب من دوار المحافظين داخل المجتمع السعودي، بالرغم من كونهم مؤيدين تقليديين للأسرة الحاكمة منذ تأسيس السعودية؛ لكنّ المعارضة الحقيقية تراجعت لأسباب أخرى، وهي الحملة القمعية التي قادها ولي العهد ضدهم؛ إذ اعتقل رجال دين بارزين وناشطين ورجال أعمال ورواد وسائل تواصل اجتماعي مشهورين.

واختفى أعلام الإعلام السعوديين البارزين، وخصوصًا رجال الدين، من على شاشات التلفزيون؛ وبعدها أعلن الشيخ عائض القرني مؤخرًا أنه انفصل عن السياسة ولن يتحدث فيها مطلقًا. وبالرغم من ظهور علماء دينيين آخرين موالين، عبر شاشات التلفزيون، يدعون إلى وقف الأعمال التجارية أثناء أوقات الصلاة؛ لم يظهروا مرة أخرى.

ضرورة التوازن

وقال «هشام الغنام»، الباحث السعودي في جامعة إكستر البريطانية، إنّ تأثير رجال الدين المحافظين كان مبالغًا فيه دائما، ورياضة الفتيات ودور السينما والحفلات الموسيقية أو حتى حل الشرطة الدينية أمور لا يمكن منعها؛ فالمملكة قادرة على الدفع بمثل هذه «الإصلاحات» دون توقع حدوث رد فعل عنيف.

لكنه عاود التأكيد على ضرورة إحداث توازن دقيق بين التحرر الاجتماعي ونفور المحافظين، مؤكدًا أنّ السلطات أظهرت حرصها على ألا تثير حساسية رجال الدين.

وقال رجل أعمال، طلب ألا يُكشف اسمه، إنّه لا فرق بين الإسلام المعتدل أو أيّ إسلام على الإطلاق، وهو لا يريد أن ينظر إلى انتقاد ولي العهد السعودي؛ لكن الحفاظ على الأخلاق العامة داخل المجتمع السعودي ضرورة واجبة في الوقت نفسه الذي تُطلق فيه خطط التحرر، فشرطة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كانت تسهدف أيضًا تجار المخدرات والمجرمين الذين يضايقون الجماهير.

وأضاف أنّ حالة الشكّ تلوح في الأفق فيما يتعلق بالمستقبل السعودي، ولا نعرف ما ستفعل الحكومة تجاه «الهيئة» مستقبلًا.

أفضل رهان

وقال «جيمس دورسي»، الخبير والمحلل السياسي بمعهد راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة، إنّ السلطات السعودية لا يمكنها حلّ شرطة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورميها في الشارع بسهولة؛ وأفضل رهان هو إعادة دمجهم في منظومة إنفاذ القانون العام.

وقال «بروس ريدل»، مؤلف كتاب «الملوك والرؤساء» عن المملكة العربية السعودية، إنّ الأفراد المتعصبين داخل الشرطة الدينية يمكن أن يتحولوا إلى خطرين وغاضبين للغاية إذا أصبحوا عاطلين عن العمل؛ وهو ما يشكّل تهديدًا كبيرًا. وفي الوقت نفسه، يبدو أنهم سيخضعون إلى تحوّل متصور؛ بإجراء دورات تدريبية توعزهم بأن يكونوا «لطيفين ونوعيين» وأن يتقربوا إلى الجمهور بمجاملات وطرق لطيفة مثل: «أخي العزيز».

ولكن، حتى من دون الحق في الاعتقال، فالشرطة الدينية ليست عاجزة تمامًا، وتعمل الآن في العادة جنبًا إلى جنب مع الأجهزة الأمنية، وتقوم بدورها في إبلاغ الشرطة عن وجود أيّ انتهاكات. وعلى مر الأعوام، انتشرت أشرطة الفيديو تحكي وتوضح تجاوزاتها؛ لكن يبدو أنّ الشباب السعوديين على نحو متزايد يشكّلون تحديًا لسلطتهم.

وقالت صحيفة «الرياض» إنّ مشاجرة اندلعت بمركز الرياض في ديسمبر بعدما اشتكت موظفات تقطعت بهن السبل خارج أوقات الصلاة من تعرضهن إلى المضايقات، واشتبك الشباب مع الشرطي الذي طالبهم بالرحيل.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023