جاء إعلان البنك المركزي ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي المصري إلى 38.209 مليار دولار أميركي في نهاية يناير الماضي، مسجلًا أكبر زيادة شهرية منذ يوليو الماضي؛ ليفتح باب التساؤلات عن ماهية هذه الأموال ومصادرها، خاصة وأنّ الدين الخارجي لمصر ارتفع إلى 79 مليار دولار.
واتفقت مصر في 2015 على قرض من البنك الإفريقي بقيمة 1.5 مليار دولار على ثلاث سنوات، وعلى قرض من البنك الدولي بثلاثة مليارات دولار على ثلاث سنوات، واتفقت في 2016 على قرض قيمته 12 مليار دولار على ثلاث سنوات أيضًا من صندوق النقد الدولي، إضافة إلى المنح والقروض الخليجية التي بلغت 40 مليار دولار، ومليار دولار من البنك الإفريقي على شريحتين في عامين، وعادة ما تصرف الدفعات في ديسمبر أو يناير من كل عام.
ديون ومنح
وعن حقيقة الأرقام التي أعلنها البنك المركزي، يقول الخبير الاقتصادي «هاني توفيق»: «قبل أن نتحدث عن الاحتياطي الأجنبي، علينا أن نناقش الديون الدولارية التي بلغت 79 مليار دولار، فالبتأكيد بلوغ الاحتياطي النقدي الأجنبي لمصر إلى 38 مليار دولار، فهو مجرد ديون وقروض ومنح».
وأضاف، في تصريح لـ«رصد»، أنّ الاحتياطي الأجنبي ليس معيارًا لقوة اقتصاد الدولة؛ فهو في النهاية أصول شبه مجمدة لا تستطيع الدولة تحريكها إلا بشروط الصناديق والدول الدائنة لمصر، التي لها التزامات اقتصادية داخل القاهرة.
وتابع أنّ «مصر مديونة من طوب الأرض؛ هناك سبع دول تمتلك 51% من إجمالي ديون مصر الخارجية: السعودية والكويت والإمارات بـ37% (22 مليون دولار)، وألمانيا 6% (3.6 مليارات دولار)، واليابان 4.6% (ثلاثة ملايين دولار)، والولايات المتحدة الأميركية 4.2% (2.5 مليون دولار)، وفرنسا 3.1% (1.8 مليار دولار).
3.67 تريليونات جنيه
وقالت وزارة المالية في مايو الماضي إنّ «إجمالي دين الموازنة العامة للدولة، محليًا وخارجيًا، ارتفع إلى 3676 مليار دولار (3.676 تريليونات جنيه) في نهاية شهر مارس 2017؛ ما يعادل 107.9% من الناتج المحلي الإجمالي».
وأظهرت الأرقام الواردة في نشرة البنك لفبراير الماضي أنّ الدين الخارجي لمصر بلغ 67.3 مليار دولار في النصف الأول، الذي انتهى في 31 ديسمبر 2016؛ مقارنة بـ47.8 مليار دولار في النصف الأول من السنة المالية السابقة.
وتراجع الاحتياطي النقدي في السنوات الست الماضية من 36 مليار دولار إلى مستويات متدنية، وصلت إلى 14 مليار دولار.
أوضاع معيشية صعبة
وبالرغم من كل هذا، جدد «عبدالفتاح السيسي» مطالبته للمصريين بالصبر وتحمّل الأوضاع المعيشية الصعبة التي تعانيها البلاد أثناء توليه السلطة؛ مبررًا -في كلمة له الأربعاء الماضي- ارتفاع الدين الخارجي لـ80 مليار دولار إلى «زيادة مرتبات العاملين في الحكومة من 80 مليار جنيه في عام 2011 إلى 230 مليار جنيه في الموازنة الحالية. الـ150 مليار الفرق لو كنا أودعناهم في البنوك كانوا يبقوا 300 مليار في الخمس سنوات، لو حسبنا معدل الفائدة ما بين 15 إلى 20%».
وأضاف «السيسي»، محملًا موظفي الدولة مسؤولية تراكم الديون: «إحنا بنستلف الـ150 مليار دول وبندفع خدماتهم، وهانستلفهم وهاندفع فوائدهم، لأننا مانقدرش ما ندفعش الأجور والمعاشات لملايين المصريين»؛ و«بقول كده للناس اللي عمالة تقول الدين زاد عليكم كده ليه: إحنا ما قدمناش غير إننا نشتغل ونصبر ونتحمل».