تفاقمت الأزمة السياسية بين مصر والسودان، الأمر الذي قد يؤثر بشكل كبير على مستقبل مشكلة مصر الحالية مع أثيوبيا والمتعلقة بسد النهضة، حيث بات أمن مصر المائي مهدد.
وحذّر تقرير لمجلة «فورين بوليسي» الأميركية، من امتداد الخلاف الدبلوماسي الجاري بين مصر والسودان إلى مفاوضات سدّ النهضة الذي تعمل إثيوبيا على بنائه بكلفة 5 مليارات دولار، وتنظر إليه القاهرة باعتباره تهديدًا وجوديًا لها. وقالت إنه «يُهدّد مصير تلك المفاوضات».
ومصر تخشى أن بناء السد وما يتبعه من خطوة تخزين للمياه، سيؤديان إلى تدمير مساحات من الأراضي الزراعية لديها، فضلًا عن عدم توفير مياه شرب كافية لسكانها الذين يتجاوز عددهم 100 مليون نسمة، ويعانون بالفعل نقصًا في الموارد المائية.
في المقابل، تقول إثيوبيا إن السد ضرورة لتطوير البلاد، وتؤكد أن للسد منافع لجميع الدول بما فيها دولتا المصبّ، مصر والسودان.
وأشارت الصحيفة إلى أن الموقف السوداني أقرب إلى إثيوبيا منه إلى مصر، إذ عبّرت الخرطوم أكثر من مرة عن اعتقادها أن السد ستكون له فوائد على دول المصب، بخلاف ما تخشاه القاهرة.
تهديدات عسكرية
ووجّه السودان- الذي يدعم بناء السد- تحذيرًا رسميًا، الخميس الماضي، مما وصفه بـ«تهديدات عسكرية مُحتملة» من جارتيه مصر وإريتريا، بعد مزاعم رصد تحركات عسكرية للقاهرة وأسمرة بالقرب من الحدود المشتركة مع إريتريا شرقي السودان، وأشارت المجلة إلى مثلث حلايب وشلاتين المصري الذي تزعم السودان سيادته عليه.
وكان السودان، على نحو مفاحئ، استدعى سفيره من القاهرة، في أحدث فصول الأزمة التي بدأت الصيف الماضي وزادت في الأسابيع الأخيرة، في ظل المقاطعة التجارية بين البلدين بعد قرار السودان وقف دخول السلع والصادرات المصرية عبر الموانئ والمعابر الحدودية بشكل نهائي، العام الماضي.
وترى المجلة أن الخلاف الدبلوماسي المصري السوداني يُعقّد مهمة التعامل مع موضوع سد النهضة المُثير للخلاف؛ إذ تدعم الخرطوم بناء السد الذي قد يخنق تدفق المياه نحو مصر، فيما تعتبره القاهرة «مسألة حياة أو موت».
ونقلت المجلة عن المديرة المشاركة في مركز أفريقيا بالمجلس الأطلنطي، كيلسي ليلي، قولها «كل القوى الإقليمية المتنافسة حول البحر الأحمر تترابط، لكن موضوع السد يُثير مشكلة كُبرى بين الدول الثلاث».
وتوقّعت المجلة أن تدفع الظروف السياسية العصيبة التي مرت بها إثيوبيا، وتحديدًا خلال موجة الاضطرابات التي عصفت بها عام 2016، إلى التعجيل بعملياتها في ملء خزان السدّ، رغم أنه من الممكن أن تملأه تدريجيًا في مدة قد تصل إلى 15 عامًا، بما يؤخّر المنافع المتوقعة.
فقدنا السودان
يقول السفير معصوم مرزوق الخبير السياسي، في تصريح لـ«رصد»:«إن مصر خسرت دعم السودان بشكل رسمي، وفرطت في دعم الخرطوم لها، ما يعني أن مصر أصبحت وحيدة في هذه الأزمة ضد أثيوبيا التي تماطل مع الحكومة المصرية عبر المحادثات والزيارات التي لا جدوى لها أو منفعه».
وأضاف مرزوق:«الدليل على خسارة مصر هو أن تم إنجاز 63.87 بالمئة من مراحل بناء سد النهضة، رغم ضغوط القوى الخارجية، مؤكدًا أن المفاوضات حول السد ترتكز على الاستخدام العادل للمياه، لكن تخلي السودان عن مصر بسبب غياب الدعم المصري لها وإيجاد حلول أخرى عن طريق تركيا ودول الخليج، دفعها لعدم الاهتمام لأمر مصر المائي».
وطلبت مصر من إثيوبيا إبعاد السودان من المفاوضات بشأن سد النهضة، وإشراك البنك الدولي كطرف محايد في التحكيم، وذلك وفقا لما ورد في صحيفة أديس فورشن الإثيوبية.
وجاء الطلب في رسالة من عبد الفتاح السيسي سلمها وزير خارجيته سامح شكري إلى رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريام ديسالين الثلاثاء الماضي.
وكان شكري وصل الثلاثاء الماضي إلى أديس أبابا لإجراء مباحثات في إطار التشاور المستمر بين وزيري خارجية البلدين، وهي الزيارة الرابعة من نوعها للوزير المصر