في الوقت الذي يسيطر فيه نظام عبدالفتاح السيسي على كل مؤسسات الدولة، بتعيين ضباط في الخدمة ومتقاعدين في مناصب إدارية، وَضَعَ شرطًا للتوظيف، وهو الانضمام إلى الأكاديمية الوطنية لتدريب الشباب؛ ما رآه مراقبون قرارًا لترسيخ الديكتاتورية.
وأعلنت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، أنّه لن يُعيّن أي موظف في الحكومة إلا بعد حصوله على برنامج تدريبي بالأكاديمية التي أسّسها عبدالفتاح السيسي؛ وسواء أكانو حديثي التعيين في الخمس سنوات الماضية أو ثبتوا فسيخضعون للبرنامج.
وتدّعي الأكاديمية أنها تهدف إلى تحقيق متطلبات التنمية البشرية للكوادر الشبابية في قطاعات الدولة كافة والارتقاء بقدراتهم ومهاراتهم، ولكنّ الأهداف الخفية تتمثل في السيطرة على عقول الشباب ومراكز اتخاذ القرار؛ ما يشبه تنظيم الاتحاد الاشتراكى في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر. فالشباب المتخرجون في هذه الأكاديمية سيتولون المناصب القيادية، بعد تلقينهم برامج معينة تهدف إلى تغيير عقيدتهم بعقيدة جديدة يعتنقها قائد الانقلاب والحكومة، والعمل على تغيير الأهداف الحالية والمؤجلة بأهداف وسلوكيات مرحلة «السيسي»، ومن المقرر أن تبدأ الأكاديمية عملها اعتبارًا من بداية شهر أكتوبر المقبل.
تكريس الديكتاتورية
وقال شريف الروبي، الناشط بحركة «6 أبريل»، إنّ «الأكاديمية لا تخرج عن كونها محاولة جديدة لتجنيد الشباب وتكريس الديكتاتورية»، متسائلًا: «هل يمكن لشباب 25 يناير الالتحاق بها؟ وهل تتاح الفرصة للمعارضين المشاركة فيها؟».
وأضاف لـ«رصد»: «عبدالفتاح السيسى قرر في بداية حكمه إلحاق 20 ألف شاب بأكاديمية ناصر العسكرية لتدريبهم على إدارة المحليات، وهؤلاء لا يعرف أحد عنهم شيئًا حتى الآن، وأين وظّفوا، وهل دُرّبوا بالفعل أم لا».
وأوضح أنّه «في عامي 2016 أو 2107 نظّمت الرئاسة أربعة مؤتمرات للشباب، لم يُنفّذ أيٌّ من الوعود التي قطعها على نفسه، إضافة إلى أنّ الشباب الموالين همّشهم النظام».
تنقية الموظفين
من جهته، قال السفير عبدالله الأشعل، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إنّ «هدف هذه الأكاديمية تكريس النظام، وتفريق الشباب وتمزيقه، ومعرفة الموالين من المعارضين؛ لأنّها ليست لها أهمية حقيقية ولن يترتب عليها مكاسب يمكن ذكرها».
وتساءل في تصريح لـ«رصد» عن الخطة والرؤية المعدّين لتأهيل هؤلاء الشباب، وهل يمكن لجميعهم الالتحاق بها أما ستكون فقط للموالين للسلطة الحالية»، متابعًا: «أعتقد أنّ الموالين لهم الأولوية في الالتحاق، أما المعارضون، حتى لو كانوا ممن يعملون ويخافون على مصلحة الوطن؛ فلا مكان لهم فيها».
ورأى مساعد وزير الخارجية الأسبق أنّ «هذه الجهود المبذولة ليست لها مردود إيجابي أو فائدة ومنفعة على الوطن؛ إذ تُوجّه أموال الدولة في اتجاهات لا تسمن ولا تغني»، و«النظام، دون استشارة أو مشورة من أحد، يتخذ قراراته في السر ويطبقها، مع غياب أي حسيب أو رقيب يدفعه للقيام بما يريد».