ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن ثلاثة أخوة من بلدة رفح الحدودية دفعوا أموالا لمهربين؛ ليقوموا بتهريبهم عبر أنفاق حدودية إلى مصر، وينضموا عقب ذلك إلى تنظيم ولاية سيناء المرتبط بتنظيم الدولة، الذي يقاتل الجيش المصري في الصحراء.
وأوضح التقرير الذي قام به إياد أبو حويلة وإيزابيل كيرشنر، أن أحد الإخوة قتل قبل حوالي 18 شهرا، وكان يبلغ من العمر عشرين عاما، فيما ظهر الأخ الأكبر ويدعى حمزة الزملي ويبلغ من العمر 25 عاما، الأسبوع الماضي في شريط فيديو صادم ضد حركة حماس التي تسيطر على غزة، حيث وصف مقاتليها بالمرتدين.
وأشار الكاتبان أن الشريط، الذي تصل مدته إلى 22 دقيقة، ينتهي بقيام الزملي، ويظهر بشعره الطويل المنبعث من تحت عمامته، بتوجيه مقاتل آخر لقتل أسير جاث على ركبتيه بتهمة تهريب السلاح لحركة حماس، بحسب ما ذكرت عربي 21.
وذكرت الصحيفة إن الفيديو «أظهر مستويات جديدة من العداء بين حركة حماس وفرع سيناء من تنظيم الدولة، مدخلا بذلك طبقة جديدة من عدم الاستقرار في منطقة مضطربة أصلا، كما أن الفيديو أغضب غزة، ما جعل العائلتين اللتين ظهر ابناهما في الفيديو تتبرءان منهما ».
وأكد التقرير أن الفيديو يوجه الإتهامات لحركة حماس بخيانة الفلسطينيين، بسجنها المتطرفين في غزة، وفشلها في منع اعتراف أمريكا بالقدس عاصمة لإسرائيل، وتلقي الدعم من إيران.
كما أشار إلى أن تنظيم ولاية سيناء يدعو إلى مهاجمة أعضاء حركة حماس ومحاكمهم ومواقعهم الأمنية، بالإضافة إلى الشيعة والمسيحيين في غزة، بحسب مجموعة سايت المعلوماتية التي ترصد دعاية تنظيم الدولة.
وعلق كاتبا التقرير أنه لطالما كان هناك توتر بين الجماعتين، حتى عندما دعت المصالح المشتركة إلى التعاون على طرفي الحدود في الماضي، خاصة في مجال تهريب الأسلحة، بحسب المسؤولين والخبراء في المنطقة، لكن في إعلانه للحرب على حركة حماس.
ونقلت الصحيفة أن إحدى جرائم حماس الرئيسية، في نظر تنظيم الدولة، هي مشاركتها في انتخابات السلطة الفلسطينية، التي يعتبرها تنظيم الدولة بأنها تقدم القوانين الوضعية على القانون الإلهي، بالإضافة إلى عامل آخر في النزاع مع حركة حماس هو جهود الأخيرة لتحسين العلاقة مع مصر، في الوقت الذي تحاول فيه مصر التوسط في المصالحة بين حركة حماس والسلطة الفلسطينية، منافستها في الضفة الغربية.
كمما نوه التقرير إلى أنه كجزء من هذه العملية، فإن حركة حماس تقوم بتشديد الإجراءات على الحدود مع مصر في الأشهر الأخيرة، حيث تم إنشاء منطقة عازلة، وتم تركيب كاميرات مراقبة وأسلاك شائكة، بحسب ما ذكر موقع عربي 21.
وأوضحت الصحيفة أن حركة حماس منظمة وطنية فلسطينية توجه جهدها الرئيسي ضد إسرائيل، وكانت تقوم بحملات بين الحين والأخر ضد الجهاديين الأكثر تطرفا في غزة، بما فيها موجة اعتقالات مؤخرا بسبب إطلاق متطرفين صواريخ على إسرائيل؛ احتجاجا على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.
وأورد التقرير نقلا عن متعاطفين مع تنظيم الدولة، قولهم إن هذه الاعتقالات لا تخدم سوى إسرائيل، لافتا إلى أن صلاح البردويل، وهو أحد كبار المسؤولين في حركة حماس، وصف الفيديو بأنه إنتاج صهيوني، أما محمود الزهار، وهو مسؤول كبير آخر في الحركة، فقال إن تنظيم الدولة في سيناء لا يريد أن تملك حركة حماس السلاح لتقاوم الاحتلال الإسرائيلي.
وأوضح الكاتبان أن حركة حماس لم تصرح بشيء تجاه الفيديو، حيث أنها لا تريد الترويج له، مشيرين إلى أن العائلات التي انضم ابناؤها لتنظيم الدولة تتردد في الحديث عنهم؛ خوفا من رد فعل حركة حماس، التي تسيطر على قطاع غزة.
وذكرت الصحيفة نقلًا عن أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر مخيمر أبو سعدة، قوله «هناك حرب غير معلنة بين حركة حماس وتنظيم الدولة.. وهناك أشخاص انشقوا عن حركة حماس وانضموا إلى تنظيم الدولة؛ بسبب عدم موافقتهم على مشاركة حركة حماس في انتخابات عام 2006، فلا يحبون تصرف حركة حماس لأنها لا تحكم بالشريعة.. كما أن هناك بعض نواحي الفساد في الحكم في غزة».
كما أشار التقرير نقلا عن زميل معهد واشنطن لدراسات سياسة الشرق الأدنى المقيم في القدس إيهود ياري، إن حركة حماس في الماضي قدمت سابقا التدريب والسلاح لفرع تنظيم الدولة في سيناء، وسمحت للجرحى بدخول غزة للعلاج، مضيفًا أن التحول الجديد كان قصة تحالفات متغيرة عادية في الشرق الأوسط.
وأضاف الكاتبان أن شخصية الفيديو الرئيسية، الزملي، نشأ في مخيم الشابورة في الجزء الفلسطيني من مدينة رفح التي تمتد عبر الحدود، مشيرين إلى أن الشخص الذي أطلق النار هو محمد الدجاني من مدينة غزة، وكان مقاتلا مع الجناح العسكري لحركة حماس، لكنه انشق عنه لينضم لتنظيم الدولة،
وقال مسؤول من حركة حماس إن المتهم بتهريب الأسلحة هو موسى أبو زماط من الشق المصري من رفح.
ونقلت الصحيفة عن والد الزملي، عادل الزاملي الذي يبلغ من العمر 51 عاما، ويعمل أستاذا وإماما في مسجد محلي، قوله «يؤلمني جدا أن يكون ابني حمزة قام بسفك دماء»، مضيفًا أنه جر أخاه الأصغر للهلاك، فيما قالت مريم، أم حمزة بعد مشاهدتها للفيديو، إنها حزينة لأنها أنجبته.
وأكد التقرير إن عائلة الدجاني أصدرت بعد صدور الفيديو بفترة وجيزة بيانا، أعربت فيه عن فخرها بانتمائها لحركة حماس وجناحها العسكري، واصفة فعل ابنها بالإجرامي والمنافي للتعاليم والقيم الدينية لشعبنا.
وأشار الكاتبان إلى أن رحلة الإخوة من عائلة الزاملي مع تنظيم الدولة قد بدأت قبل ثلاث سنوات، بعد مغادرة الأخوان الأكبران إلى سيناء، بعد سجنها في غزة بسبب سرقتهما لبندقية، وتحولا إلى فكر متطرف بحسب ما قال أقاربهما، مشيرين إلى أن حمزة ترك خلفه زوجة طلقها وابنة، وبعد أن قتل أخوه محمد انضم إليه إبراهيم الذي يبلغ من العمر 19 عاما، والذي غادر غزة ليقاتل في سيناء قبل حوالي 9 أشهر.
وذكرت الصحيفة أن محمد الدجاني الذي يبلغ من العمر 24 عاما، وهو الشخص الذي يطلق النار في الفيديو، مؤكدين أنه كان عضوا في الجناح العسكري لحركة حماس في غزة وانشق عنه مغادرا إلى سيناء قبل أربعة أشهر.
واختتمت صحيفة نيويورك تايمز تقريرها بالإشارة إلى قول عمه حسام الدجاني «لم يعد قريبي، إنه غريب عن عائلة الدجاني كلها، ونأمل أن نقتله بأيدينا».