قالت صحيفة «نيويورك تايمز» إنّ الولايات المتحدة أثارت غضبًا عارمًا داخل مجلس الأمن من حلفائها وأعدائها على حدٍ سواء؛ بعد طلبها عقد جلسة خاصة للتحدّث عن الوضع في إيران، ومحاولة حشد رأي عام دولي ضد نظامها بطريقة تخدم مصالحها وليس مصالح المحتجين الإيرانيين، وحاولت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة استخدام الاحتجاجات لتقويض الاتفاق النوووي الإيراني.
وأضافت، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ ترامب يسعى منذ توليه رئاسة الولايات المتحدة إلى إلغاء الاتفاق الذي أبرمه سلفه باراك أوباما، واتّهم الحكومة الإيرانية مرارًا بأنها لا تلتزم بالاتفاق «الذي لا يوافق هو عليه بالأساس».
والدول الأعضاء في مجلس الأمن أثارتهم محاولة السفيرة الأميركية نيكي هالي إدارة مجلس الأمن لصالح الأولويات السياسية الخارجية الأميركية، واصفة المجلس يوم الجمعة بأنه «مسرح دبلوماسي»؛ بسبب موضع إيران، وتجاذبت الدول الأعضاء أطراف الحديث معبرين عن رفضهم لتصرف الولايات المتحدة؛ إذ لم يكن مقررًا مناقشة أي شيء يخص إيران في دورة يوم الجمعة.
بدأت الجلسة ظهر الجمعة بإدانة عاطفية من نيكي هالي للحملة القمعية التي يقودها النظام الإيراني ضد المتظاهرين، وانتهت بتناول السفير الإيراني مسألة التمرد والاحتجاجات في الولايات المتحدة من منظور تاريخي، وتحدّث عن حملات الشرطة الأميركية لقمع متظاهري المؤتمر الوطني الديمقراطي فيها عام 1968، واجتاحت وول ستريت في عام 2011.
وبعد كلمة السفير الإيراني، تناوب باقي السفراء على مهاجمة أميركا في كلماتهم أمام مجلس الأمن؛ لكنهم قبل التعبير عن رفضهم أدانوا الحملة القمعية للحكومة الإيرانية وقتلها 20 محتجًا حتى يوم الجمعة، واعتقال الشرطة مئات المتظاهرين، وحجب وسائل الإعلام الاجتماعية واتهامها لقوى خارجية بالتحريض على التظاهرات؛ دون أن تقدّم الحكومة الإيرانية دليلًا واحدًا حتى الآن على ادّعاءاتها.
وقالت «نيكي» في تصريحاتها إنّ الولايات المتحدة ستبقى داعمة للمتظاهرين الإيرانيين، و«لا يوجد أي شك على الإطلاق في ذلك، والولايات المتحدة، تقف على نحو غير معتاد مع الإيرانيين في سعيهم إلى الحرية لأنفسهم.
لكنّ هناك أدلة على أنّ ثورة صغرى تتكوّن داخل غرفة مجلس الأمن بين الخصوم التقليديين لأميركا، مثل روسيا والصين، وأيضًا بينها وبين حلفائها المقربين مثل فرنسا والسويد؛ وكثير منهم يخشى الوقوع تحت طائلة الانتقاد الصريح من أميركا، خاصة وأنهم يعتقدون أنّ الجلسة ضمن مساعيها لتقويض الاتفاق النووي الذي يسعى ترامب منذ وقت طويل إلى التخلص منه.
ولم تكن آمال «نيكي» من الجلسة واضحة حتى عقدها ظهر يوم الجمعة، كما لم يكن واضحًا إذا ستتمكن من جمع الأصوات اللازمة لعقد الجلسة من عدمه؛ لكنّ السفير الفرنسي «فرانسوا ديلاتر» حذّر قبل بدء الجلسة من «تفعيل» الاحتجاجات «من الخارج»، في إشارة إلى محاولة الولايات المتحدة تأجيج الاحتجاجات هناك لأغراض سياسية.
وأضاف فرانسو: «يجب أن نكون حذرين من أيّ محاولة لاستغلال الأزمة لتحقيق أهداف شخصية؛ ما ستكون له نتيجة متعارضة تمامًا مع ما يتمناه الجميع».
لكنّ السفير الروسي «فاسيلي نيبنزيا» كان أكثر صراحة، وسأل فى بلاغة: لماذا لم يتناول مجلس الأمن مسألة «احتجاجات السود في فيرغسون»، التي استخدمت فيها الشرطة الأميركية العنف بحق المتظاهرين، وأضاف أنّ «السبب الحقيقي لاجتماع اليوم ليس حماية حقوق الإنسان أو تعزيز مصالح الشعب الإيراني؛ بل محاولة خفية من أميركا لاستخدام اللحظة الراهنة لتقويض الاتفاق النووي الإيراني».
ومرارًا، دأب ترامب على مهاجمة الاتفاق النووي الإيراني، متهمًا سلفه باراك أوباما بالتنازل كثيرًا لصالح إيران؛ بإبرامه الاتفاق. وفي أكتوبر الماضي، رفض الرئيس الأميركي التصديق على التزام إيران. وفي هذا الشهر، سيتعين على ترامب أن يحدد مرة أخرى أمام الكونجرس ما إذا كان يرغب في مواصلة التخلي عن العقوبات المفروضة على إيران أم إلغاء الصفقة ومواصلة العقوبات.
لكنّ تصرفات ترامب أثناء توليه الرئاسة دأبت على زيادة العداء مع الحلفاء الأوروبيين.
وفي الاحتجاجات الإيرانية، ربطها ترامب بالاتفاق النووي الإيراني، وقال إنّ الفوائد المالية التي تلقّتها السلطات الإيرانية جزءًا من الاتفاق، استخدمتها في تغذية الفساد الذي يحتج عليه الشعب الآن.
لكنّ معظم الأعضاء في مجلس الأمن أصروا (الجمعة) على أن القضيتين منفصلتان عن بعضهما، وقالت «ساشا سيرجيو لورنتي»، سفير بوليفيا: «يجب أن يكون واضحًا للمجتمع الدولي أن الوضع في إيران ليس مدرجًا على جدول أعمال المجلس اليوم».
اتفّقت ممثلة السويد «إيرينا شولجين نيوني» معها، قائلة: «نتحفظ على شكل هذه الدورة وتوقيتها».
وهذه التحفظات السابقة دليلٌ آخر على تصاعد المقاومة الدولية لأولويات السياسة الخاريجة الأميركية؛ خاصة في الأمم المتحدة. وفي الشهر الماضي، صوّتت الأغلبية على قرار يندد بقرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لـ«إسرائيل» ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إليها.
واضطرت «نيكي» إلى استخدام حقها في الفيتو، واعترضت على القرار.
ويوم الأربعاء الماضي، عقدت بعثة الولايات المتحدة حفل استقبال لسفراء الدول التسع الذين صوتوا لصالح أميركا في مجلس الأمن، وشكرهم ترامب على دعمهم للولايات المتحدة، وقال إن التصويت سيكون نقطة هامة في تاريخ الولايات لمتحدة، وإنّ دعمهم لوحظ وسيُقدّر.