نشرت صحيفة «ميدل ايست مونيتور» مقالا للكاتب الفلسطيني، معتصم دلول، عن الخلفية التي انطلق منها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، موضحا كيف تم خداع قادة الدول العربية والإسلامية في لعبة ترامب للتقارب العربي الإسرائيلي، متوقعا أن يقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس بواقع نقل السفارة الأمريكية.
ووفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أن القدس عاصمة لإسرائيل، وقال إنه أصدر توجيهاته إلى وزارة الخارجية للبدء في نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى المدينة القدس، وقال «قررت أن الوقت حان للاعتراف رسميا بالقدس عاصمة لإسرائيل»، مضيفا أن الرؤساء السابقين لم يستطيعوا اتخاذ مثل هذا القرار ودأبوا على تأجيله.
فيما يرى قادة العالم العربي والإسلامي والدول الخارجية، أن تلك خطوة لا يجب اتخاذها قبل الحل السلمي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وأدان قادة الدول العربية والإسلامية القرار إضافة إلى كبار الأديان التوحيدية الثلاثة، ويعتقد الجميع أن القراره من الممكن أن يقود إلى حربٍ لا تنتهي، والسؤال هو «فيما كان يفكر ترامب أثناء اتخاذه القرار؟».
صفر
وعن نهجه قال كتاب إسرائيليون، إن ترامب متأثر بحلفائه الأقوياء بما فيهم نائب الرئيس «مايك بينس» والجمهوري المتبرع الكبير «شيلدون أديلسون»، درسوا ردود الأفعال المتوقعة على قراره جيدا، ويبدو أنه توصل إلى أنها ستكون مهولة وكبيرة لكن محصلتها صفر، بجانب توقعه الانتقادات الشديدة، لكنها لا تعني شيئا جوهريا.
وكان ترامب أشار من قبل خلال خطابه، إلى أن سلفه «هاري ترومان» والذي اعترف بالدولة الوليدة قبل 70 عاما، واجه نفس المصير، لكن شجاعته أجبرت باقي الدول الأعضاء في مجلس الأمن أن يتبعوا خطاه، ورأى ترامب أن الأمم المتحدة وأعضائها الذين اتبعوا ترومان في اعترافه بإسرائيل رغم أنها قائمة على أرض مسروقة، سيتبعونه أيضا في الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
يُشار إلى أنه قبل تحرك ترومان الأولي، تعهدت الولايات المتحدة للسعودية وملكها بعدم اتخاذ أي قرار بشأن فلسطين والصراع مع الصهاينة دون استشارته، ورغم ذلك فعل، ولم تستطع السعودية أو أي دولة عربية أخرى فعل شيء نحو دفع أمريكا للتراجع عن قرارها.
كما أن ترامب يعلم أن معظم القوى العالمية لا تعترف بالقدس كعاصمة لإسرائيل لأن الاعتراف يقوض مصالحها وعلاقاتها مع الدول العربية والإسلامية، وهو ما يفسر «لماذا ركز ترامب على جعل القوى العربية الرئيسية قريبة من إسرائيل خلال الفترة الماضية وقريبة من رؤيتها في التوصل لحل دائم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بعد أن كانوا رأس الحربة في النضال ضد الصهيونية؟».
استدعاء عباس
وكانت صحيفة «نيويورك تايمز»، كشفت في وقت سابق هذا الأسبوع، أن السعوديين استدعوا رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، لإجباره على قبول خطة السلام الأمريكية الإسرائيلية وإقناعه بها.
وقدم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان خطة الولايات المتحدة والتي كانت أكثر انحيازا للإسرائيليين، والتي من المحتمل ألا يقبلها أي زعيم فلسطيني، ونصت بوضوح على أن «القدس الشرقية لن تكون أبدا عاصمة لفلسطين في المستقبل»، وإذا كان هو الحال، فما مصير القدس الغربية؟ بالتأكيد هذا يعني أن القدس الشرقية والغربية ستصبح عاصمة موحدة لإسرائيل.
وقال محمود عباس الذي انتقد إعلان ترامب، إن إعلانه يقتل عملية السلام وانهى فكرة حل الدولتين للأبد، لكنه في نفس الوقت شكر السعودية، وهو ما يشير إلى أن موجة الغضب ستنتهي، وسيواصل التعاون الأمني مع إسرائيل، وتسير الأمور كالمعتاد.
يشار إلى أن الرئيس الفلسطيني هو الذي ساعد إسرائيل على إنهاء انتفاضة الأقصى التي اندلعت في عام 2001، بعد قيام رئيس الوزراء الإسرائيلي «آرييل شارون» بتدنيس المسجد الأقصى، وبالتأكيد سيقاتل الرئيس الفلسطيني زملائه الفلسطينيين الذي يقاومون الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل.
وعلى مدار عقدين من الزمان، كان قادة العالم العربي والإسلامي وقادة العالم، على يقين بأن هذا اليوم سيأتي، خاصة بعد اعتماد الكونجرس الأمريكي لقانون سفارة القدس في عام 1995، والذي حث الحكومة الأمريكية على نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس والاعتراف بها كعاصمة لإسرائيل.
إلا أن أسلاف ترامب دأبوا على تأجيل اعتماد القرار؛ تجنبا للتوتر في المنطقة، وساد الصمت لمدة عقدين باستثناء بعض الملاحظات هنا وهناك.
وعلاوة على ذلك، كان الفلسطينيون يعرفون أن الولايات المتحدة تقف إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي، لكنها مثلت لعقود بأنها «وسيط نزيه للسلام»، وحتى مع تنديد المسؤولين الفلسطينيين بالولايات المتحدة لانحيازها لإسرائيل في عملية السلام، مشيرا إلى أن السعودية وجامعة الدول العربية، تبنا الرؤية الأمريكية تجاه خطة السلام.
وكان ترامب قال «رفضنا الاعتراف بأي عاصمة إسرائيلية لمدة 70 عاما، لكننا نقر اليوم بأن القدس عاصمة لإسرائيل». وأضاف ترامب «ما فعلته ليس أكثر من اعتراف بالواقع، وهو الشئ الصحيح الذي يجب القيام به»، وتلك كانت طريقته في سؤال زعماء العالم «لماذا يغضبون اليوم بقبول واقع موجود لأكثر من 70 عاما».
وأضاف، «القدس هي مقر الحكومة الإسرائيلية، وهو الواقع، فهي موطن البرلمان الإسرائيلي ومقر للعديد من الوزارات الحكومية، وعلى مدى عقود التقى مسؤولون أمريكيون بنظرائهم الإسرائيليين في القدس».