قال موقع «نيوز ماكس» إنّ الحرب الدائرة في سيناء الآن لا تبدو لها نهاية قريبة؛ فبناء إثيوبيا سدَّ النهضة سيؤثر عليها تأثيرًا مباشرًا إذا قرّرت مصر استخدام القوة العسكرية لتدميره. ودخلت «إسرائيل» في المعادلة بالتعديلات المؤقتة التي طرأت على اتفاقية «كامب ديفيد». وروح الاتفاقية، المتمحورة في «الأرض مقابل السلام»، فَقَدَت مفهومها.
وأضاف الموقع، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ الحادثة الإرهابية الأخيرة على مسجد في قرية الروضة ببئر العبد (شمال سيناء) حازت اهتمامًا دوليًا؛ خاصة أنّه في المنطقة التي تربط إفريقيا بآسيا، بجانب أكثر من 300 قتيل.
إعادة تذكير
ذكّرت الحادثة العالم بالمعركة المروّعة الدائرة حاليًا في سيناء بين القوات الحكومية برئاسة عبدالفتاح السيسي وأمراء الحرب الجهادية.
ولا يجب أن تكون الفوضى الواسعة النطاق في سيناء والتمرد المسلح هناك مفاجأة؛ فبعد إخلاء الجيش الإسرائيلي شبه جزيرة سيناء بموجب اتفاق السلام مع مصر عام 1979 فُرضت شروط صارمة لنزع سلاح الجيش المصري من هناك. وكان نزع القوات والسلاح منها شرط «إسرائيل» الأساسي لإتمام اتفاقية السلام، التي لا تزال تشكّل عنصرًا حاسمًا في أمنها الشامل حتى الآن.
غير أنّ الظروف المرتبطة بالحرب بين «إسرائيل» ومصر والعوامل المسببة لها انخفضت إلى حد كبير؛ لكنّ استمرار الاتفاقية حدّ من قدرة القاهرة على إنفاذ القانون والنظام داخل شبه جزيرة سيناء، ولا يوجد هناك احترام تام للسلطة المركزية؛ لا سيما وأنّ الأعراف والتقاليد هي السائدة هناك.
وبناءً على ذلك، وبسبب قدرة مصر المحدودة على فرض سيطرتها، أصبحت عصابات الرحل والعشائر والقبائل، التي تشكّل جزءًا كبيرًا من السكان، غير مقيدة -إلى حد كبير- وتمارس أنشطة غير قانونية؛ شملت تهريب المخدرات والأسلحة والاتجار بالبشر والاختطاف والابتزاز.
التجريد من السلاح
إضافة إلى ذلك، ومع ظهور الإسلام الراديكالي في معظم أنحاء الشرق الأوسط؛ وجدت العقيدة الأصولية أرضًا خصبة بين القبائل البدوية المتناحرة في سيناء. وبعلاقاتها المثيرة للجدل مع النظام في القاهرة، خاصة بعد الانقلاب على الرئيس محمد مرسي في 2013؛ أظهرت هذه القبائل تقاربًا متزايدًا مع أيديولوجيات المجاهدين، وأعلن تنظيم «أنصار بيت المقدس» الولاء لتنظيم الدولة.
وما يحجّم مصر هناك الجزء الخاص بنزع السلاح في اتفاقية كامب ديفيد؛ ما جعل مصر عاجزة عن فرض القانون والنظام هناك بشكل فعال، ولم تستطع اكتساب القدرة على مواجهة التحدي المتزايد هناك، بجانب زيادة معدلات تحدي القانون ورفض السلطة الحكومية المركزية.
وتواصلت مصر مرات مع كيان الاحتلال وطلبت منه الموافقة على نشر قوات تتجاوز أحكام معاهدة السلام، بما في ذلك إدخال الدبابات والطائرات المروحية والمقاتلة. وكقاعدة عامة، وافقت «إسرائيل» على هذه الطلبات، وامتنعت مرة بعدما نشرت مصر دون إذن مسبق منها.
إثيوبيا: الفيل المصري في الغرفة
وطرأت مشكلة أخرى في مصر، تمثّلت في حصتها من مياه النيل؛ بعد شروع إثيوبيا في بناء «سد النهضة»، وهناك إغفال من المحللين للدور الإثيوبي في الأزمة التي تواجهها في سيناء؛ فلماذا يعد لإثوبيا دور في هذه الأزمة؟
والآن، إثيوبيا في المراحل النهائية لبناء سد النهضة الضخم على النيل الأزرق، وهو مصدر المياه الأهم لمصر، ويوفر الجزء الأكبر من إمدادات البلاد من المياه.
ووفقًا لذلك، مصر لديها مخاوف كبرى من إتمام السد؛ لأنه سيؤثر سلبًا على تدفق المياه إليها، وتتضح خطورة الموقف أكثر بعد إشارات خرجت من القاهرة تشير إلى أنها على استعداد لاستخدام القوة العسكرية لوقف بنائه. وحتى الآن، لم تتوصل البلدان إلى أيّ اتفاق للأزمة أو كيفية التعامل مع تداعيات التدفق إلى مصر؛ مما يجعل الصراع بينهما أقرب للحدوث من أي وقت مضى.
وسيكون الصراع مع إثيوبيا بمثابة رعب لمصر، البلد الفقير أصلًا. وبصرف النظر عن المسافة الكبرى بين مصر وإثيوبيا، لن يكون مشروع القوة العسكرية فعّالًا؛ فعدد سكان إثيوبيا أكبر بكثير من مصر، واقتصادها واحد من أسرع الاقتصاديات نموًا في العالم، وهو أقوى من الاقتصاد المصري.
وبالتالي؛ الاشتباك مع أديس أبابا سيؤدي حتمًا إلى إهداء موارد ضخمة كان يمكن لمصر استخدامها لقمع التمرد في سيناء، وسيترك للجهاديين حرية أكبر لفرض سيطرتهم على سيناء بصور أسهل.
«إسرائيل»
ترى «إسرائيل» أنّه بحدوث هذا ستواجه مأزقًا استراتيجيًا خاصًا سيناء، وسيدفعها الأمر إلى ثلاثة اختيارات؛ الأول: السماح بتحوّل سيناء إلى ملاذ يشبه أفغانستان لتنظيم القاعدة والحركات المسلحة الأخرى مثل تنظيم الدولة. أو إجبار النظام المصري على إعادة نزع السلاح من سيناء؛ بحجة إعادة إرساء القانون والنظام، أو إعادة تأكيد السيطر الإسرائيلية على سيناء، ورفض اتفاقية السلام مع القاهرة.
وواحدة من أهم المفارقات فيما يحدث أنّ قضية سيناء، التي اعتمدت في الماضي على مبدأ «الأرض مقابل السلام»؛ ستتحوّل إلى حقيقة مأساوية وضخمة للغاية.