حالة من الخنوع سيطرة على السياسة الخارجية المصرية، بنظام عبد الفتاح السيسي في التعامل مع ملف سد النهضة، وسط تهديد أثيوبيا بحرمان مصر من المياه.
وفي تصريح وصفة خبراء بأنه مهين لمصر، ويكشف عن عمق الأزمة، قال السفير الأثيوبي في القاهرة تاييى أثقلاسيلاسى، إن أثيوبيا لن تعرض مصر للعطش، إذًا فقد وصل حجم المفاوضات إلي العطش، في الوقت الذي تحدث فيه النظام عن شكل مفاوضات جديد.
مصر تواصل التفاوض
وأكد محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية والري المصري، أن لدى مصر أدوات سياسية مختلفة للتعامل مع ملف سد النهضة، مضيفا «لم نيأس ولن نيأس من المفاوضات في ملف سد النهضة».
وأوضح عبد العاطي، خلال حوار مع الإعلامية رشا نبيل، ببرنامج «كلام تاني»، على قناة «دريم» المصرية أنه في إطار مبادرة حوض النيل، أرسلت مصر خطابا إلى البنك الدولي في 2008، تطلب تمويل أول دراسات جدوى ومستندات طرح لأول سد متعدد الأغراض على النيل الأزرق، موضحاً أن إثيوبيا في عام 2011 أعلنت عن سد غير محل الدراسة، ووقتها سافر المهندس عصام شرف، رئيس الوزراء الأسبق، إلى إثيوبيا وجرى الاتفاق مع رئيس الوزراء الإثيوبي الراحل ملس الزيناوي، على عقد لجنة دولية لأن الدراسات غير مكتملة.
وأشار وزير الري، إلى أن رئيس الوزراء الإثيوبي وقتها أكد أن بلاده قامت بعمل الدراسات الكافية عن سد النهضة، موضحاً أن الزيناوي قال إن حصة مصر لن تقل مقدار كوب واحد، ولكن عام 2013 توصلت اللجنة الدولية إلى أن هناك دراسات ناقصة وتعديلات في تصميم السد، بالإضافة إلى دراستين عن تأثير السد على دول المصب، والتأثير على النظام الاجتماعي والاقتصادي والبيئي لدول المصب
وتابع عبد العاطي، أن مصر طالبت بالاتفاق على ملاحظات مجمعة لعدم الخروج عن الشروط المرجعية، ولكن السودان وإثيوبيا اعتراضا على ذلك، كما طالبت إثيوبيا مناقشة الاستشاري الخاص بسد النهضة بشكل منفرد، وهو ما يؤثر على حياديته، ويعد خروجا واضحا عن عقد اتفاق المبادئ.
وأضاف، أن كل الدراسات الدولية أكدت أن سد النهضة له تأثيرات كبيرة على مصر، مؤكدا أن مصلحة مصر وإثيوبيا تقتضى العودة للمفاوضات، وأن شعوب حوض النيل لن يفرقها شيء.
اكتمال 70% من بناء السد
قال مدير إدارة العلاقات العامة في وزارة الري والمياه والكهرباء الإثيوبية بوزنه تولشا، إن العمل بسد النهضة لن يتوقف ولو لدقيقة واحدة، مشيرا إلى أنه بحلول منتصف 2018 ستكون بلاده انتهت من بناء 70.44% من السد، مضيفا في مقابلة مع «الأناضول»، أن عملية البناء بالسد لن تتأثر بعدم التوافق حول وجهات النظر خلال المفاوضات بين أديس أبابا والخرطوم والقاهرة، نافيا فشل تلك المفاوضات، وأشار المسؤول الإثيوبي، إلى أن الخطة الموضوعة لإكمال عملية البناء، 7 سنوات.
وأوضح تولشا: «لن يتأثر بناء السد بتأخر إجراء الدراستين – يجريهما مكتب استشاري فرنسي، حول الآثار السلبية للسد على مصر والسودان – كما أن عدم التوصل لاتفاق مع مصر لن يعطل البناء».
وأوضح تولشا، أن إثيوبيا دولة ذات سيادة ولها الحق الكامل في الاستفادة من مواردها المائية، دون إلحاق الضرر بالآخرين، مشيرا إلى أن حجم ما تم بنائه وصل الآن إلى أكثر من 63%، وتابع المسئول الإثيوبي، إن بلاده ستواصل البناء انطلاقا من موقفها الثابت بأن السد حقا أساسيا لإثيوبيا التي عليها الاستفادة من مواردها المائية.
زيارة رئيس الوزراء الأثيوبي
أكد مسئول إثيوبي رفيع أن زيارة رئيس الوزراء الأثيوبي، هايلي ماريام ديسالين سوف تجرى رغم ممانعة البرلمانيين المصريين.
ونقلت وكالة الأنباء الإفريقية عن المتحدث باسم وزارة الخارجية، ميليس أليم أمام الصحفيين أن 19 نائبا مصريا وقعوا عريضة تستنكر زيارة ديسالين الذي من المفترض أن يقوم بزيارة أيضا إلى البرلمان المصري.
وتأتي مبادرة النواب المصريين بعد أن رفضت إثيوبيا الاقتراحات المقدمة من مصر بشأن التفاوضات غير المثمرة بين الخرطوم والقاهرة وأديس أبابا حول سد النهضة الأثيوبي.
وبين ميليس:« البرلمان المصري يضم 596 عضوا، و19 من المعارضة يدينون الزيارة المفترضة لرئيس الوزراء التي ستجرى مثلما هو متوقع».
خنوع مصري
ومن جانبه انتقد خبير المياة الدكتور نادر نور الدين، طريقة التفاوض مع أثيوبيا، مؤكدا أن الموقف المصري خانع للاستفزاز الأثيوبي، ويواصل على وصفها بالصديقة، ويقدم لها كل فروض الوفاء والطاعة.
وأضاف نور الدين في تصريح خاص لـ«رصد»، أن اثيوبيا استقطبت دول منابع النيل الابيض لتوقيع اتفاقية عنتيبي والغاء كل اتفاقيات المياه السابقة والتمرد ضد مصر، ورغم ذلك نقول عنهم الأصدقاء الأشقاء!.
وتابع نور الدين أن أثيوبيا استغلت ثورة يناير واقامت سد النهضة وضاعفت سعة تخزينه ست مرات ليصبح اكبر السدود في افريقيا، كما نقضت تعهداتها مع مصر بالاتفاق على نظام الملئ الأول لسدها الضخم وقالت سنملأ وفقا لرؤيتنا فقط، وترفض التوقيع على اتفاقية بالحفاظ على تدفقات النيل الأزرق عند نفس مستوياتها قبل بناء السد لأنها تعلم جيدا كم الأضرار التي ستلحق بمصر، ونقول عنهم الأصدقاء الأشقاء، متسائلا :«لماذا يجبر إثيوبيا على تغيير سياستها مع مصر بعد ان وجدتنا بمثل هذا الخضوع؟».