قبل 30 عامًا، في الثامن من ديسمبر 1987، اندلعت «انتفاضة الحجارة» الفلسطينية الأولى ضد الكيان الصهيوني بعد ستّ سنوات من المواجهات مع الصهاينة؛ دفاعًا عن أرضهم. لكنّ ذكراها اليوم تمرّ على العرب بتخاذل تام من القادة وصحوة من الشعوب، الذين انتفضوا وخرجوا في مظاهرات ليعلنوا رفضهم قرار الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لـ«إسرائيل».
وقال مدحت الزاهد، رئيس حزب التيار الشعبي، في تصريح لـ«رصد» إنّ «موقف القادة العرب من الانتفاضة الأولى وقرار ترامب لا يختلف كثيرًا؛ ففي كلاهما لم يأبه القادة بما يحدث للفلسطينيين، بعكس المثقفين والشعوب العربية».
وأضاف أنّ «من يدافع عن القضية الفلسطينية هم الشعوب العربية، الذين يجبرون القادة على التحرك للدفاع عن القضية الفلسطينية. ولكن، هذه المرة الخيانة واضحة وصريحة؛ فقبل شهور أعلن قائد البحرين التطبيع مع الكيان الصهيوني، والسيسي يؤكد حمايته لأمن المواطن الصهيوني».
انتفاضة الشعوب
تشابه موقف الشعوب في «انتفاضة الحجارة» وعقب قرار ترامب؛ فشهدت شوارع العرب مسيرات حاشدة تُندّد بالقرار الأميركي، المخالف للقوانين والأعراف والمواثيق الدولية كافة؛ بإعلان مدينة القدس المحتلة عاصمة لـ«إسرائيل»، واعتزامه نقل سفارة واشنطن من تل أبيب إليها.
ففي باكستان، قال موقع قناة «جيو» المحلية إنّ المئات تظاهروا في العاصمة إسلام آباد ومدن كراتشي وبيشاور ولاهور؛ معربين عن رفضهم لقرار ترامب.
وفي العاصمة الأردنية عمّان خرجت مظاهرات رفع فيها المتظاهرون لافتات مندّدة بالقرار، كما نظم نوابٌ وقفة أمام السفارة الأميركية للاحتجاج.
#شاهد: وقفة احتجاجية في جامعة اليرموك الأردنية، رفضاً لقرار ترمب.#القدس_عاصمة_فلسطين#فلسطين_اون_لاين pic.twitter.com/9IPueLFDF0
— فلسطين أون لاين (@felesteenonline) December 7, 2017
وفي لبنان، جابت مسيرات مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، وأعلنت الفصائل واللجان الشعبية فيها الإضراب الشامل منذ أمس الخميس.
وتظاهر مئات الأتراك في ميادين عامة، رافعين الأعلام التركية والفلسطينية وراية حركة حماس أمام القنصلية الأميركية في إسطنبول، إلى جانب لافتات كتب عليها: «الموت لإسرائيل» و«القدس عربية إسلامية»، وردّدوا هتافات منددة بالولايات المتحدة وإسرائيل.
الفلسطينيون يواجهون جيش الاحتلال
كان النصيب الأكبر من المظاهرات -بطبيعة الحال- في فلسطين، التي انطلقت المسيرات الحاشدة فيها لليوم الثالث على التوالي، غالبيتها تجاه نقاط التماس مع جنود الاحتلال؛ ما أسفر عن اشتباكات خلّفت شهيدين وعشرات المصابيين.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة استشهاد شابين؛ أحدهما يدعى محمود المصري (30 عامًا) برصاص الاحتلال، وإصابة 270 فلسطينيًا في الضفة وغزة. وقالت جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني» إنّ طواقمها تعاملت مع 217 إصابة في الضفة والقدس؛ منها سبع إصابات بالرصاص الحي، و45 بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، و162 اختناقًا بالغاز، وثلاث إصابات اعتداء بالضرب، وتعاملت مع 15 إصابة في غزة بين الإصابة بالرصاص المعدني والاختناق.
كما انطلقت مسيرات في مختلف مدن الضفة والقدس المحتلة، التي أدى أكثر من مائة ألف صلاة الجمعة في مسجدها، بينهم مسلمون أتراك وماليزيون. واندلعت المواجهات على حاجز قلنديا العسكري وفي بلدة العيزرية، جنوب شرق القدس،
وشهد مدخل مدينة بيت لحم الشمالي مواجهات أصيب فيها ستة شبان بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، وكذلك في قرى النبي صالح ونعلين وبلعين وبدرس والجانية (غربًا)، والمدخل الشمالي لمدينة البيرة وعند حاجز «بيت إيل» المجاور، وفي مدينة نابلس.
وأسفرت المواجهات في قرى وبلدات ومدن فلسطينية عن إصابة العشرات من الأهالي بالاختناق، كما في وسط الخليل وفي مدخل مخيم العروب للاجئين الفلسطينيين، وباتجاه حي باب العامود.
#شاهد اعتداء شرطة الاحتلال الهمجي على المقدسيين في البلدة القديمة بالقدس المحتلة
تصوير:محمد قاروط ادكيدك pic.twitter.com/v548SPinMy— وكالة شهاب (@ShehabAgency) December 8, 2017
وفي مدينة أريحا، أغلق فلسطينيون ناديًا لتلقيه الدعم والإشراف من أميركا، وأحرقوا على أبوابه علمها، ثم توجهوا إلى المدخل الجنوبي، حيث الحاجز العسكري للاحتلال؛ فاندلعت مواجهات مع الشبان.
وفي شمال القطاع، شارك آلاف الفلسطينيين في مسيرة دعت إليها حركة «الجهاد الإسلامي»، ورفع المشاركون شعارات تدعو إلى الانتفاضة في وجه الاحتلال؛ مطالبين المقاومة الفلسطينية بالرد على «المؤامرة» الجديدة بحق القدس.