قالت الكاتب علاء بيومي في مقال بصحيفة «ميدل إيست مونيتور» إنّ ترشح الفريق أحمد شفيق في الانتخابات الرئاسية أمر مفيد على المستويات كافة، سواء للقوى الثورية والمعارضة أو الشعب المصري بأكمله؛ فهو بمثابة فرصة هامة لإخراج مصر من المأزق السياسي الذي أدخلها فيه السيسي.
وأضاف، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ شفيق يمثّل أيضًا أملًا لثورة يناير والشعب المصري في الديمقراطية، خاصة وأنه مرشح استطاع أن يحوز تقريبًا على نصف الأصوات في أول انتخابات ديمقراطية وآخرها شهدتها مصر في عام 2012، مؤكدًا أنه يمثّل أيضًا تطوّرًا إيجابيًا حتى لو كان محدودًا.
وأثبتت السنوات الست الماضية صعوبة في التحوّل الديمقراطي السريع في مصر، وأثبتت التجربة أنّ الديمقراطية يُشترط لها عناصر ليست متوفرة حاليًا. وترشحه مقبول أيضًا لأنّ المؤسسة العسكرية، الحامية للنظام، تجد صعوبة في تقديم فروض الطاعة والولاء لأي مرشح من خارجها؛ وهو ما يفسر انقلابها على الرئيس محمد مرسي. ولأن شفيق كان يومًا رجلًا عسكريًا؛ فاحتمالية الالتفاف معه ليست بعيدة.
نتيجة ستة عقود عسكرية
وعلى مستوى القوى المعارضة، تعيش مصر حاليًا في ظروفٍ صعبة؛ بعد ستة عقود من الحكم العسكري والاضطهاد السياسي، كما تفتقر هذه القوى منابر الإعلام التي تعبر عن نفسها منها. ويعاني الشعب المصري من ضعف في قدرته على التمسك بالديمقراطية والصبر، وتحمل صعوبات التحول الديمقراطي، لأسباب عدة؛ أبرزها الفقر والافتقار إلى الوعي وخبرة السياسة الديمقراطية.
كما تواجه هذه القوى صعوبات كبرى وعقبات أمام صعودها في المستقبل القريب؛ لأنّ المنطقة تمر باضطرابات وحروب ضد القوى المعارضة، سواء الدينية أو الديمقراطية؛ خاصة بعد تخلي النظام الدولي بقيادة أميركا وروسيا عنها.
وبالإضافة إلى ذلك، فشلت الثورة المصرية وعاد النظام القديم أسوأ مما كان، في صورة أجهزته الأمنية، والبديل الأفضل حاليًا الفريق أحمد شفيق، الذي ينتمي أيضًا إلى المؤسسة العسكرية نفسها؛ لكنه عمل في مناصب مدنية، بما فيها توليه وزارة الطيران المدني. وأثناء توليه رئاسة الوزراء في آخر عهد حسني مبارك، شهدت البلاد انفتاحًا نسبيًا نوعًا ما.
الدولة العميقة
وكونه من أبناء المؤسسة العسكرية، فهذا يجعله أقل تهديدًا لها، وأكثر قدرة على كسبها إلى جانبه، إضافة إلى فرصته في المنافسة الحقيقية في الانتخابات المقبلة أمام السيسي. كما إنّه يحظى بتأييد فلول نظام مبارك (الدولة العميقة)، وكان مرشحها المفضل في أول انتخابات حرة ونزيهة في 2012 وآخرها أمام الدكتور محمد مرسي.
ويبدو أنّ الدولة العميقة لا تثق في السيسي، كما أنها لا تعرفه جيدًا، وهو جديد عليها، ويمثّل جيلًا جديدًا من القادة العسكريين، وأقلّ خبرة من الناحية السياسية وأقل ارتباطًا بمراكز السلطة التقليدية في نظام مبارك، كرجال الأعمال وكبار البيروقراطيين. إضافة إلى أنّ خبرة شفيق المدنية ورغبته في الفوز في الانتخابات من شأنهما أن يجعلاه أقرب مرشح للشعب وقوى المعارضة المختلفة، مقارنة بالسيسي، وقد يسعى إلى تقليص القيود المفروضة على المعارضة؛ أملًا في بدء حقبة جديدة وكسب التأييد، على الأقل في بداية ولايته الرئاسية.
أفكار مثالية
لكنّ قوى ثورية قد ترفض شفيق باعتباره من بقايا عهد مبارك، أو لأنه لا يعكس قيم الثورة والديمقراطية، وقد يرفضونه أيضًا لارتباطه بالرئيس المصري السابق محمد مرسي وجماعته. لكن، وفقًا للظروف الحالية؛ هذه الأفكار مثالية إلى حد بعيد، في الوقت الذي اندثرت فيه الحركات الثورية والمعارضة، وتتمحور الرغبة الكبرى لقوى المعارضة الآن في الإفراج عن أصدقائهم وأقاربهم من السجون، والسماح للمنفيين بالعودة إلى البلاد، وإيقاف القتل والتدمير وإخراج مصر من دائرة التحالفات الإقليمية والدولية المعيبة.
وزاد الحظر الذي فرضته الإمارات على سفره، وتعبيره عنه، من نجوميته؛ باعتباره قائدًا لسلاح الجو المصري، ومنعه بمثابة تعدّ عليها. إضافة إلى أنه يعتبر تدخلًا في شؤون مصر الداخلية، ولا ينبغي للمؤسسة الأمنية في مصر السماح بذلك.
باختصار، أحمد شفيق لا يمثّل ثورة يناير أو تطلعاتها المثالية، لكنه يمثّل تطلعات واقعية بعد ست سنوات صعبة؛ فهو يمثّل فرصة واقعية للتحرك تدريجيًا وببطء نحو عصر أكثر انفتاحًا على آفاق التغيير والحياة المدنية.