شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«فورين بوليسي»: سبع نقاط تنمي «تنظيم الدولة» في سيناء.. و«القوة الغاشمة» ستخصب أرضه

أسطول لتنظيم الدولة

نشرت صحيفة «فورين بوليسي» تقريرًا سلّطت فيه الضوء على أوجه القصور التي تسبّبت في اندلاع الحركات الجهادية بسيناء وزيادة نشاطها، ولخّصتها في سبعة أسباب تشترك فيها معظم الدول التي تعاني من اضطرابات، موضحة أن مصر استطاعت تحقيق نجاح صغير في صد تنظيم الدولة؛ لكنه ما زال قادرًا على تنفيذ هجمات شبه يومية هناك.

وأضافت، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ مجزرة مسجد الروضة نفذها على ما يبدو «تنظيم الدولة»، وهي بمثابة تذكير صارخ بأن الأخطار التي يشكّلها النشاط الجهادي في شمال سيناء بعيدة عن سيطرة الحكومة المصرية.

وكحال ما سبقها من حوادث، توعّد «السيسي» مرة أخرى بالانتقام بـ«القوة الغاشمة»، وتلقّى دعمًا كلاميًا من الرئيس الأميركي، الذي قال إنه «يجب هزيمة هذا الشر عسكريًا».

ترامب والسيسي – أرشيفيةولن تتمكن الاستراتيجية التي تحدّث عنها السيسي ودونالد ترامب من جلب السلام والهدوء إلى شمال سيناء، ولن تمنع مزيدًا من الهجمات في مناطق أخرى مصرية. وخلصت دراسة للكونجرس إلى أنّ الجهود العسكرية لن تنال من الجماعات الجهادية (مثل تنظيم الدولة في سيناء)، واستراتيجية السيسي لن تؤدي إلا لتفاقم الوضع في شمال سيناء، وستساهم في جعلها منطقة خصبة لهذا التنظيم وغيره من الجهاديين العالميين.

وتواجه مصر مشكلة طويلة الأمد مع الجهاديين والمعارضين في شمال سيناء، ويمكن وصف نهجها تجاه المنطقة بـ«القوة الغاشمة» منذ عام 2013 بعدما أعلن السيسي -وزير الدفاع آنذاك- حربه على الإرهاب، وفي السنوات الأربع التالية ادّعت الحكومة المصرية أنها قتلت قرابة 2500 «إرهابي» في شمال سيناء، وفقًا للأرقام التي أصدرها المعهد التابع للكونجرس.

وأظهرت التعدادات غير الرسمية أنّ الرقم أعلى من ذلك بكثير، وأتى الجيش المصري على قرى بأكملها وهدم بيوتًا وأحرق عششًا.

واستطاعت مصر تحقيق نجاحات في تعطيل تنظيم الدولة، الذي ما زال قادرًا على تنفيذ هجمات شبه يومية ضد الجنود في كمائن التفتيش، وتُقدّر أعدادهم هناك بين مئات و1500؛ وإذا كانت الأرقام الرسمية دقيقة فإنّ أعدادهم آخذة في الازدياد.

صورة لأفراد من تنظيم الدولة في سيناء حسبما نشرها الموقع الرسمي التابع له

وتؤكّد نقاط الضعف الأمنية في سيناء أنّ الحل العسكري وحده لن يظل فعالًا. وأجرت الصحيفة دراسة حدّدت فيها سبع نقاط أمنية ضعيفة مشتركة في البلدان التي تنشط فيها القاعدة وتنظيم الدولة: الصراع الداخلي، التاريخ الجهادي العنيف، انهيار جزئي للحكومة المركزية، بطلان شرعية الحكومة، الاضطراب الديموغرافي، ضغف القطاع الأمني، وجود دولة مجاورة تعاني من الأزمة نفسها.

والمناطق التي درستها عانت من هذه النقاط السبع، من بينها شمال سيناء.

لكنّ نقطة الضعف الوحيدة التي استطاعت الحكومة المصرية السيطرة عليها في شمال سيناء هي انهيار الدولة. وعلى الرغم من أنه كان جزئيًا في أعقاب ثورة يناير 2011، التي فتحت الباب أمام المعارضة في سيناء؛ احتفظت وزارة الداخلية بخيوط هناك، لكنها ألقت باللوم على طرفين: «جماعة الإخوان المسلمين ونظام مبارك»، واتهمتهما بالتسبب في الفوضى العارمة وهروب المساجين وغيره.

وارتبط انهيار قوات الأمن المحلية المصرية ببطلان شرعيتها وإساءة استخدام السلطة في سيناء، وفي جميع أنحاء مصر، وبينما وثّق الصحفي «مهند صبري» بشكل واضح في كتاباته عن المنطقة، سعى سكان سيناء إلى الانتقام من قوات الشرطة؛ بسبب الانتهاكات المتفشية التي تعرّضوا إليها على أيديهم في ظل مبارك. وفي يناير 2011، كان معظم المتظاهرين السلميين في القاهرة، أما مدينة الشيخ زويد لم يكن فيها احتجاج؛ بل معركة كاملة بالأسلحة الثقيلة.

وبعد سقوط مبارك، اعترف مسؤولون مصريون في محادثات خاصة بأنّ الشرطة انهزمت، بينما كان الجيش مصممًا على إقامة علاقات أكثر ودية مع الأهالي في سيناء، لكنه لم يكن على دراية بكيفية التعامل المباشر وبشكل مثمر مع المنطقة.

وأمضى الجيش المصري عقودًا من التدريب على أنماط القتال التقليدي، ولم يكن مستعدًا لمهمة تحقيق الأمن الداخلي، واعترف السيسي -على حد قوله- بعجز الجيش المصري. ومع الوعود بالتنمية وحماية السكان، ما زال التعامل بـ«القوة الغاشمة» معهم مستمرًا منذ أن بدأ الحكم في 2013.

جندي من الجيش المصري بجانب مواطن معصوب العينين تزعم أنه إرهابي نتيجة قوتها الغاشمة

لكنّ الدراسة المشار إليها وجدت أنّ عوامل الأمن والحكم، مثل تلك الموجودة في مصر، ليست سوى جزء من القصة؛ إذ تتأثر سيناء أيضًا بتاريخها الجهادي العنيف. وشهدت هذه المنطقة هجمات عنيفة على المواقع السياحية في جنوب سيناء من عام 2004 إلى 2006، واتبع الجهاديون هناك أبا مصعب الزرقاوي كما في العراق وأي مكان آخر ينشط فيه التابعون للقاعدة أو تنظيم الدولة المنشق عنها.

ويستفيد الجهاديون في سيناء أيضًا من حالة الاضطراب على حدود مصر؛ فمنذ الإطاحة بالقذافي يشتكي مسؤولون مصريون من أن القوى الأجنبية تركت ليبيا في حالة تفاقم؛ إذ تجمّعت الجماعات الجهادية وأصبحت المنطقة نشطة في التهريب، سواء للأسلحة أو المقاتلين، وتُشحن عبر مصر إلى غزة.

ويلقي مسؤولون مصريون باللوم على قطاع غزة المتاخم، الذي تحكمه حماس الموصوفة بالعنيفة، ولديهم حجة في ذلك؛ وهي أنه بالرغم من تعارض أيديولوجيا حماس مع الجماعات الجهادية المتشددة، فحاجتها للتهريب للوصول إلى أراضيها المعزولة أدى إلى تعاون عملي مع سيناء التابعة لتنظيم الدولة، وتفيد التقارير بأن حماس قدمت أسلحة متقدمة والتدريب العسكري، وحتى الملاذ الآمن والرعاية الطبية لقادة الجهاديين سيناء.

وبدأت مصر القضاء على الأنفاق التي تربط سيناء بغزة في فبراير 2013، وتصاعدت الجهود منذ حينها وأنشأت أيضًا منطقة عازلة على الحدود. وبالرغم من هذه التدابير والوعود بالتعاون من حماس، ما زال التهريب والتسلل عبر الحدود مستمرين، واتخذت مصر مؤخرًا موقفًا مختلفًا؛ بإشرافها على اتفاق المصالحة الذي سيعيد السلطة الفلسطينية إلى غزة، ويحدو الأمل في أن تؤدي إلى وضع قوات السلطة الفلسطينية على الحدود بين غزة ومصر كشريك أفضل لمكافحة التهريب من الجناح العسكري لحماس.

جانب من اتفاق المصالحة الفلسطينية

وعلى الرغم من أنّ الانقسامات الطائفية في مصر أقل أهمية مما هي عليه في أجزاء أخرى من الشرق الأوسط، فإن الاضطراب الديموجرافي يساهم أيضًا في اندلاع الحركات الجهادية، وأدت هجمات «تنظيم الدولة» ضد المسيحيين الأقباط في سيناء وأماكن أخرى في مصر إلى تفاقم التوترات الدينية التي طال أمدها.

وفي السياق الحالي، يُنظر إلى الأقلية القبطية على أنها متحدة خلف السيسي ومؤيدة له في الانقلاب العسكري الذي قام به في 2013، ومن المحتمل أن يكون هجوم الأسبوع الماضي على مسجد الروضة الصوفي تابعًا لذلك أيضًا؛ لكنّ الديناميات السياسية الأوسع تستمر في تزويد الجماعات الجهادية بمجندين جدد.

وعلى الرغم من أنه لا يمكن مقارنة ما يحدث في سيناء بالحروب الأهلية في سوريا أو اليمن، فلا تزال مصر تشهد صراعًا سياسيًا يدفع الجماعات الجهادية في سيناء لمزيد من التقدم؛ فالحكومة والإخوان المسلمون يرفضان إجراء مصالحات مع بعضهما بعضًا، وإطالة أمدها يزيد من حدة العنف في سيناء.

كما اكتشفت الولايات المتحدة في حربها ضد تنظيم القاعدة في العراق أنّ استراتيجية مكافحة التمرد تستغرق وقتًا طويلًا كي تؤتي ثمارها، ويمكن للمجموعات التي هزمت تقريبًا أن ترجع بطرق غير متوقعة؛ فقد نجحت في تفكيك تنظيم القاعدة هناك، لكنه عاد مرة أخرى.

في النهاية، قد تأتي الحملات على السكان هناك بنتيجة، وقد تأتي القوة الغاشمة بحل، وتستطيع الحكومة آنذاك إعلان انتصارها؛ لكنه سيكون مؤقتًا، ومن دون معالجة نقاط الضعف ستظلّ سيناء أرضًا خصبة لنمو الجماعات الجهادية.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023