جاء موقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من عبدالفتاح السيسي مخيبًا لآمال المنظمات الحقوقية الفرنسية، والتي انتفضت ضد الزيارة، وطالبت بمحاسبة نالسيسي على الانتهاكات الحقوقية التي تم رصدها في مصر تحت مظلة نظامه.
ففي الوقت الذي هاجم فيه الصحفيون السيسي بسبب أوضاع حقوق الإنسان في مصر، تصدر ماكرون للدفاع عنه، في محاولة لتبرير الأوضاع السيئة لحقوق الإنسان في مصر.
العديد من الأسباب أو المصالح الفرنسية دفعت الرئيس الفرنسي للدفاع عن السيسي، وهذة أبرز الأسباب
ليبيا والهجرة غير الشرعية
يعتبر الملف الليبي وملف الهجرة غير الشرعية، من أهم الملفات التي تهم الجانب الفرنسي، في ظل التنسيق مع مصر لوقف الهجرة غير الشرعية إلي أوربا، بخلاف النفوذ المصري في ليبيا، والذي يتقاطع مع المصالح الفرنسية في ليبيا.
وأعرب وزير الخارجية الفرنسى عن تقدير بلاده الكبير ودعمها لـ«الجهود المصرية» في مكافحة الهجرة غير الشرعية، مؤكدًا الحرص على تعزيز التعاون المشترك واستمرار التشاور والتنسيق حول سبل التصدى لهذة الظاهرة.
كما تطرق اللقاء أيضاً إلى الأزمة الليبية، حيث تم استعراض الجهود والاتصالات الجارية سعياً لحل الأزمة، مشددًا على أهمية تفادى تعدد مسارات ومرجعيات التسوية في ظل اتفاق الأطراف الليبية على مرجعية اتفاق الصخيرات كإطار للحل.
الاقتصاد
لم يكتفي النظام الفرنسي بالصفقات العسكرية فقط مع النظام المصري، والتي قدرت بمليارات الدولارات، ولكن الصفقات الاقتصادية أيضا كان لها نصيب من الزيارة، فحسب عبدالفتاح السيسي، وقعت مصر خلال الزيارة اتفاقيات بـ 400 مليون يورو في مختلف المجالات، معظمها في مجالات «الطاقة التقليدية والمتجددة والبنى التحتية والنقل وخاصة مترو الأنفاق».
وأكد السيسي التطلع للاستفادة من الخبرات الفرنسية للتعاون في عدد من المجالات ذات الاهتمام بالنسبة لمصر، خاصة الملابس الجاهزة والمنسوجات وكذلك قطاع تصنيع السيارات ومكوناتها، والصناعات الدوائية، والسكك الحديدية، فضلاً عن مجالات البحث والابتكار والتطوير.
صفقات عسكرية
تتجه مصر لشراء دفعة ثانية من الطائرات الحربية رفال، حيث تعتبر هذة الصفقة دعم قوي للاقتصاد الفرنسي، الذي لم يجد مشتري لهذه الطائرات غير السيسي، وقال برونو لو مير وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي، أن فرنسا ستبحث صفقة محتملة لبيع مزيد من طائرات رافال مع السيسي خلال زيارته باريس.
وقال لو مير، إذا كان بالإمكان التوصل لعقود جديدة فسيكون ذلك أفضل كثيرا، سيبحث رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون ذلك اليوم مع السيسي، إلا أنه أضاف أن وزارته تحجم عن الصفقة جراء شروط الدفع التي طلبتها مصر.
وأضاف من الطبيعي أن تريد وزارة المالية الفرنسية التأكد من أن مصر ستكون قادرة على دفع ثمن طائراتها.
وقال لو مير «فيما يتعلق بحقوق الإنسان بالطبع سنبحث الأمر. دون شك سيثير رئيس الجمهورية قضية حقوق الإنسان عندما يتناول الغداء مع نظيره المصري».
وكشف عبدالفتاح السيسي، أن البحرية المصرية باتت ثاني أكبر مستخدم للقطع العسكرية التي تنتجها شركة «نافال» بعد البحرية الفرنسية، وذلك عقب التعاقد على عدد من القطع البحرية من انتاج الشركة.
هجوم على ماكرون
وأمام المصالح الاقتصادية والسياسية، تراجع الرئيس الفرنسي عن الحديث عن الملف الحقوقي، وفي رده على منظمات حقوق الإنسان والنقد الذي تعرض له، قال ماكرون «إنني أؤمن بسيادة الدولة، وكما أنني لا أقبل بمن يلقى لي محاضرة حول كيفية إدارة البلاد، لا أريد أن أحاضر الآخرين»، مضيفًا أقتنع اقتناعا تاما بأن تعزيز الدولة المصرية لحقوق الإنسان والدفاع عنها يصب في مصلحة السيسي.
ورصدت عدة مواقع أجنبية غضب منظمات حقوق الإنسان من الرئيس الفرنسي ماكرون، والحكومة الفرنسية بعد اللقاء الذي جمعه مع الرئيس السيسي في باريس، حيث اتهمت المنظمات الحقوقية فرنسا بالتخلي عن مبادئها مقابل المصالح الاقتصادية والعسكرية.
وذكر موقع «بلومبرج» الأمريكي، أن جمعيات حقوق الإنسان اتهمت الحكومة الفرنسية، ثاني أكبر مورد للأسلحة لمصر بعد أمريكا ، بالخوف من نقد ما يشاع من أن الحكومة المصرية تقمع كل أشكال المعارضة ، حيث لا يقتصر الأمر على محاربة الجماعات المتطرفة.
واستشهد الموقع برأي مسئول الحملات المصرية بمنظمة العفو الدولية ، الذي قال «إن مصر تواجه أسوأ أزمات حقوق الإنسان في تاريخها الحديث، مضيفًا أن صمت الحكومات الأجنبية بمثابة رسالة قوة للحكومة المصرية، مفادها أنهم يستطيعون استكمال طريقهم».
وقال موقع «إيبجين ستريتس» في نسخته الإنجليزية، إن منظمة «هيومن رايتس واتش» طلبت من ماكرون وقف «سياسيات التساهل المخزية» من قبل فرنسا تجاه مصر، مضيفة لأن تضمن الحكومة الفرنسية أن حقوق الإنسان هي أساس علاقتها مع مصر.
بينما ذكر موقع رويترز الأمريكي أن جمعيات حقوق الإنسان اتهمت فرنسا بالتخلي عن مبادئها مقابل المصالح الاقتصادية والأمنية، وهم ينتقدون على وجه الخصوص العلاقة التي تجمع السيسي ووزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لو دريان، الذي وطد علاقته الشخصية مع السيسي أثناء توليه منصبه كوزير دفاع.