«أنا معرفش حاجة ببلاش، هتدفع يعني هتدفع» .. تلك أبرز عبارات عبدالفتاح السيسي، منذ سيطرته على الدولة بعد أحداث الثالث من يوليو، والذي كشف بها عن سياسته وتفكيره لحكم مصر، ومن ثم كانت عنوان لقرارات رفع الأسعار وفرض الضرائب، التي تأتي تباعا بأشكال مختلفة على الشعب منذ 2014 وحتى الآن.
ولا يزال السيسي يصر على سياسة رفع الأسعار رغم ثبات الأجور، الأمر الذي رأه خبراء أن ذلك الإصرار يأتي بسبب عدم وجود برلمان رادع أو قوى شعبية تعارضه.
وخلال السنوات الأربع التي تلت الإطاحة بمرسي، تراجع الاقتصاد المصري على نحو مقلق بنظر كثيرين، وأصبحت مصر تعيش حالة اقتراض غير مسبوقة، فضلاً عن تردي أوضاع السياحة والاستثمار جراء التدهور الأمني والقوانين التي دفعت كثيرًا من المستثمرين للتخوف من البقاء في مصر.
وتزامنت الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود، والتي ترتبت عليها زيادات كبيرة في أسعار كافة السلع تقريبًا، مع الذكرى الرابعة لتظاهرات الـ30 من يونيو 2013م، التي كانت سبباً في إطاحة الجيش بالدكتور محمد مرسي في الـ3 من يوليو 2013.
وكان عبد الفتاح السيسي أعلن عن نيته برفع الأسعار وإلغاء الدعم، حينما كان وزيرًا للدفاع قبل الإطاحة بنظام الإخوان بعدة أشهر، خلال كلمة له قال فيها بشكل مباشر: «أنا معرفش حاجة اسمها ببلاش، ولازم يا مصريين تتعودوا تأخد خدمة تدفع تمنها».
يذكر أن باسم عودة وزير التموين بحكومة هشام قنديل، قد قال إن السيسي ذكر خلال اجتماع وزاري – بعد 3 أسابيع من تولي الأول الحقيبة الوزارية – إن«الشعب أدلع كثير ولازم يتفطم».
وفي كلمة له خاطب عبدالفتاح السيسي، القادرين، خلال تدشين مشروع محور قناة السويس، بقوله: «هتدفعوا يعني هتدفعوا، بقول أهو هتدفع يعني هتدفع، خلي بالك يعني إيه صندوق (صندوق تحيا مصر) أنا أشرف عليه؟».
وأضاف السيسي: «عارفين يعني إيه أنا أقول إن الصندوق ده أنا أُشرف عليه، يعني لو خدت جنيه مني يبقى ليك الكلام، لو متعرفونيش اسألوا الجيش، أنا كنت بعمل إيه وقت ما كنت موجود في الخدمة، واسألوا المقاولين كنت بعمل إيه؟ محدش مكنش بياخد حقه، بس أنا بأخد حقي وزيادة حبه، حبه لجيبي لا، حبه لمصر أخد».
ومن خلال القرارات الأخيرة، زاد سعر بنزين 92 بنسبة 43 في المئة، من 3 جنيهات ونصف إلى 5 جنيهات. في حين زاد سعر بنزين 80 بنسبة 55 في المئة، ليصبح سعر اللتر الواحد 3 جنيهات و65 قرشاً بدلاً من 2 جنيه و35 قرشاً، وبالنسبة نفسها ارتفع سعر السولار ليبلغ 3 جنيهات و65 قرشاً للتر بدلاً من 2 جنيه و35 قرشاً.
وبنسبة 25 في المئة، ارتفع سعر غاز السيارات ليصل إلى جنيهين بدلاً من 160 قرشاً، في حين ارتفع سعر أسطوانة غاز الطهي (البوتاجاز) بنسبة 100 في المئة، فارتفع سعرها من 15 جنيهاً إلى 30 جنيهاً.
الزيادة الجديدة لم تكن الأولى لأسعار الوقود خلال حكم السيسي؛ فقد شهدت أسعاره ارتفاعاً خلال عام 2014؛ أي بعد توليه سدة الحكم بشهر، للضِعف، بدعوى أن «منظومة الدعم تلتهم 20 في المئة من الموازنة العامة للدولة”، كما تقول الحكومة.
وكانت المرحلة الثانية لخفض الدعم عن الوقود في 3 نوفمبر 2016 بعد ساعات من تحرير سعر الصرف؛ فوصلت نسبة رفعه ما يقرب من 50 في المئة، وذلك قبل أن تتم المرحلة الثالثة من رفع الدعم في 29 يونيو الماضي؛ إذ ارتفعت أسعار المواد البترولية من 40 في المئة إلى 50 في المئة.
القرارات الأخيرة لاقت رفضاً شعبياً واضحاً؛ ففضلاً عن حالة السخط التي باتت جلية على وجوه المصريين وفي أحاديثهم، نظم المئات من المواطنين وقفة على كوبري 6 أكتوبر، بالقاهرة، الخميس 29 يونيو 2017، بعدما أوقفوا سياراتهم، حملوا خلالها لافتات ورددوا عبارات رافضة لرفع سعر الوقود.
وبالتزامن مع رفع سعر الوقود، شهدت الأسعار ارتفاعاً جنونياً بالسوق المصرية وشهد سعر الدولار ارتفاعاً ملحوظاً ليتخطى 18 جنيهاً.
غياب المعارضة والبرلمان
وعن عدم اكتفاء عبدالفتاح السيسي، بقرارات الأسعار، يقول الخبير الاقتصادي هاني توفيق في تصريح خاص لـ«رصد»:«السيسي يسبح وحيدا في الحكم، ولا يجد حتى ناصح لإرشاده على الطريقة السليمة للاصلاح الاقتصادي، خاصة وأن الأرقام الرسمية تكشف تضخم وعجز موازنة وزيادة ديون».
وأضاف توفيق: «غياب البرلمان والحكومة الراشدة والقوة السياسية المعارضة، دفعت السيسي للاستمرار في تجارب قرارات زيادة الأسعار، التي باتت أمر روتيني للدولة المصرية».
وأشار توفيق إلى أن «راتب المواطن انخفض وبلغ 30 في المئة من قيمته الحقيقة، فضلاً عن ارتفاع الأسعار بشكل كبير؛ لذلك شعر المواطنون بأزمة كبيرة، كما أن الأموال المدخرة لدى المواطنين تساوي ثلث قيمتها فقط». وتابع: «القدرة الشرائية للمواطن براتبه الثابت انخفضت بشكل كبير بالتزامن مع ارتفاع الأسعار».
