في الوقت الذي يستعدّ فيه البرلمان لتمرير قانوني حرية تداول المعلومات والجريمة الإلكترونية، تسارع قيادات نظام عبدالفتاح السيسي إلى تطبيق إجراءات التجسس على المواطنين عبر حساباتهم الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي.
وأصدر اللواء أحمد ضيف صقر، محافظ الغربية، توجيهاته إلى رؤساء المدن والأحياء ووكلاء الوزارات المختلفة بتكليف موظف مديرية من مديريات الخدمات ومجالس المدن والأحياء بمتابعة مواقع التواصل الاجتماعي وما يُطرح عليها من موضوعات ومشكلات تخصّ كل مديرية، والعمل على الرد عليها ومتابعتها، بالإضافة إلى إفادة المحافظ بما تمّ في هذه الموضوعات والمشكلات.
وأرسلت إدارة الإعلام بالمحافظة خطابًا إلى جميع وكلاء الوزارات ورؤساء مجالس المدن والأحياء لترشيح عامل لديها يكون مسؤولًا عن متابعة مواقع التواصل الاجتماعي وإخطار الإدارة بالموضوعات المثارة عليها، مع إرسال ما تم في كل موضوع إلى الإدارة كل 48 ساعة؛ لعرضها على المحافظ.
موظف بدرجة «مخبر»
وفي هذا الصدد، استنكر الناشط الحقوقي نجاد البرعي قرار محافظ الغربية، قائلًا في تصريح لـ«رصد» إنّ «هناك إصرارًا على توظيف العاملين في الدولة ليكونوا مخبرين مدنيين لصالح السلطة، وهذا الأمر ينطبق على قرار منح الضبطية القضائية لموظفين مدنيين».
وأكد نجاد أنّ «مثل هذا القرار سيضرب المجتمع المصري؛ إذ يهيئ الشعب لأن يكون أمنيًا ويعمل على حماية السلطة وملاحقة معارضيها، بدلًا من اتخاذ قرارات من شأنها تنمية الجهاز الإداري».
ومن المرتقب أنّ يمرر مجلس النواب قانونين يعاقب عبرهما نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي والصحفيين، وهما قانون حرية تداول المعلومات وقانون الجريمة الإلكترونية، وكلاهما يستكملان هدف الدولة من منع تداول المعلومات أو انتقاد الدولة.
وفي 2014، أصدر اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية حينها، قرارًا بإجراء ممارسة محدودة رقم 22 لسنة 2013-2014 باسم «مشروع رصد المخاطر الأمنية لشبكات التواصل الاجتماعي، منظومة قياس الرأي العام» يتعلق بتوريد أجهزة لمراقبة مواقع التواصل الاجتماعي.
وحينها أقامت منظمات حقوقية، كـ«مؤسسة حرية الفكر والتعبير»، ومواطنون مهتمون في 17 يونيو 2014 دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري للمطالبة بوقف تنفيذ قرار وزارة الداخلية وإلغائه.
لكن هيئة مفوضي الدولة رفضت الدعوى، مؤكدة أن ما فعلته موافق لأحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات رقم 89 لسنة 1998.
رصد ومراقبة
وفي مارس 2017، قضت الدائرة الثامنة بمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة برفض دعوى وقف مشروع رصد المخاطر الأمنية لشبكات التواصل الاجتماعي؛ «لرفعها من غير ذي صفة»، وأوصت بتأييد قرار وزير الداخلية بشراء أجهزة المراقبة.
وبذلك؛ أصبح من حق الشرطة، بحكم قضائي، مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي، التي تراقبها بالفعل دون انتظار حكم القضاء.
وذكرت كراسة شروط الداخلية لشراء البرنامج أنّ «هدف المشروع استخدام أحدث إصدارات برامج نظام رصد المخاطر الأمنية لشبكات التواصل الاجتماعي، والتعرف على الأشخاص الذين يمثلون خطرًا على المجتمع وتحليل الآراء المختلفة التي من شأنها التطوير الدائم للمنظومة الأمنية بالوزارة».
استهداف مواقع التواصل
ومؤخرًا، انتهت حكومة شريف إسماعيل من الشكل النهائي لقانون حرية تداول المعلومات، المقرر أن تقدمه إلى مجلس النواب الأيام القادمة؛ بادّعاء «مكافحة الجريمة الإلكترونية»، واعتبره نشطاء حقوقيون أداة جديدة في يد الانقلاب العسكري للتنصت على الشعب.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور نضال السعيد، رئيس لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، إنّ اللجنة تضع ثلاثة تشريعات على رأس أولوياتها في دور الانعقاد الثالث؛ وهي قانون الجريمة الإلكترونية، وحرية تداول المعلومات، واستكمال ميكنة الهيئات الحكومية والوزارات.
وأضاف، في تصريحات صحفية له الأسبوع الماضي، أنّ مسوّدة قانون الجريمة الإلكترونية كانت في شكل عقوبات فقط، لافتًا إلى ضرورة رفع وعي المواطنين وشرح أساسيات استخدام الكمبيوتر؛ لأنّ الجريمة الإلكترونية لا تقتصر على مواقع التواصل الاجتماعي، بل تضمّ سرقات الأبحاث والمقالات والكروت الائتمانية.