أثار إقدام شاب من «البدون» (المقيمين بصورة غير قانونية) في الكويت على إشعال النار في جسده قبل أيام، ردود فعل غاضبة، أعادت إلى الواجهة قضية «البدون» الذين يشتكون من «التهميش» داخل المجتمع الكويتي.
فالخميس الماضي، أقدم شاب من «البدون» على إشعال النار بنفسه أمام مخفر شرطة النعيم في محافظة الجهراء (شمال غرب البلاد).
وذكر مصدر مقرب من الشاب، أن الأخير «أشعل النار بنفسه؛ بسبب صعوبة الحياة، لاسيما أنه في العشرينيات من عمره، ويعاني من البطالة، وظروف صعبة».
و«البدون» فئة تعيش في الكويت، ولا تحمل جنسية البلد، ويبلغ عددهم قرابة الـ96 ألف شخص، حسب بيانات رسمية.
ويطالب «البدون» بمنحهم الجنسية الكويتية، فيما تقول الحكومة إن غالبيتهم يحملون جنسيات عراقية أو سعودية أو سورية، لكنهم أخفوها.
الشاب الذي أقدم على إضرام النار بنفسه، ما زال على قيد الحياة، لكن بحالة حرجة؛ إذ إن نسبة الحروق بجسده بلغت 70 بالمائة، أغلبها من الدرجة الثالثة، حسب الناطق باسم وزارة الصحة الكويتية، أحمد الشطي.
أثار ضجة
قضية الشاب أحدثت ضجة دعت على إثرها لجنة حقوق الإنسان البرلمانية في 24 سبتمبر الجاري، رئيس الوزراء الكويتي جابر المبارك الحمد الصباح، إلى اجتماع (لم يحدد موعده) لـ«تقديم إجابات واضحة وشفافة حول رؤية الحكومة وتصورها لحل قضية البدون».
واستنكر مقرر اللجنة في مجلس الأمة (البرلمان)، عبد الكريم الكندري، في تصريح صحفي لوسائل إعلام محلية، «تأخر الحكومة في معالجة القضية، لاسيما أنها تعكف على دراستها وبحثها منذ سنوات طويلة، وتمتلك جميع البيانات الكافية عنها».
وتساءل الكندري مستنكرا: «هل سنستمر دائما بترجي الحكومة كي تمنحهم (البدون) مستندات وتسمح لهم بالعلاج والدراسة؟».
قضية الشاب ذاته، استدعت اجتماع رئيس مكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الكويت، حنان حمدان، مع صالح الفضالة، رئيس جهاز معالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية في الكويت.
وأعلن «الفضالة» في تصريح عقب الاجتماع، أن اللقاء تضمن عرض التسهيلات والمزايا المقدمة للمقيمين بصورة غير قانونية «والتي تمثل انعكاسًا لما جُبل عليه المجتمع الكويتي من تقديم المساعدات والخدمات الإنسانية للمحتاجين من شعوب العالم».
وأكد أيضًا أن «الكويت تضمن لجميع أفراد هذه الفئة (البدون) حقوق التعليم والعلاج بالمجان (..) والتجنيس حق سيادي للدولة».
وأوضح «الفضالة» أن «آلية التوظيف التي أطلقها الجهاز فتحت أبواب القطاع الحكومي أمام توظيف غير محدَّدي الجنسية، وفقًا لاحتياجات الإدارات الحكومية».
ولفت إلى أن «مجال التوظيف في القطاع الخاص مفتوح دون قيود».
احتجاج ورفض
لكن مجموعة مؤلفة من 53 ناشطا كويتيا، أصدرت بيانا بشأن إقدام الشاب على إحراق نفسه، طالبت فيه بـ«وضع حد للممارسات المهينة والمذلة» التي يمارسها جهاز معالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية في الكويت «بصورة غير مشروعة تجاه أبناء هذه الفئة المستضعفة (البدون)».
ورأت المجموعة في بيان أن «الحادثة تعبّر عن المأساة الإنسانية في مجتمعنا، المتمثلة في قضية حرمان البدون من حقوقهم الإنسانية والمدنية، والتي مضى عليها عشرات السنوات».
وطالبت بـ«بدء الإجراءات لإقالة رئيس الجهاز (الفضالة) الذي تقوم بهذه الممارسات غير الإنسانية تحت سمعه وبصره».
من جهته، قال شاب من البدون، طالبا عدم ذكر اسمه، إن «فئة البدون ما زالوا يعانون من الاستغلال في العمل، وهنا المعضلة (..) من سينصفنا؟!».
ولفت الشاب إلى أن «الجهاز المركزي واللجان التي سبقته لم يضعوا حلا لأوضاعنا».
وأوضح أن «الشاب الذي أحرق نفسه، يعول أسرته، وقد تراكمت عليه الديون ومتاعب الحياة، وكان يعمل حارس أمن في شركة خاصة، ويشهد له الجيران والأصدقاء بحسن الخلق».
واستدرك قائلا:«لكنه لم يعد يتحمّل الحياة بسبب التضييق من الجهاز المركزي وعدم قدرته على تغطية أساسيات حياته وأهله».
من جانب آخر، قال رئيس اللجنة البرلمانية لدراسة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية، النائب ناصر الدوسري، في تصريح صحفي، إن «اللجنة ستجتمع الخميس المقبل، 28 سبتمبر الجاري، لمناقشة ملف قبول الطلاب البدون».
ولا يحق للطلاب «البدون» الدراسة بالمدارس الحكومية في الكويت، باستثناء أبناء العسكريين في الجيش الكويتي، إلا أن عددا منهم يدرسون في المدارس الخاصة على نفقة وزارة التربية الكويتية.
ويشترط لتسجيل «البدون» أبناءهم في مدارس خاصة، أن تكون لديهم بطاقة خدمات صادرة عن الجهاز المركزي المعني بشؤونهم.
ويتكفل الصندوق الخيري بتعليم 15 ألف طالب من «البدون».
يشار إلى أن هناك جزءا من فئة «البدون» عسكريون بالجيش الكويتي، ومنذ نحو شهرين أعلن الجيش الكويتي قبول طلبات أبناء وأحفاد المنتسبين للجيش من «البدون»، وأبناء الكويتيات، وهي المرة الأولى التي يسمح لهم فيها بالتقدم للالتحاق بالجيش منذ أكثر من 20 عاما.
المصدر: الأناضول