رحبت الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها فتح بقرار حماس حل اللجنة الإدارية بقطاع غزة، وتسليمها لحكومة الوفاق الوطنية، ليمثل ذلك خطوة هامة في إطار المصالحة الفلسطينية، بعد الانقسام التي بدأ في 2007 بتولي حركة المقاومة زمام الامور في قطاع غزة، وسيطرة حركة فتح على الضفة الغربية.
وكانت الحركة أعلنت صباح اليوم الأحد، حل اللجنة الإدارية بقطاع غزة، وقالت إنها تأتي «استجابة للجهود المصرية الكريمة، بقيادة جهاز المخابرات العامة المصرية والتي جاءت تعبيراً عن الحرص المصري على تحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام، وحرصاً على تحقيق أمل شعبنا الفلسطيني، بتحقيق الوحدة الوطنية».
ودعت حماس في بيان لها، حكومة الوفاق للقدوم إلى قطاع غزة؛ لممارسة مهامها والقيام بواجباتها فوراً، بالإضافة إلى الموافقة على إجراء الانتخابات العامة.
وأبدت الحركة «استعدادها لتلبية الدعوة المصرية للحوار مع حركة فتح، حول آليات تنفيذ اتفاق القاهرة 2011 وملحقاتها، وتشكيل حكومة وحدة وطنية في إطار حوار تشارك فيه الفصائل الفلسطينية الموقعة على اتفاق 2011م كافة».
هل تنجح القاهرة؟
ونقلت صحيفة «القدس» الفلسطينية عن مصادر مطلعة أن القيادة المصرية تتجه نحو وضع خطة بشأن الوضع الفلسطيني، تتضمن ممارسة ضغوط على حركتي فتح وحماس لإنجاح ملف المصالحة، والتوافق على تشكيل حكومة واحدة، وإجراء انتخابات فلسطينية شاملة.
وأشارت الصحيفة إلى أن ذلك يأتي تزامنا مع طرح ملفات أخرى تتعلق بالعلاقة مع الاحتلال الإسرائيلي، سواء بشأن الوضع في غزة، أو إزاء احتمالات التوصل إلى تسوية سياسية بالمنطقة.
إلى ذلك شدد المحلل السياسى الدكتور مصطفى الصواف ـ بتصريحات صحفية ـ على أن محمود عباس يحتاج إلى مصر ولن يرد لها طلبًا حال التوصل لتفاهمات لإنهاء الانقسام مع الاتجاهات الفلسطينية الأخرى، لافتا إلى أن القاهرة تلعب دورًا هائل وجيدًا بين فتح وحماس على السواء لاستعادة وحدة الصف الفلسطيني.
من جهته أشاد المستشار طه الخطيب، المحلل السياسي الفلسطيني، بالدور الرئيسي الذى تلعبه مصر لحلحلة الأمور ووضع حد للانقسام بين حركتي فتح وحماس، متوقعًا أن تصل الجهود المصرية إلى انفراجة عبر تقريب وجهات النظر بين الأطراف الفلسطينية.
وأكد الخطيب، في تصريحات لـ«مصراوي»، أن من مصلحة مصر الوصولَ إلى تسوية سياسية وترتيب البيت الفلسطيني، لاسيما وأن ذلك سيساعد في تكوين جبهة موحدة للتفاوض مع الاحتلال الإسرائيلي حول حل الدولتين وقضايا اللاجئين.
وأشار المحلل السياسي إلى أن القاهرة تسعى لتفعيل اتفاق المصالحة، الذي تم توقيعه عام 2011، ويقضي بتشكيل حكومة انتقالية تضم شخصيات مستقلة تمهيدا لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة خلال عام.
ردود أفعال الفصائل
وتوالت ردود الأفعال خلال الساعات الماضية، على قرار حماس، والذي أيدته معظم الفصائل الفلسطينية داعية إلى تراجع حركة فتح عن إجراءتها العقابية ضد قطاع غزة.
وقال الناطق باسم حركة المقاومة الإسلامية حماس فوزي برهوم، في تصريح صحفي إن إعلان الحركة حل اللجنة الإدارية يضع حركة فتح في اختبار حقيقي أمام الجهد المصري وشعبنا الفلسطيني لتحقيق الوحدة الوطنية.
وأشاد بالنموذج الذي قدمته حركته بـ «وطنيا راقيا»، وقال إن الحركة «استجابت لكل مستلزمات ومتطلبات نجاحه لما فيه من تعزيز للوحدة ونهوض بالمشروع الوطني وتمتين للنسيج الاجتماعي».
وأشاد برهوم بالجهود المصرية الكبيرة المبذولة من أجل تحقيق وحدة شعبنا وإنهاء الانقسام، والذي تعاطت معه الحركة بشكل مسؤول وبروح وطنية عالية.
خطوات ملموسة
ومن جهته، أعلن عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، عزام الأحمد، عن «اجتماعا ثنائيا سيعقد بين حركتي فتح وحماس، يعقبه اجتماع لكافة الفصائل الفلسطينية الموقعة على اتفاق المصالحة الذي تم بتاريخ الخامس من مايو عام 2011، للبدء في الخطوات العملية لتنفيذه بكافة بنوده».
وقال الأحمد، إن «هذه الخطوة تعزز من وحدة الصف الفلسطيني وتنهي الانقسام البغيض الذي دفع شعبنا ثمنا غاليا نتيجة له».
وأوضح، أن «الأيام القادمة ستشهد خطوات عملية ملموسة تبدأ باستئناف حكومة الوفاق الوطني عملها وفق القانون في غزة كما هو في الضفة، من أجل استكمال الجهود للتخفيف من معاناة أهلنا في القطاع والعمل على رفع الحصار الظالم المفروض عليهم».
ورحبت حركة الجهاد الإسلامي، بقرار حركة حماس، ودعا القيادي في الحركة أحمد المدلل في تصريح لـ «شهاب»، حركة فتح ورئيس السلطة للتراجع عن الإجراءات ضد القطاع واتخاذ خطوات مقابلة لإعادة اللحمة والبناء على قرار حركة حماس.
كما شدد على الدور الإيجابي للقاهرة، ودعاها لاستكمال خطواتها نحو تطبيق التفاهمات وتحقيق الوحدة.
واعتبرت لجان المقاومة في فلسطين خطوة حركة حماس مهمة ومتقدمة باتجاه إنهاء الانقسام وإنجاز المصالحة، لافتة غلى « أنه من الضروري أن يجري مقابلة ذلك بصدور قرار عاجل وفوري يتم بمقتضاه رفع الإجراءات العقابية كافة ضد أهالي قطاع غزة فورًا والتي شكلت مساسًا واضحًا بحياة المواطنين اليومية».
وقال الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، إن إعلان حركة حماس حل اللجنة الإدارية، يجب أن يتبعه إعلان السلطة الفلسطينية وقف كافة الإجراءات التي اتخذتها ضد قطاع غزة مؤخرًا.
وشدد البرغوثي على أن إعلان الحركة حل اللجنة الإدارية خطوة مهمة تفتح الأبواب لحوار وطني شامل وجاد.
اتفاقات القاهرة
وينص اتفاق القاهرة عام 2011، والذي أشار إليه إعلان الحركة اليوم، والذي كانت توصلت إليه حماس وفتح وبقية الفصائل الفلسطينية برعاية مصرية على تشكيل حكومة وحدة وطنية وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية وانتخابات للمجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية، إضافة إلى إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية.
وكان وفد من حماس برئاسة رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، الذي وصل يوم السبت الماضي، إلى القاهرة، قد أجرى مباحثات مع رئيس الاستخبارات العامة خالد فوزي، أكدوا خلالها استعداد الحركة لحل اللجنة الإدارية وإجراء حوار مع «فتح» فورا لإبرام اتفاق مصالحة.
وأجري خلال المباحثات وضع آلية مع مصر لاستمرار التواصل والمتابعة في حل القضايا الانسانية والتسهيلات، بحسب ما أعلنه المتحدث باسم الحركة، عبد اللطيف القانوع.
كما استقبلت القاهرة، أول أمس وفد من حركة فتح إلى القاهرة لبحث سبل إتمام المصالحة الوطنية الفلسطينية.