بدأت وسائل الإعلام المصري تنشيط قضية المفاعل النووي الروسي، المفترض إنشاؤه في منطقة الضبعة في مرسى مطروح، بعدما أعلن عبدالفتاح السيسي عن تنفيذ عقد شراكة مع روسيا لإنشائه للأغراض السلمية؛ بينما رجّح نشطاء أن يلقى مصير محطة «باتان» الفلبينية.
ولا تزال محطة «باتان» الفلبينية مهجورة دون تشغيل، وأصبحت معداتها -التي كانت آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا في الثمانينيات- عتيقة وعفا عليها الدهر؛ بسبب التقدم التكنولوجي الكبير في مجالها، وتبقى أروقتها وأماكن العمل التي بنيت لتسع 400 موظف على الأقل في حالة من الهدوء الذي لا يعكره سوى أزيز أضواء الطوارئ التي يوقعها من آنٍ لآخر خطوات حارس يسير في القاعات ليتأكد أنه لا يوجد ما يعكّر السكون في المكان الشبيه بالضريح.
وفي عام 1973، أعلن الديكتاتور فرديناند ماركوس اعتزام الفلبين دخول عصر الطاقة النووية بمفاعلَي طاقة كل منهما 600 ميجاوات، وبدأت المفاوضات بالفعل مع شركة جنرال إلكتريك التي قدمت عرضًا مصحوبًا بالمواصفات بقيمة 700 مليون دولار، وأوشكت على توقيع العقد؛ لكنّ شركة وستنجهاوس استطاعت أن تصل إلى الديكتاتور شخصيًا عبر وسيط، فقبل عرضها الذي بلغ 500 مليون دولار، دون أن تقدم أيّ مواصفات مع العرض.
وبحلول مارس 1975، رفعت وستنجهاوس التكلفة إلى 1.2 مليار دولار دون تقديم أي تفسير، واستقرت شركة الطاقة الوطنية الفلبينية (نابوكور) على بناء مفاعل واحد بقيمة 1.1 مليار دولار، واتضح بعد ذلك أن وستنجهاوس باعت التكنولوجيا نفسها لدول أخرى مقابل جزء صغير من المبلغ الذي تحملته للفلبين، وبلغت التكلفة النهائية للمشروع 2.3 مليار دولار.
العقد جاهز
وقال عبدالفتاح السيسي إنّ مصر استكملت الشق القانوني لاتفاق بناء محطة الضبعة النووية، وستكون وثيقة العقد بشأنها مع الجانب الروسي جاهزة في أقرب وقت.
وفي جلسة المباحثات التي جمعته بنظيره الروسي فلاديمير بوتين على هامش قمة الـ«بريكس» في الصين أمس، أضاف أنّ التعاون بين القاهرة وموسكو بلغ مستويات متميزة، ودعا الرئيس الروسي إلى حضور حفل توقيع العقد في القاهرة.
سياحة نووية
في عام 2011 أعلنت الفلبين، التي ظلت تدفع ما يزيد على 150 ألف دولار يوميًا على مدى سنوات ولم تخرج بأي كهرباء من المحطة، عن تحويل مقر المحطة إلى موقع سياحي، وبدأت الترويج له بالدعوة إلى زيارة «المنتجع النووي»، وأوردت وسائل الإعلام نقلًا عن مسؤول سياحي قوله: «إنها لن تكون زيارة نووية خالصة؛ بل إن المحطة ستكون جزءًا من جولة في المواقع التاريخية والمنتجعات الساحلية».
أما صور الفساد في بناء المحطة، التي لم يكن أبشعها محاولة شراء أبرز مسؤول نووي فلبيني بدعوات لتناول العشاء في فنادق فخمة وتقديم الفتيات له، فقد فصّلتها مجلة «فورشن» في تحقيق استقصائي نشرته في عام 1986.
فنكوش
رغبت شركة «وستنجهاوس» في الانتهاء من مشروعها الفلبيني بسرعة؛ حتى إنها بدأت العمل قبل استكمال دراسة الموقع، وقبل إصدار تراخيص البناء؛ لأنها شعرت أن وضع ماركوس ربما يكون مؤقتًا.
أيضًا، فعلت روسيا ذلك في حالة المشروع المصري؛ إذ احتاطت بشروط بالغة الصعوبة وباهظة الكلفة في عقد مشروع الضبعة؛ لأن الأوضاع تبدو لها في مصر مضطربة وهي تريد أن تضمن حقها، وإذا تشابهت الظروف والمقدمات فلا شك أن تتشابه النتائج، وقد تصبح الضبعة بعد عقود ثاني منتجع نووي في العالم بعد باتان.