تشهد العلاقة بين نظامي الديكتاتوريين عبدالفتاح السيسي وبشار الأسد انتعاشة في العلاقات والقوى الناعمة؛ فبعيدًا عن الدعمين الدبلوماسي والعسكري اللذين تقدمهما مصر إلى سوريا منذ أحداث الثالث من يوليو 2013، ازداد في الآونة الأخيرة التقارب الرياضي والثقافي والفني.
آخر هذه الانتعاشة تمثّل في معاملة لاعبي كرة القدم السوريين كالمصريين، وليسوا كالأجانب المحترفين، وزيارة وفد فني وثقافي إلى سوريا، إضافة إلى حملة يشترك فيها 104 شخصيات عامة للمطالبة بإعادة التمثيل بين البلدين.
لاعبون سوريون
أعلن الاتحاد المصري لكرة القدم اعتبار اللاعبين السوريين محليين ويعاملون معاملة اللاعبين المصريين وليسوا كمحترفين أجانب، اعتبارًا من الموسم الكروي الجديد 2017-2018.
وزاد الاتحاد عدد اللاعبين الأجانب إلى أربعة بدلًا من ثلاثة في كل فريق بأندية الدوري الممتاز، وإلى اثنين بدلًا من واحد في دوري القسم الثاني، مع إمكانية ضم لاعبين اثنين سوريين ومعاملتهما معاملة اللاعب المصري.
وفي أوّل تطبيق لهذا القرار، ضمّ الزمالك اللاعبين السوريين علاء الشبلي، مدافع النفط العراقي، ومؤيد العجان، معارًا من نادي الوحدة السوري لمدة موسمين. كما تعاقد نادي سموحة السكندري مع السوريَّين مؤيد خولي (مدافع) ونصوح النكدلي (مهاجم).
إعادة التمثيل الدبلوماسي
طالب أكثر من 104 شخصيات عامة مصرية الدولة بضرورة إعادة التمثيل الدبلوماسي بين البلدين بشكل كامل؛ فاعتبر مراقبون أن العلاقات الروسية ورفض الثورات العربية دفعا النظام المصري إلى الاستماتة على دعم بشار.
وطالبت هذه الشخصيات في بيان لها أمس الاثنين الدولة المصرية بـ«التنسيق التام مع النظام السوري»، قائلين إنّ قرار قطع العلاقات الذي اتخذته جماعة الإخوان من غير المعقول أو المقبول أن يستمر، مطالبين بالتنسيق التام مع سوريا في الحرب المشتركة ضد قوى الإرهاب وتفعيل اتفاقية الدفاع المشترك بين البلدين.
وانقطعت العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة ودمشق في 28 يونيو 2013، مع الخطاب الأخير للدكتور محمد مرسي قبل يومين من الانقلاب عليه.
تطبيع ممثلين
وعلى المستوى الفني، برز ظهور وفود من الممثلين المصريين إلى سوريا مرتين في ثلاثة شهور.
وتوجه الأحد الماضي وفد من الممثلين المصريين للمشاركة في معرض دمشق الدولي، يرأسهم المخرج عمر عبدالعزيز، والممثلون محمد صبحي وإلهام شاهين، التي زارت سوريا للمرة الثانية، وندى بسيوني.
موافقة رسمية
من جانبه، قال الدكتور أحمد دراج، أستاذ العلوم السياسية، إنّ «مثل هذه الرحلات لا تتم إلا بموافقة الأجهزة الرسمية في الدولة وتحت أعينها، والممثلون الموجودون حاليًا في سوريا حصلوا بالتأكيد على تصريح رسمي للسفر إلى هناك».
وأضاف أنّ «هناك فرقًا بين سفر هؤلاء الممثلين من أجل هدف سياسي وبين ذهابهم في إطار عمل فني، كحضور تكريم أو احتفالية ما»؛ لا سيما وأنّ «النظام المصري يحاول استخدامهم من أجل تأكيد دعمه لنظام بشار».
رعاية مصرية
وأدت مصر دور الراعي لاتفاقات بين سوريا وروسيا؛ ففي الثالث من أغسطس الجاري أعلنت وزارة الدفاع الروسية التوصّل إلى اتفاق في القاهرة لإنشاء منطقة ثالثة لتخفيف التوتر في سوريا شمال مدينة حمص السورية.
ويأتي هذا الاتفاق بعد زمن قصير من رعاية مصر اتفاقًا آخر بين روسيا والمعارضة السورية يخص منطقة الغوطة الشرقية، ضمن خطوات تسلط الضوء على الدور المصري الصاعد في الملف السوري.
وعقدت محادثات في القاهرة في 31 يوليو الماضي بين ممثلي وزارة الدفاع الروسية وفصائل من المعارضة السورية، ووفد رسمي يمثل النظام السوري؛ وتوصل إلى اتفاق لنظام عمل منطقة خفض التصعيد الثالثة، شمالي مدينة حمص.
وتوسطت القاهرة في 22 يوليو الماضي لتوقيع اتفاق هدنة في الغوطة الشرقية، بالتنسيق مع وزارة الدفاع الروسية؛ وتضمن الاتفاق وقف جميع أنواع القتال من الجيش السوري وقوات المعارضة.
زيارات رسمية
ولم تتوقف الزيارات الرسمية بين البلدين في الفترة الماضية؛ كان أبرزها زيارة رئيس مكتب الأمن الوطني السوري «المخابرات» علي مملوك سبع مرات في شهرين فقط.
وأفادت وسائل إعلام بوجود زيارات التقى في بعضها «مملوك» بعبدالفتاح السيسي، ومنها في أغسطس 2015م، ولكن لم تعلن عنها وسائل الإعلام الرسمية؛ إلا أن من بين الزيارات المعلنة له في أكتوبر وديسمبر 2016.